الدريوش يتلقى استدعاء لتمثيل هولندا    عدد وفيات مغاربة فالنسيا بسبب الفيضانات بلغ 5 ضحايا و10 مفقودين    دهس عمدي يوقف 7 أشخاص بالبيضاء    بواسطة برلمانية.. وهبي يلتقي جمعية هيئات المحامين بالمغرب غدا السبت    فعاليات الملتقى الجهوي الثالث للتحسيس بمرض الهيموفيليا المنعقد بتطوان    سانت لوسيا تشيد بالمبادرات الملكية بشأن الساحل والمحيط الأطلسي    منظمات أمازيغية تراسل رئيس الجمهورية الفرنسية حول استثناء تعليم اللغة الأمازيغية    مدافع الوداد جمال حركاس: تمثيل "أسود الأطلس" حلم تحقق        الوسيط يعلن نجاح الوساطة في حل أزمة طلبة الطب والصيدلة    قيود الاتحاد الأوروبي على تحويلات الأموال.. هل تُعرقل تحويلات المغاربة في الخارج؟    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    أكديطال تتجه لتشييد مصحة حديثة بالحسيمة لتقريب الرعاية الصحية    حجوي: 2024 عرفت المصادقة على 216 نصا قانونيا    ابنة أردوغان: تمنيت أن أكون مغربية لأشارك من أسود الأطلس الدفاع عن فلسطين    مواطنون يشتكون من "نقطة سوداء" أمام كلية العلوم بطنجة دون استجابة من السلطات    افتتاح الدورة 25 لمهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بإفران    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    الحجوي: ارتفاع التمويلات الأجنبية للجمعيات بقيمة 800 مليون درهم في 2024    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر        كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف            تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.





“لرصاد” مجموعة غنائية تحمل إسما دالا في العمق على الرغبة في تغيير الواقع المعاش والصمود والتمرد في وجه الجشع المجتمعاتي. “لرصاد” فرقة عرفت كيف تكتسب قوتها من خلال ارتباطها بباطن الأحياء الهامشية…إنها جوهرة من ألمع التجارب الغنائية الملتزمة التي نهلت من معين الفن النبيل، كما أسست لنفسها مكانة متألقة ومتميزة في صفوف الطليعة المثقفة ولامست النجومية على الصعيدين الوطني والعربي. ولما نتحدث عن “لرصاد” فإننا لا نكتفي فقط ببصمات طيبة في مشهدنا الموسيقي، بل نستحضر فكرا وإبداعا ونضالا وسموا وترفعا عن السقوط في الحضيض الغنائي والمصلحة الشخصية. وهذا ليس غريبا عن “لرصاد” مادام أفرادها يعشقون الظل ولهم مبادئ وقيم متعالية وواعون بالمسؤولية الملقاة على كاهلهم.
هاته المجموعة الغنائية التي لمع نجمها ابتداء من نهاية السبعينيات (وردد المغاربة عن ظهر قلب باقة من أغانيها) كانت أول صرختها من حي القصبة العتيق بمراكش – المدينة الحالمة التي أبت إلا أن تكون دوما معقلا لفنانين كبار وأصحاب أسماء وازنة في مشهدنا الفني الوطني!!! أولى أعمال المجموعة كان شريط “ركبت على النجوم”، تلته إصدارات أخرى ذات صدى طيب مثل “المنادي”، “لجراح”، “لقدار”، “المشموت”، “الشعوذة”،…إلخ. وقبل شهور (فقط) خلت، أطلت علينا المجموعة من خلال ألبوم جديد عنوانه “دخلوك يا مراكش” وهو بالتحديد صرخة لواقع مزري استشعره أهل الحمراء في ظل التحولات السوسيو اقتصادية والعقارية الكبرى التي غيرت من مجرى حياة مدينتهم.
“لرصاد” عرفت كيف تعانق جمهورا متعطشا ومتوهجا إلى سماع قصائد أكثر صدقا وذات مضامين وجدانية وإنسانية، مستنبطة ومستوحاة من صميم البيئة المغربية. إنه غناء قائم على التعددية التيماتية وملتحم بالواقع، يعالج مواضيع اجتماعية وقومية ودينية وسياسية بالغة الأهمية، كتدهور الوضع المعيشي لبعض فئات المجتمع واكتوائها بنار الحرمان وسنوات الرصاص وإختلال موازين القوى الدولية ثم غلبة منطق العنف بدل ثقافة الحوار والتواصل… “لرصاد” أدت أيضا مقاطع عاطفية وتوعوية قل نظيرها وغاية في الروعة.
