يعتبر الفنان الأمازيغي أحمد بادوج من الفنانين الذين اهتموا بالمسرح الأمازيغي وأفلام الفيديو منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي، كان ذلك في إطار جمعية تيفاوين بمدينة أكادير، هذه الجمعية التي أسسها وترأسها الاستاذ الحسين بيزكارن سنة 1985، تتوفر في ريبيرتوارها الفني على الكثير من الأعمال المسرحية والسينمائية التي تحمل توقيع وبصمة السيد بادوج على مستوى التأليف أو التمثيل أو الإخراج. أجرى الحوار: سعيد الكرتاح – نبراس الشباب([email protected]). في البداية نود ورقة تعريفية عن أحمد بادوج وكيف هي بداية مسيرتك الفنية؟ أحمد بادوج فنان أمازيغي مغربي من مواليد 1950 بمسكينة قرية إفرخس. مسيرتي الفنية لديها تاريخ يأبى النسيان، ففي سن العاشرة بدل السابعة التحقت بالمدرسة الابتدائية، تابعت دراستي إلى الرابعة إعدادي وانقطعت عنها لظروف مادية صعبة نتيجة مرض ألمَ بوالدي لم يعد يستطيع تحمل مصاريف الدراسة، بعد ذلك ولجت عالم الشغل كصباغ لأجل مساعدة أسرتي الفقيرة، ثم ميكانيكي في المحركات الكهربائية حتى اكتسبت خبرة كبيرة وقررت أن أبحث عن محل أكتريه في المدينة لأعتمد على نفسي. أتاحت لي الفرصة بمدينة إنزكان حتى أعمل هناك، وبالمناسبة تعرفت على جمعية تسمى (كوميديانا) للمسرح، إلتحقت بها كمنخرط وناضلت بها إلى أن أصبحت عضوا فيها. الجمعية كان يترأسها الأستاذ الكبير بوضور حسان، وهو المسرحي الوحيد الدخل المسرح بالعربية لمدينة إنزكان. عملت معه في المسرح بالعربية (الدارجة)، واستفدت منه الكثير، وكنا حين يغيب المخرج آنذاك، نحاول أنا والمرحوم محمد برغا والحسن أيت براهيم، ومحمد شنافي أن نقوم بترجمة المسرحية للأمازيغية، إلا أنه ذات يوم، دخل علينا فجأة ونحن نمثل بالأمازيغية، ورفض تقبل الأمر، أحسست بتحقير الأمازيغية، مما دفعني للتساؤل لماذا لا يعرض المسرح بالأمازيغية؟ أحمد بادوج درس الفن أم دخله من الباب الخلفي؟ بعد انخراطي في تلك الجمعية بدأت أقرأ المسرح وأمارس الموهبة. سنة 1978 أسست فرقة “أمنار” وسنة 1985 أسست جمعية “تيفاوين للتراث الأصيل” ما مصيرهما؟ أمنار، جمعية بلا وصل قانوني، هي فرقة تنشط في الأعراس والحفلات وفي المناسبات الوطنية وبعض المهرجانات، ومن خلال تلك الأنشطة تلقينا الجمهور الذي تعامل معنا وأحبنا كثيرا وبسببه فكرت في تكوين جمعية قانونية “تيفاوين” وكان رئيسها الحسين بيزكارن. ما مصيرهما؟ سعيد لكرتاح عضو فريق عمل نبراس الشباب والفنان الأمازيغي أحمد بادوج سؤال صعب الجواب عليه، لأن حل جمعية “تفاوين” فيها غموض نوع ما. كيف هذا الغموض؟ من كان سببا في حلها هو الذي يعرف ذلك. من هو؟ لا لا لاأعرفه، أنا فقط ضحية. ضحية من؟؟ ضحية مجهود كبير نبنيه رفقة الأصدقاء مدة طويلة. هل تفكر في تأسيس جمعية ثقافية أخرى؟ أسست جمعية إسمها “جمعية تفاوين للمسرح والتنشيط” سنة 1997، لكن الجمعية بدأت تتخبط في مشاكل عديدة نتيجة عدم الاهتمام بها من طرف المسؤولين من قضية الدعم كباقي الجمعيات، ولم أتلقى الدعم من طرف وزارة الثقافة، زيادة على ذلك تكلفة المصاريف بما فيها كراء للمقر بثمن باهض منذ سنة 1986، مقر أعتبره مكان مقدس ولا أريد أن أتخلى عنه، لأنني تربيت فيه وكأنه مدرسة عتيقة، تربى فيه أجيال بارزة إلى حد الآن في ساحة الفن والمسرح الأمازيغي. قبل 3 أشهر فقط أديت واجب الكراء 14000 درهم، والآن يلزمني أداء واجب الكراء لمدة 3 أشهر الماضية، بل أن هذا الأمر جلب علي دعوة قضائية لعدم أداء واجب الكراء، وأكرر ثانية أني لم أتلقى الدعم من طرف أي شخص. حصلت على بطاقة مهنية للمخرج من المركز السينمائي المغربي، في أي سنة ذلك؟؟ كان ذلك سنة 2004، وللإشارة أن تلك البطاقة لم أحصل عليها بسهولة، بل في بداية الأمر أنا شخص عنيد، وذات مرة كتبت مسرحية سميتها (تاكوضي) خرجنا لنقوم بها في جولة وللأسف لم نتلقى تجاوبا من الجمهور، لأن الجمهور آنذاك قليل، وفشلنا في تلك القافلة التي نظمناها وانطلقنا بها من مدينة أكادير ثم الدارالبيضاء والرباط، وبعد ذلك توجهت للتلفزة المغربية قصد أن تقوم بدعاية للمسرحية، لكنهم طلبوا ثمنا باهظا، إلى درجة أنهم قالو لي كلمة جرحتني كثيرا وآلمتني. ماذا قالوا لك؟ لا أريد أن أقوله، دع ذلك يمر، لأنني أخشى من الانتقام، المهم الأمر الذي جعلني أتراجع عن المسرح ونبحث عن كيفية أخرى كي أستمر. لذلك حاولت أن أحول تلك المسرحية لفيلم، نجحت الفكرة وكانت بداية سعيدة وفتحت لي المجال لإنشاء أعمال أخرى (تيتي وضان- أجميل لغرض- تزيت ونغا- يات اور ترواس يات- الخ....... وحين صورت فيلم (تكوضي)، نظمت أحد الجمعيات بمنطقة “تكوين” البعيدة من أكادير 10 كلمترات، مهرجانا ثقافيا ثم عرض الفيلم، وطرح للمناقشة، وهنا تدخل بعض المتدخلين قائلا: (بادوج حسن ليه الثمثيل أما الإخراج إخليه لماليه حيث الإخراج بغا الدراسة والتكوين)، جملة جرحت قلبي وأحسست بضعف في شخصيتي، لكن في الوقت ذاته اعتبرتها نصيحة لي لتفادي الأخطاء، من هناك بذلت مجهودا كبيرا أبحث عن الإخراج، اتصلت بمدرسة educatel سنة 1996. مدرسة متخصصة في التقنيات السينمائية والإخراج، رغم أن الإخراج شئ لا تراه العين، فإن المدرسة فقط تساعدك للبحث عن الإخراج وتقنياته، أما الإخراج فهو إبداع يختلف من مخرج لآخر. هل أنت راض عن مستوى السينما الأمازيغية؟ لا، أولا لأن هناك عراقيل تواجه المنتج، منها مرض أو فيروس إن صح التعبير الذي هو القرصنة يجعل المنتج لا يقوم بأعمال في المستوى ويجعلنا نحن كمخرجين نرى الرداءة في منتوجاتنا ويجعل الممثل الأمازيغي يعمل مقابل 1000 درهم لمدة 15 يوما، وذلك يجعلنا كمخرجين ضمن قائمة العاطلين، لآن المنتج لا يستطيع أن يؤدي مبلغ باهض والقرصنة تهدد إنتاجاته. ألا ترى أن انعدام الكفاءة البشرية سبب تدهور السينما الأمازيغية؟ ممكن أن أقول ذلك، ولكن نعود لنفس السبب، وأرى شخصيا كمخرج أن عدد من الأفلام الذين يعرضون عبر المهرجانات لايستحقون العرض، وهناك من جهة أخرى أن عدد من الجماهير وكذا منظمي المهرجانات لا يعرفون عدد الأفلام التي نزلت للسوق الفني، في غالب الأحيان يسألونني ما الجديد؟، وحين أقول لهم هل شهدتم فلم كذا وكذا ويقولون لا، وأغلبية المنظمين لا يعرفون الأفلام الأمازيغية. لم تجبني على السؤال حول الكفاءة البشرية؟ القرصنة هي العدو الأكبر للمنتج والمخرج معا، لأن بدل أن تجلب فنان محترف ويطلب دور مقابل 8000 درهم، ممكن أن تستعين بأربعة فنانين بسطاء يؤدون نفس الدور مقابل 1000 درهم للواحد، لأن أفلامنا لا تتعدى في المبيعات غالب الأحيان 10000 نسخة. إذن بمكن أن نقول أن السينما الأمازيغية كسوق أسبوعي يدخلها من هب ودب؟ صحيح، لو كان هناك أفلام في المستوى فلن تكون هذه الفوضى، وليكون الفلم الأمازيغي في المستوى المطلوب ضروري من الدعم، ولا يعقل أن ينتج الفيلم بمبلغ 30 ألف درهم. يتبع في الجزء الأخير من الحوار أحمد بادوج يكشف ل نبراس الشباب: الفنانة الزاهية الزاهيري كانت تعمل في المقاهي.