لقد عرف التاريخ البشري أشكالا مختلفة من الاستعمار , ولكل شكل حيثياته وآلياته التنفيذية , إلا أن هناك آلية لا تجد شكلا استعماريا أغفلها أو تجاهلها , وأقصد بذلك المخطط الأيديولوجي الذ ي يخترق المناطق الحساسة في البنية الاجتماعية للبلد أو المنطقة الموضوعة تحت عيون الرصد الاستعماري , وذلك المخطط غالبا ما يختلس مفاتيحه من الدراسة العميقة لتاريخ وجغرافيا البلد المستهدف من جهة, ومن البنية الاجتماعية والنفسية والتراكمات الثقافية من جهة أخرى , كل ذلك من أجل امتلاك القدرة على احتواء المعيقات المحتملة للإستعمار ومن ثم يعمل على مسخها وتشويهها لتستعمل في إعادة إنتاج آليات تعمل لصالح الدخيل /المستعمر, وهذا ما يسمى'' الأيديولوجية الاستعمارية'' ( راجع : عبد الوهاب الميسري / الأيديولوجية الصهيونية دراسة حالة في علم اجتماع المعلافة / ج 2 / ص149 / سلسلة عالم المعرفة) . ونحن الآن أمام أمام نمط فريد من الاستعمار , دخيل يمارس المسخ الأيديولجي على المعمر والمحلي , أداته في تضليل المحلي هي نفسها المستعملة في تضليل المعمر (= الشعب المهجر نحو البلد المغزو) , ذلك هو الاستعمار الصهيوني الامبريالي الذي عزز تواجده في فلسطين بالتلموذ والتوراة بغية تهجير يهود العالم إلى فلسطين العربية من أجل خلق كيان إسمه " إسرائيلل " على غرار إستمار إحلالي إستيطاني مستعينا في أحايين كثيرة بإرهاب يهود العالم حتى يتم اللجوء إلى" أرض الميعاد " , بإعتماد أساطير يستنكرها التاريخ البشري . 1 إسرائيل أسطرة الحق التاريخي إجمالا يمكن القول :أن دولة إسرائيل اعتمدت في صياغة بنيتها السياسية والاجتماعية على مجموعة من مفاهيم تمنح اليهود حقا في أرض فلسطين .( أرض الميعاد), و ولعل أكثرها حساسية ومسا بسمعة العلم تلك الأسطورة التي تدعي أن لليهود حقا تاريخيا بالمنطقة(فلسطين).... والحقوق التاريخية التي يدعيها اليهود في فلسطين المحتلة حاليا لاتستند إلى حقائق علمية جادة , بل هي مستشفة من التلموذ الذي يشمل أساليب وحشية صنعها بعض اليهودبقصد التعامل بها مع غير اليهود ,ومع أننا لا نملك تاريخا محددا لصياغة هذه الأساليب التلموذية ... وولكننا نعرف كما يعرف العالم أجمع أن الصهاينة يعتمدون التلموذ المصاغ تزييفا في صياغة دولة هي "إسرائيل" , ولقد ظهر وفي كتاب التوراة أن حدود هذا الحق اتسعت من النهر الكبير(الفرات) إلى نهر مصر ( سفر الاعداد 34 4 54 ) (1) م وظهر أن أحلام التوراة لا تنتهي , أما تحقيقها أي تلك الأحلام فإن النص الآتي وهو من التوراة كفيل بتوضيحها " الآن اضرب أمالك أحظر عليه ما يملك لا تترك له شيئا أقتل الكل ارجال والنساء والأطفال والرضع والأبقار والخراف والجمال والحمير'' .(2) هذه هي الحضارة التي أراد الغرب نقلها إلى الشرق الأوسط وهي التي ظهرت في مجازر : دير ياسين كفر قاسم صبرا وشاتيلا جنوبلبنان 2006 وبعد ذلك كارثة قطاع غزة التي لم تنته بعد , ونحن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين (يوليوز 2014) وغير ذلك الكثير الكثير فرادى وجماعات . لكن رغم هذا التعسف على التاريخانية , نفرض جدلا أن هذه الأرض هي الوطن التاريخي لليهود باعتبار أنهم استوطنوا المنطقة قديما " وتعرضوا لغزو الآشوريين والبابليين والرومان , حيث أصبحت فلسطين مملكة تابعة