من جانب آخر، ف”لرصاد” هي ريبرتوار فائض بالكوكتيلات الجميلة ومدرسة نموذجية في الغناء تحاكي التيار الغيواني الذي عمل على مغربة المنتوج الموسيقي – بعيدا عن أي تقليد للمنتوج شرق أوسطي- وهذا ما منح الفرقة أكثر حب وتقدير الجمهور. “لرصاد” مجموعة زاوجت بين استعمال العربية الفصحى والدارجة العامية، كما أبلغت رسالتها الواضحة المعالم بلغة أنيقة، منتقاة بدقة، جد معبرة، ومليئة بالكلمات الدافئة والمرصعة بالرموز والدلالات، ذات الشحنة السميائية والبلاغية الوافرة، والحاملة للمعنى إلى أبعد الحدود. هاته الأشعار أغلبها من تأليف زجالين رائعين كميلود الرميقي ومحمد شهرمان، اللذين دأبوا دوما على كتابة نصوصهم بحساسية مفرطة وطاقة إبداعية وهاجة، دون أن ننسى استعارتهم في كثير من الأحيان لعناصر الطبيعة. لهدا لم يكن من باب الغرابة أن يطل علينا الزجال محمد شهرمان قبل عام ونيف كضيف في إحدى حلقات برنامج “نوستالجيا ” بالقناة الثانية.
بدورها فإيقاعات وألحان “لرصاد” تبدو كخليط من الألوان الموسيقية الحزينة والحماسية، ذات المفعول السحري الموقظ للأوجاع وللأحاسيس، والمضمدة مؤقتا لجراح شريحة واسعة من المستمعين. على صعيد الأدوات الموسيقية وبما أن الفرقة قد سارت على خطى مجموعة “لمشاهب”، ف”لرصاد” تعتمد على آلات من قبل المندولين، ذات الرنات المثيرة والجذابة. وفي هذا الإطار نؤكد أيضا على أن “لرصاد” قد أبدعت وأطربت وشنفت مرارا أسماعنا بتقاسيم شذية جميلة على آلة المندولين، وفي مناسبة عدة.
وعلى غرار معظم المجموعات الغيوانية “كإزنزارن” و”ناس الغيوان”، “فلرصاد” (ورغم صمودها العتيد)لم تسلم بدورها من عدوى التفرقة العابثة بأفرادها. هذا زيادة على بطش القراصنة أمثال إحدى المغنيات الجزائريات والمطرب المصري محمد منير، الذي قام سنة 1999 بقرصنة أغنيتهم الرائعة والتي يتغنى بها عشاق المجموعة “حكمت لقدار”. هذه القطعة سجلتها الفرقة بأستوديو صوت الربيع سنة 1986، وهي من تأليف الزجال الرائع ميلود الرميقي وتلحين المجموعة التي كانت متكونة أنداك من الأفراد التاليين: محمد الغرباوي، حسن جاليلي، حسن زرابة وعبد المجيد حراب. ويبقى التساؤل كيف لقطعة موسيقية تتعرض للقرصنة وهي تقع في شريط يحمل عبارة جميع حقوق التأليف محفوظة؟؟؟ وفي شان مشابه، وبما أن “لرصاد” رفضت مند صرختها الأولى الإنصياع لفلسفة “العام زين” فقد ظلت ولأمد طويل عرضة للحيف والتهميش والإقصاء الإعلامي القسري. وهذا ما يثبته جليا غيابها عن استوديوهات الإذاعات الأثيرية وبلاتوهات التلفزيون بدار البريهي وعين الشق، دون أن ننسى تضييق الخناق عليها بالمهرجانات الفنية – الغارقة من الرأس حتى أخمص القدمين في المحسوبية والزبونية والفوارق الطبقية.
ففي هذا الزمان الرديء الشاهد على طغيان الضوضاء الموسيقية مقابل ثروات طائلة نطالب من قيمي الثقافة والمجتمع المدني بشمال المغرب أن يثمنوا أعمال هذه المجموعة ويعيدوا لها الإعتبار المعنوي، ولو بإستدعائها من حين لآخر للمشاركة في أنشطتهم الفنية. و إن فعلوا هذا فسيكون الأمر مشكورا…لسبب بسيط وهو أن شمال المغرب يوجد به جمهور عريض ومخلص للرصاد ويحلو له أن تطل عليه يوما ومباشرة هذه الفرقة فوق إحدى خشبات مسارح المنطقة. وبإختصار، ففرقة “لرصاد” التي لن ينساها المغاربة هي أشبه بمسيرة غنائية متوهجة كلمة ولحنا وعزفا. وعليه صح قول الصحفي والمبدع أحمد مغارة حينما قال في أحد تدخلاته بأن إتقان العمل هو في صميم الواقع إخلاص للوطن.
بقلم: هيسور منير (تطوان)
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.