أسدلت غرفة الجنايات باستئنافية الناظور، أخيرا، الستار عن ملف مثير توبع فيه متهم من أجل احتجاز والدته التي تعاني مضاعفات نفسية لعدة سنوات وقضت في حقه بسنة حبسا نافذا. واقتنعت هيأة الحكم بغرفة الدرجة الثانية بعد المداولة بالمنسوب إلى الظنين «ع.ه، 66 سنة» وأيدت العقوبة الصادرة في حقه في المرحلة الابتدائية مع تمتيعه بظروف التخفيف القضائية مراعاة لظروفه الاجتماعية والعائلية. ووفق ما استقته «الصباح» من معطيات، توبع المتهم من قبل الوكيل العام من أجل جناية احتجاز امرأة دون أمر السلطات المختصة طبقا للفصل 439 من القانون الجنائي، وأحال ملفه مباشرة على غرفة الجنايات للنظر في المنسوب إليه، وقضى أزيد من شهر رهن الاعتقال الاحتياطي. إلى ذلك، رفضت هيأة الحكم ملتمس الدفاع بالتصريح ببراءة موكله لإنكاره ولانتفاء العناصر التكوينية للجناية المتابع من أجلها، واعتبرت أن ما ارتكبه الظنين من حبس والدته المسنة في وضع غير إنساني حسب المعاينة التي أجرتها الضابطة القضائية يتعين مؤاخذته من أجل تلك الأفعال وعقابه بالحكم سالف الذكر. وتوالت التفاصيل المثيرة في القضية، إذ بعد عرض الملف للمناقشة أحضرت المسنة في إحدى الجلسات إلا أنها كانت تهمهم بكلمات غير مفهومة وتقوم بحركات داخل القاعة، وتعذر بسبب حالتها الصحية تلك الحصول منها على تصريحات، وفارقت الحياة بتزامن مع شروع غرفة الجنائيات الاستئنافية في النظر في القضية.وحسب معطيات الملف، برر المتهم طيلة أطوار التحقيق وأمام الهيأة القضائية قيامه بحبس والدته في غرفة قريبة من منزله بأنها تعاني مرضا عقليا، ويخشى تعرضها للضياع والتيه في حال تركت حرة طليقة، إلا أنه كان يقوم بالاعتناء بها بشكل يومي وينظف مكان نومها. واستنادا إلى مصادر «الصباح، جاء إيقاف المتهم إثر توصل عناصر الدرك الملكي بمركز وكسان بإخبارية من المسماة «ص.ر» أفادت من خلالها أن المدعو «ع.ه» يقطن بدوار ابعلوتن جماعة بني سيدال لوطا يحتجز والدته داخل منزل مهجور لا تتوفر فيه ظروف العيش منذ أزيد من سنتين بدعوى أنها مختلة عقليا. وصرح الظنين في محضر قانوني أنه سبق أن عرض والدته المسنة على مستشفى الأمراض العقلية بمدينة وجدة من أجل الاستشفاء، فاكتفى الأطباء بمنحها مهدئات الأعصاب، إلا أنه أضاع ملفها الطبي، ولم يعد يتوفر على دليل على أقواله. وفي سياق متصل، عاينت مصالح الدرك الملكي المسنة وعليها فضلات ونفايات ورائحة كريهة تنبعث من الغرفة التي توجد بها، وقامت بالتقاط صور لآثار حبسها لمدة طويلة، واستعانت بفحص طبي يفيد أن الضحية تعاني فقط مشاكل اجتماعية ونفسية وليست مختلة عقليا. وعلى ضوء ذلك، اعتبرت الهيأة القضائية في تعليلها للحكم، أنه على افتراض إصابة الضحية بخلل عقلي إلا أن ابنها المتابع لم يودعها مستشفى الأمراض العقلية، وأن احتجازه لها داخل غرفة لم تكن تتوفر على أدنى ظروف العيش وحبسه لها تم دون إذن من السلطات المختصة مما يجعل التهمة ثابتة في حقه.