قبل أيام، احتفل العالم ومعه المغرب بمناسبة “فاتح ماي” أو “عيد الشغل” أو “عيد العمال” وبالنسبة لي و للكثيرين أمثالي، اللذين لا ينضوون تحت أي تنظيم نقابي ولا ينتمون إلى أي لون سياسي، لا يعدو أن يكون هذا اليوم مجرد يوم عطلة نستريح فيه، و هذه السنة فعلا تصادفت المناسبة بعطلة نهاية الأسبوع ولم تخرج عن نطاق الاستجمام، و شخصيا استغليتها مناسبة زرت فيها بعض الأقارب، نتمنى أن يجعل الله تلك الخطوات في ميزان الحسنات. كان علي وعلى أشباهي أن نتوجه ونشارك بكثافة في التظاهرات التي تقام بهذه المناسبة ونساهم في إسماع أصواتنا للمسؤولين وإجبارهم على تحسين وضعيتنا وإعطائنا حقوقنا كاملة غير منقوصة، لكن شتان بين ما يجب أن يكون وما هو كائن على أرض الواقع. كيف المشاركة في العمل النقابي ما دامت النقابات فاقدة للمصداقية والشرعية الشعبية، وأصبحت مسجلة بأسماء زعمائها الذين آمنوا بالقيادة الأبدية، شأنهم في ذلك شأن رفاقهم في الزعامات الحزبية، وكأن هذه البلاد السعيدة لم تلد لهم نظيرا، وأغلبهم لا ينوي التنازل عن العلاقة الغرامية التي تجمعه بكرسي الزعامة منذ أزيد من عقدين من الزمن أو ثلاثة عقود؟ ما الذي يدعو إلى المشاركة وبعض الزعماء، والذي كان مفروضا فيهم أن يدافعوا عن العمال، فمنهم من يرسلون إليهم ذريتهم كي تدهسهم بالسيارات، و الذنب الوحيد الذي اقترفوه هؤلاء هو أنهم طالبوا بحقوقهم؟ ما هو الحافز الذي يدعو إلى المشاركة في ظل هذه الظروف التي أصبحت فيها النقابات مجرد آلات يستعملها الأحزاب للي دروع بعضها البعض، بعيدا عن مصلحة الطبقة الشغيلة، هذه المصلحة التي تصبح في مهب الريح في إطار الصراعات الحزبية فتصبح المصلحة فقط شعارات تردد على المسامع في كل مناسبة. هذه السنة، ومن بين المفارقات فعلا، هو أنه في يوم الاحتفال بعيد الشغل، وعلى بعد أمتار من مظاهرات إحدى النقابات، وعلى إيقاع الشعارات والخطابات الرنانة، والتي أصبحت مركونة في مخيلة النقابيين يستخرجونها كي ينفضوا عنها الغبار كلما دعت الضرورة إلى ذلك، كان هناك عمال منهمكون في العمل كأنهم غير معنيين بذلك الاحتفال، وربما كانوا في نفوسهم يرددون مع الجموع شعاراتهم لألحانها الجميلة، لكنهم سيكونون مقتنعين تمام الاقتناع أن تلك “الأغاني” فارغة تماما، ما دام لا شيء من ذلك منحهم كغيرهم فرصة الاستفادة من يوم عطلة احتفالا بعيدهم، و ما بالك بالحقوق أو شيء من هذا القبيل، لكن ربما أولئك لا يدخلون في صنف العمال. كل سنة و أنتم بصحة جيدة أيها العمال، وندعو الله أن نجد من يدافع عن حقوقنا المهضومة.