لماذا مهرجان أغنية المجموعات؟ بعد تأسيس الفدرالية الوطنية المغربية للفنون والآداب قام مكتبها المسير بدراسة متأنية لواقع الإبداع بالمغرب، فوجدنا أن هذا الإبداع في تراجع مستمر؛ خصوصا في ميدان الأغنية على حساب نوع رخيص من الأغاني التي تمج الذوق والحس الجمالي وتفتقد إلى أدنى شروط الإبداع، ومنه حال أغنية المجموعات التي شهدت تألقا منقطع النظير في أواخر الستينيات وفي فترة السبعينيات والثمانينيات، وحتى التسعينيات من القرن الماضي، نظرا لما تحمله في طياتها من معالجة لهموم المواطن المغربي والعربي وهموم الأمة الإسلامية برمتها. غير أنه مع توالي السنين بدأت هاته الأغنية تضمحل وتنسحب في صمت لفائدة كل غريب هجين دخيل. فارتأينا أن نؤسس لهذا المهرجان إسهاما منا في إحياء هاته الظاهرة التي بدأ يصيبها الركود والفتور، كما توخينا أن يكون هذا المهرجان ملتقى لتدارس المشاكل التي يتخبط فيها مبدعو هذا اللون الغنائي، وفرصة للوقوف على جديد هاته الفرق، وكذا آفاقها المستقبلية، في أفق تعميم هذا المهرجان على باقي المدن المغربية لتعود للظاهرة قوتها ورونقها. لماذا تكريم مجموعة لرصاد؟ لأنها من أفضل المجموعات المغربية، والتي نبغت من المدينة الحمراء، وفي نفس الوقت لأنها المجموعة الأكثر إقصاء من الناحية الإعلامية، فيكفينا أن نعلم أن مجموعة لرصاد التي تأسست في أوائل السبعينيات تحت اسم العشاق وبعدها مجموعة لرصاد هي من يملك أكبر ريبرتوار غنائي بالمغرب بأزيد من 170 أغنية، تتوزع على 24 ألبوما، ولأنها ملتصقة بهموم الإنسان بحس جمالي، ولأنها تشكل مدرسة غنائية متميزة استطاعت أن تقتحم قلوب الملايين من عشاق هذا اللون الغنائي، فاختيارنا لمجموعة لرصاد هو اختيار للذوق الرفيع، واختيار للأصالة المنبعثة من الحس الجمالي المتدفق إنسانية وإبداعا. وما يجعلنا نزيد احتراما لهاته المجموعة أنها بالرغم من الإقصاء والتهميش الذي طالها فقد بقيت صامدة أمام العواصف الهوجاء، فلم تبدل ولم تغير من نهجها، وهذا وحده يجعلنا نفتخر بمجموعة لرصاد ونكرمها في هذا المهرجان الوطني. هل الاهتمام بمجموعة لرصاد يدخل في إطار الاهتمام بالأغنية الملتزمة؟ الاهتمام بمجموعة لرصاد هو اهتمام بالأغنية السليمة التي لا تتصادم مع الفطرة النقية الصافية، والاهتمام بمجموعة لرصاد هو اهتمام بالكينونة الإبداعية لهويتنا الحضارية، فمجموعة لرصاد التي استطاعت أن تخاطب العالم حاملة هموم الإنسان المغربي والعربي والإسلامي والإفريقي هي نفسها مجموعة لرصاد التي تغنت لمكافحة داء السيدا الذي يفتك بالإنسان، وهي نفسها التي تغنت بهموم القارة الإفريقية، وهي نفسها التي أخذتها الغيرة على رسول الله في مسألة الكاريكاتير المسيء للحبيب، وهي من تغنت بالوطن المغربي وبرايته العالية المرفرفة، فتجد مجموعة لرصاد حاضرة في كل ما يعتمل من خلجات ومن هموم وطنية وإنسانية وعربية وإسلامية وإنسانية ، كل ذلك في قالب فني وجمالي بديع.