للرومان في عهد هيرودوس ثم أصبحت ولاية رومانية . وبعد ثورتين 80 ق م و132 م ضد الرومان باءتا بالفشل تم تدمير المعبد ( المعبد اليهودي ) وتفرق اليهود على كل شواطئ البحر المتوسط (3) . كثير من المؤرخين اليهود وغير اليهود يقول ذلك فمن أين استقو تلك الحقائق ( يمكن للقارئ أن يبحث الجواب ) وللننتقل من سنة 132 ق م إلى 1897 م حيث عقد مؤتمر بال بسويسرا , ما يزيد عن اربعة عشر قرنا من الزمن, وهي فترة انتشر اليهود خلالها في وسط آسيا (بابل ) وأوروبا وأمريكا وأفريقيا , ليأتي الصهاينة أخيرا ليبدلوا موقع الكرة الأرضية من قرن لآخر وليقولو بأن لليهود حقا في فلسطين , فإذن على سكان أمريكا الشمالية أن يطالبو بحقهم في في أوروبا وليطالب البريطانيون بحقهم في فرنسا ويطالب سكان امريكا اللاتينية بحقهم في شبه جزيرة إيبيريا ويطالب بعض سكان شمال إفريقيا بحقهم في جزيرة العرب ولتعم الفوضى كل العالم ........ وحتى لو سلمنا جدلا بهذه الفوضى التي أسس قواعدها الصهاينة ووراءها الغرب (الديمقراطي الانساني المتحضر) ..... فإن أرض فلسطين كانت معمورة قبل سنة 2000 ق م وهي السنة التي هاجر إبراهيم جد العرب المستعربة المنسوبين إلى إبنه إسماعيل واليهود المنسوبين إلى إبنه إسحاق , وكانت فلسطين مسكونة قبل قبل 3000 ق م كما تدل نصوص إبلا التي أكتشفت سنة 1976 م وفيها " إنه كان في أرض كنعان حضارة " وبعدها تأتي حقبة 2200 1900 (ق م) تتميز بدخول البدو الرحل إلى تلك الأرض (= كنعان ) (4) . وهانحن نرى أنه لاحق تاريخي ولا ديني تتمتع به ''الدولة اليهودية'' ولو أن هناك عددا كبيرا جدا من أببياء بني إسرائيل , فإن كل حقيقة تاريخية كان يمكن أن تحملها نصوص الزبور أو التوراة تتحدث عن بني إسرائيل قد طمست .... فالتوراة صيغت بعدة صيغ مختلفة تبعا لظروف الحاجات المختلفة عند بني إسائيل . وأغرب صيغة فيها هي الصورة التي قولبها الصهاينة والمتوافقة تماما مع المطالب الاستعمارية , ورغم ذلك ''فإسرائيل'' قائمة بحق القانون الدولي' الديمقراطي الإنساني , الذي ينشر الديمقراطية والرحمة عبر ربوع العالم , أنظر مثلا بعض'' دول الربيع العربي '' , والموقف الحالي مع إحراق قطاع غزة ا. 2 إسرائيل : الدين في خدمة الأيديولوجية الصهيونية : اليهودية في خدمة تطور الدولة الصهيونية : لاينكر أحد أم هناك فرق بين اليهودية كدين وبين الصهيونية كعنصرية سياسية عالمية , وبالتالي هناك فرق بين اليهودي والصهيوني اصطلاحا فقط , لأنه يمكن أن نجد صهونيا غير يهودي مثل الصهيوني الألماني : رودلف كانستنز الذي تعامل مع النازيين من أجل إرهاب لليهود خدمة للهجرة اليهودية إلى فلسطين , ونجحت جهوده حينما سمح النازيون عام 1914 بإرسال عدد كبير من اليهود من أحد معسكرات الاعتقال إلى فلسطين (5) ومثل تيودر هرتزل المعروف بإلإلحاد , بل الأغرب من ذلك أن الصهاينة المؤسسين لدولة" إسرائيل" أكثرهم ملحدون لايعترفون بالديانات , ولا تمتلكنا الغرابة كذلك إذا عرفنا أن وايزمان (1764 1952 ) وهو أول رئيس للدولة الصهيونية , إعترف سنة 1927 بان " وعد بلفور كان مبنيا على الهواء " .. " وروي أنه عام 1927 كان يرتعد خشية أن تسأله الحكومة البريطانية عن مدى تأييد اليهود للحركة الصهيونية فهي كانت تعلم " أن اليهود ضدنا (أي ضد الصهاينة )" (6) , لكنهم لم يتجاهلوا بأن مسألة اليهودية كدين سيكون لها دور فعال في التضليل الأيديولوجي , ولقد كتب الحاخام شنيرسون" أن الصهاينة كانوا يرون في التوراة والوصايا العشر مجرد وسائل ملائمة لتقوية الشعور الجماعي "(6) ممل يدل على تفاهة تلك التشكيلة الدينية التي صيغت بها "دولة إسرائيل"حتى تصبح اليهودية منصاعة لخدمة الصهيونية التي تمثلها دولة إسرائيل بالدرجة الأولى, كما يوجد كثير من اليهود يرفضون الصهيونية رفضا باتا لأنهم يدركين خطرها على اليهود وعلى غير اليهود ,وخاصة بعد منتصف القرن العشرين أي بعد ظهور الحركات الاسلامية بمختلف توجهاتها الإخوانية أو الإحيائية المتشددة من جهة , وبعد تطور الفكر التقدمي الحر بشكل جيد حيث تم فضح معالم وأهداف الصهيونية الامبريالية , وكمثال, نذكر منظمة الفهود السود المعروفة بعدائها للصهيونية (7) ,وكذا منضمة السلام الآن . وفضلا عن هذا وذاك هناك يهود صهاينة يشكل أغلبهم حاخامات متعصبون لليهودية والصهيونية في نفس الآن . وهم الأكثر خساسة إذ يعارضون أية خطة سلام مع الفلسطينيين , وهم الذين يشكلون العصب الحسي الحقيقي للحكومة الاسرائيلية الحالية , وهم الذين يصرون على أن القدس عاصمة أبدية "لإسرائيل" ولقد ظهرت بوادر هذه الفئة منذ نشاة الحركة الصهيونية , وبدأت تفرض نفسها بعد انتخابات نوفمبر 1988 . والآن ماتلك الصبغة الدينية لدولة "إسرائيل" ؟ وكيف تخدم تلك الصيغة أفكار بني صهيون ؟ إن "إسرائيل " بهذا الاسم يوحي باسم جدهم يعقوب ابن إسحاق المعروف بإسم "إسرائيل " وهو إسم ورد في التوراة , وإسم الأرض "أرتس إسرائيل" وهي تسمية دينية قومية , وعلم "إسرائيل " أبيض وأزرق وهو لون "الطاليت" أي مكان الصلاة عند اليهود , وتتوسط رايتهم نجمة داوود (= أحد أنبياء بني إسرائيل ) , والبرلمان الذي يجتمع فيه ممثلو الشعب اليهودي يطلق عليه إسم " الكينيسيت" وهم مأخوذ من "بيت هاكينيسيت" وهو إسم المعبد اليهودي , وقد غيرت إسرائيل أسماء المدن والموانئ والقرى الفلسطينية وسميت بأسماء عبرية قديمة ...... لتصبح إسرائيل شيئا أشبه بالمتحف (8) . وإسرائيل إذن رموز صيغت من "عتمة الأعصر السالفة " فكيف يتكيف معها يهوي القرن الواحد والعشرين ؟ أقول : إن اليهودي نفسه وهو المعرض لأجهزة اللإعلام الصهيونية الخطيرة والعميل الأول لهل , بقصد أو بغير قصد , قد وقع في فخ الوعي المعلب باسم الأخلاق السامية والفضيلة فهاجر إلى فلسطين ضنا منه أن له فيها حقوقا تاريخية وتم إجازته من طرف الصهونية بإسم "العالياه" وهم فئة أصحاب المقام الرفيع في الجنة , وهم المثل الأعلى لليهودي الحقيقي إذ هو الذي هاجر إلى "إسرائيل وبقي فيه حتى أدركه الموت أما إذا خرج من الأرض المقدسة ف فإنه يرتكب "الياريداه " اي اليهودي المرتد والذي سقط من الجنة , فمصيره نار جهنم , أما إذا غير رأيه قبل السفر إلى فلسطين فهو من "النشيراه" وهذا تقبل توبته , وخاصة إذا هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية (9) . هكذا يتعرض اليهود أنفسهم لعملية التضليل فيتحول الاعتداء إلى فضيلة , والدولة العلمانية يتحكم فيه حاخامات متعصبون , فقد نشرت داربوان في سنة 1979 ما يلي:" أعظم ما تشقى به إسرائيلا اليوم هو خضوعها لرأي الحاخامات المتعصبين" (10). هذا على المستوى التضليل