أكثر من مرةٍ أصادفُ مشهدَ أطباءٍ في أفلامٍ أجنبية، داخل غرفة العمليات، يحاولون بكل ما أوتوا من إخلاصٍ وإتقانٍ وغايةٍ، أن يُنْقذوا المريضَ الذي يعالجونه، ويُجْرون له العملية، وغالباً، ما أشاهدُ الأطباء والممرضات المساعدات، ينظرون إلى بعضهم بعضاً في قلقٍ وتوتُّرٍ، والطبيب المشرف على العملية يتصبَّبُ عرقاً، وممرضة تمسحُ عرقَه بحنانٍ، وفي النهايةِ ترتسمُ الابتساماتُ على شفاه الجميع؛ فالعملية نجحت، والخطرُ زالَ، والمريضُ سيعودُ إلى أهله الذين ينتظرون خارج الغرفة. ذات فيلمٍ، تابعْتُ عمليةً لطاقمٍ من الأطباءِ، أنقذوا شخْصاً لم يكن مُصاباً بمرضٍ خطيرٍ، لكن هو من أقدمَ على قتل نفسه، بعد أن تناولَ كميَّةً كبيرةً من أقراصٍ مُميتَةٍ، والمريضُ كان يُصِرُّ على الموتِ، بينما الأطباء كانوا يستميتون في عودته إلى الحياةِ، ونجحَ الأطباءُ، وهلَّلوا فرحين لأنهم أنقذوا المنتحِرَ! في بلادنا السعيدة، قد يذهبُ مريضٌ يشكو من أنْفِه، فيخبره طبيبٌ أنه ينبغي أن يفتحَ قلْبَه، أو يزيلَ إحدى كلْيَتَيْه، وأعرفُ امرأةً كان أنفُها يسيلُ دماً، وذهبت إلى طبيب مختصٍّ، فصوَّرَ لها أهوالاً وويلاتٍ، واضطرَّها إلى أن تنفق مالاً كثيراً، وكادَ أن يجري لها عمليَّةً جراحيَّةً، لولا الصدفة، فقد كشف عنها طبيبٌ آخر شابٌّ، ووصف لها دواءً بسيطاً، فشفيت، وكادت تتعرضُ لمذبحةٍ لولا لُطْف الله سبحانه! قد تقولون إنَّ هذا يوجدُ في الأفلام فقط، أما في الواقع فالعكسُ هو الموجودُ، وأقول لكم في واقعنا نحن العرب والمسلمين، أما في واقع الغرب فالأطباءُ يقومون بواجبهم وزيادة، وكثيرون من أبناء جلدتنا حكوْا لنا عن مستوى الخدمات الطبية التي يقدمها الأجانب، ونوع التعامل الإنساني الجميل الذي يلقونه من الأطباء والممرضين والممرضات، والعناية الفائقة التي يجدونها في المستشفيات، أولها النظافة وآخرها المساعدات المالية! ونحنُ حين نشاهدُ في أفلامنا أحداً يدخلُ إلى غرفة العمليات، وننتظرُ مع أهلِه لدقائق، نرى الطبيبَ يخرجُ، ونسمعُه يقول: (البقية في حياتكم)! هذا في الأفلام.. أما في الواقع.. فإنَّ لا أحد منَّا يرى طبيباً، أو يسمع تعزيَةً.. وإنما يرى فواتير عليه أن يسدِّدَها، ويبحث عن سيارةٍ خصوصية تنقلُ المرحوم أو المرحومة إلى مقبرةٍ!