عبد الحليم: 21 سنة، أصغر منك بسنتين، ما رأيك؟. إيجا: أمر عادي، لكن من كلامك تبدوا شابا يافعا، وعقلك يبدو عقل رجل في الأربعينيات. عبد الحليم: شكرا على المجاملة، هل أنهي المكالمة لأتصل بك أنا، فحديثنا طويل وربما ستنتهي لك التعبئة. إيجا: بصراحة هاتفي هذا ليس لي، بل لأولئك الناس الذين أشتغل معهم، فهو يتوفر على الاشتراك، هواتف العائلة كلها، لأنهم رجال أعمال ولديهم شركة في الحي بالمدينة. عبد الحليم: إذن سأسبب لك المشاكل؟. إيجا: لا لا فقط دعنا نتعرف، لأنهم يعاملونني كابنتهم. عبد الحليم: التعارف ليس في الهاتف، ألا ترين أن اللقاء أفضل من هذا؟. إيجا: إتقي الله يا هذا، فأنت في رمضان. عبد الحليم: لماذا هذا الشك المريب؟، هل طلبت منك شيئا غير التعارف؟، وهل التعارف يفسد رمضان؟ لكن فتيات هذا العصر دائما ينظرن للأمور كلها بعين خبيثة. إيجا: لا لا والله فقط أمر غير عادي بالنسبة إلي. عبد الحليم: صراحة هذا الأسبوع سأسافر لقضاء غرض ما خارج المدينة، لكن بعد العودة أكيد أنني سألتقي بك للتعرف أكثر. إيجا: لكن هل ستبقى تذكرني أثناء سفرك، أم النسيان من قاعدة البشر؟. عبد الحليم: سأتذكرك في الخيال. لم أراك بعد من سأتذكر؟. إيجا: سأفعل شيئا من أجل أن لا تنساني، سأتصل بك كل يوم للبقاء في ذاكرتك ريثما تعود، صراحة أود أن أراك غدا مساء لكن للأسف. عبد الحليم: شكرا. أنا أيضا أريد أن أراك، لكن ندع اللقاء مرة أخرى. إيجا: حسنا، سأنهي المكالمة لأهيئ وجبة العشاء. عبد الحليم: شكرا على الاتصال، مع السلامة. إيجا: تحياتي، إلى موعد أخر. موعد مع الحبيبة وموعد السفر، من يختار؟؟. انقطع الاتصال بينهما وخرج عبد الحليم لاستكمال التنزه في حديقة الحي ويفكر من سيختار؟، السفر أم البقاء للقاء الحبيبة؟ ربما السفر أفضل والعودة بعده ستكون أحلى، في الحديقة التقى عبد الحليم مع صديقيه عبد الهادي وعبد العالي، تنزهوا قليلا ورافقهما لبيته، في الطريق اشتروا بعض الحلويات والمشروبات الغازية ولعبة الورق، أو ما يسمى “لكارطا”، بعد وصولهم للبيت جلسوا يتحدثون حكى عبد الحليم قصته مع إيجا، وآخران كل واحد حكى حكايته، تحدثوا في كل شيء العشق السياسة الدين وأمور أخرى كالرياضة وهم غارقون في اللعب، انتهوا منه ويشاهدون التلفاز وتارة يبحرون في الشبكة العنكبوتية إلى أن حان موعد وجبة السحور. بعد وجبة السحور….الصلاة…ثم النوم. أكلوا مما رزقهم الله من الطيبات، وتوضئوا متوجهين لمسجد الحي لأداء صلاة الصبح، وبعدها أنصرف كل واحد إلى حال سبيله وعبد الحليم عاد للنوم لساعات قليلة، استسلم للنوم من الصباح إلى الزوال، استيقظ من نومه وجد رسالة قصيرة SMS بهاتفه قادمة من سيدة الأمس تتمنى له فيها طريق السلامة وعودة موفقة، رد هو الآخر واعتذر بكونه أجل السفر إلى ما بعد صلاة الظهر. موعد السفر وحزم الأمتعة. موعد السفر قد اقترب وحزم حقيبته، صلى صلاة العصر في بيته وحمل حقيبته فوق ظهره والملتقى المحطة الطرقية، في الثانية بعد الزوال انطلقت به الحافلة واستعد الاستسلام للنوم ليستريح قليلا، لكن لم يفعل بعد حتى رن هاتفه، أجاب عن المكالمة إذا بإيجا وبابتسامة تقول له، أنا من جديد، اعتذر عن الانزعاج، رد عليها بكلمة شكرا عن الاتصال ودارت دردشة قصيرة بينهما، ودعت له بالطريق السلامة وبالسفر السعيد وعودة سريعة سالمة. موعد الإفطار، والطريق لازال طويل. بمركز قروي وقفت الحافلة جانب الطريق بعد اقتراب موعد أذان المغرب، نزل الركاب لتناول وجبة الفطور، وبعد ساعة إلا ربع انطلقت الرحلة من جديد، وهناك استسلم للنوم بعدما اتصل بصديقه أحمد ليخبره أنه قد اقترب من الوصول. تسير الحافلة لساعات ووصلت إلى محطتها الطرقية، اتصل بصديقه أحمد ليخبره بوجوده في مدينته بالمحطة الطرقية، رحب به أحمد عبر الهاتف وطلبه بالانتظار لحظات قليلة. في المقهى عبد الحليم ينتظر صديقه. لحظة قصيرة أتى أحمد ووجد عبد الحليم ينتظره بمقهى جوار المحطة وهو يحتسي فنجان قهوة، جلس هو الأخر وطلب كأس عصير، جلسا يتصفحان ويتحدثان عن ذكرياتهما، إذا بهاتف عبد الحليم يرن من جديد في منتصف الليل، استغرب صديقه عن المكالمة في هذا الوقت المتأخر من الليل. أجاب وطلب من المتصلة أن تمهله إلى الغد ريثما ينهي حديثه مع صديقه ويستريح من تعب السفر، طلب تقبلته إيجا بسعة صدرها وطلبت منه العودة السريعة وقطعت مكالمتها. مباشرة بعد ذلك سيحكي عبد الحليم لصديقه واقعة الأمس، ضحك أحمد من الحكاية قليلا مستهزئا منهما معتبرا قصتهما عبارة عن الحلم في اليقظة أو مجرد مرض بالحمى “طلعات ليهم السخانا بالدارجة تمغريبيت”. دخلا صلب الموضوع وطلبه أحمد بعدما علم بإسرارهما بعدم إكمال هذه المسيرة بل يجب إنهائها اليوم قبل غد، فالإعجاب الخيالي قد يأتي لا محالة بما لا تحمد عقباه، لكن عبد الحليم “راسوا قاصح” مصر على البقاء ليتعرف بحبيبة “نمرا غلط”، وقال: الصدفة خير من ألف ميعاد، وعلاقة الصدفة قد تكون أحسن من ألف علاقة مدبرة.