الديني الاجتماعي والذي ولد بطبيعة الحال أسلوبا سياسيا كان ضمن أهداف المخطط الأيديولجي الذي رسمته "إسرائيل" والذي سوف يفيد كثيرا في جلب اليهود من جهة , وفي جلب أصوات الناخبين اليهود لصالح الأحزاب السياسية المتعصبة (= شاس إسرائيل بيتنا ....) والذي ينتمي إليه اليهود "السفارد" (= اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين من شبه جزيرة إيبيريا أو من شمال إفريقيا أو من الدول العربية ) , وهم يهود من الدرجة الثانية , وفي المقابل هناك يهود "أشكناز " وهم اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين من روسيا وأوروبا وأمريكا ويمثلون حسب رأي البعض التيار المعتدل , وهم من يشكلون "كتلة ليكود" . ولما كان طابع الدولة الصهيونية طابع إستعماري عنصري فإن هذا سينعكس فورا على هذا المجتمع المزدوج وسرعان ما يتحول إلى صراع داخلي في بنية "إسرائيل " لكن الصهاينه وتحت مضلة الغرب والامبريالية الدولية قد وضفت تلك النعرة الداخلية وتم تسخيرها لخدمة أغراض توسعية همجية تم بها إخضاع اليهود شاءوا أم أبوا . من المعلوم أن "دولة إسرائيل" لها تاريخان : تاريخ ما قبل 1947 إعتمد خلاله الكيان الوليد على الدول الامبريالية كمساند عنصري يتخطى ويخترق القواعد الأخلاقية المرتبطة بالحداثة والديمقراطية , وهذ مما لاأتناوله في هذا الموضوع لأن هذه الفترة للكيان الصهوني جزء لاينفصل عن تاريخ الامبريالية الصهونية الدولية ككل . أما التاريخ ما بعد 1947 وهو تاريخ استلامها شهادة كضابط أمن في الشام ودول المحيط , وهو تاريخ بداية التكتيك السياسي النيابي الداخلي , وهذ سيحضى بنصيب في هذا العرض المتواضع . التمثيلية النيابية في خدمة الكيان الصهيوني : تمثل الهجرة إلى "إسرائيل " إحدى الحيثيات التي تلعب الأدوار في تغيير نتائج الانتخابات , ويعتبر اليهود السفارد العصب الحسي في تلك الهجرة فقد وصلت نسبة المهاجرين منهم إلى إسرائيل22 بالمئة من مستوطني إسرائل سنة 1978 ويشكل الأشكناز النسبة الباقية , ومنذ سنة 1948 لم يضم المجلس الوزراء "الاسرائيلي" أكثر من وزيرن من أصل شرقي ('= يهود السفارد) (11) , لكن بعد 1948 بدأ طوفان الهجرة إلى إسرائيل وفي سنة 1974 أصبح عدد المهاجرين الشرقيين (= السفارد)يفوق عدد المهاجرين من أصل أوروبي(= اليهود الأشكناز) علما بأن سنة 1980 كان اليهود السفارد يمثلون نصف سكان "إسرائيل" تقريبا وفي الانتخابات الاسرائيلية 1984 كان اليهود الشرقيون يمثلون نسبة 55 بالمئة من سكان "إسرائيل" ولقد حمل الصهاينة الاسرائيليون على جلب اليهود الشرقيين لأغراض بشعة سقط في فخها المهاجرون , ومنها توظيفهم بأجور زهيدة , كما أنهم بحكم تواجدهم المسبق في أراض يسكنها المسلمون , ولكون هؤلاء كانت لهم معاناة سببتها النعرة الدينية , المتوارثة تاريخيا, بين اليهود والمسلمين منذ البعثة النبوية , وأسبابها يعرفها الكثيرون , لذلك فهم أهون عند الصهاينة عل السقوط في الوعي المعلب من اليهود الأشكناز , خصوصا وأن الصهاينة يعتمدون في مرجعيتهم الأيديولزجية الواردة في التوراة , بخلاف اليهود الأشكناز الذين عاشوا في أوروبا بعد الثورة البورجوازية والذين إنصرف همهم إلى التجارة وفق قوانين الدول الغربية . لذلك فإن هده الطفرة الكبيرة في زيادة السكان إلإسرائيلين من أصل شرقي صاحبتها طفرة أخرى غيرت وجه "إسرائيل " وحولته من كونها "دولة "تنتمي إلى أوروبا ثقافيا وسياسيا واقتصاديا إلى دولة الجيتو اليهودي العنصري من العهد القديم , ولكنه جيتو تمويهي هذه المرة , وطبيعته تتشكل في كون سكان "إسرائيل من أصل إفريقي آسيوي إلى حدود 1970 كانوا يمثلون 20 بالمئة فقط من مقاعد الكينسيت الإسرائيلي التي تحدد مقاعدها في 22 مقعدا , وفي سنة 1971 لم يكن في البرلمان "الاسرائيلي " سوى خمسة بالمئة من مقاعد اليهود الذين هم من أصل شرقي .(12). القوى المتعصبة دينيا تشكل القوة السياسية إن حمى الهجرة إلى فلسطين ولدت كيانات سياسية متعصبة دينيا , ففي سنة 1984 ظهر اليهود الشرقيون وهم متعصبون دينيا كقوة سياسية في " إسرائيل" تحت "كتلة ليكود " بزعامة إسحاق شامير احد أفراد الثالوث الارهابي بعد بيغن وشارون , مشكلين بذلك طرفا منازعا لحزب العمل بزعامة شمعون بيريز , " ومع أن حزب العمل كان يتمتع منفردا بأكثر عدد من المقاعد في " الكينيت لإسرائيلي" , 45 مقعد من أصل 120 (13)فإ ن تحالف ليكود , وبفضل هجرة اليهود السفار التي أشرت إليه سابقا , بلغ 42 مقعدا سنة 1984 وأصبح أكثر قدرة عى تشكليل الحكومة مع ألأحزاب الصغيرة المشبعة هي أيضا بالتعصب الديني واستثمر الصهاينة ذلك فزاد نشوء تيارات متطرفة تدعوا إلى طرد الفلسطينين , وهم الذين يملأون المستعمرات في الضفة الغربية , والتي أ رغمت محمدو عباس بحل مشكل التوتر بينه وبين حركة المقاومة الاسلامية (حماس) , وهذه القوة التي يتميز بها السفارد اليوم , زاد من حدتها الشعور بالنقص الذي يعاني منه اليهود السفارد تجاه الأشكناز الذين قدموا من أوروبا كما أشرت سابقا , فقبل سنة 1984 , لم يكن يشغل اليهود السفارد سوى 9 بالمئة من الوظائف القيادية في الحكومة "الاسرائيلية" (14) , وتصفهم بعض الجرائد "الاسرائيلية بأنهم يتصفون بالقذارة , ويلعبون الورق للحصول على المال , ويشربون الخمر حتى الثمالة , ويزنون , ويعاني الكثير منهم من أمراض العيون " (15) , ويعتبر الأشكناز هم المؤسسون الحقيقيون لدولة إسرائيل , وهذا الشعور بالنقص أدى إلى تصاعد التعصب الديني لصالح التوسع , وقاعدتهم هي : لاسلم ولا تنازل على أي شبر للعرب , نعم للإستيطان والإرهاب . ب وهلم جرا ففي انتخابات نفمبر 1988ظهر التلموذ بحذافيره وكأن الجيتو قد عاد من القديم , حيث أن القوة الانتخابية كانت من نصيب المتطرفين دينيا , وحتى أن شمعون بيريز زعيم" حزب العمل " الذي يميل إلى الليبيرالية الغربية أظهر إستعداده للتفاهم مع مع رجال الدين اليهود . لافرق بين "كتلة ليكود " و"حزب العمل" في الموقف والتعصب. من المعلوم أن إسحاق شامير كإرهابي معروف وأتباعه الحاخامات الذين يضللون المحافظين اليهود كانوايعارضون أي صلح مع الفلسطينيين كما كانوا يدعون إلى إبادة أطفال الحجارة (= الذين أشعلوا الانتفاضيتين الفلسطينيتين اللتان خطط لهما المناضل الفلسطيني المعروف بأبي شهاب )و ومصادرة أراضيهم وممتلكاتهم , ويظهر جليا أنهم من صيغة التلوذ الي يقول " اقتل الكل الرجال والنساء والأطفال والرضع "(= راجع : إسرائيل الصهيوني السياسية / روجي جارودي / ص: 21) .كما يدعون ومنذ خمسينات القرن الماضي إلى زيادة المستوطنات اليهودية في" إسرائيل " , وليس ثمة من شك في أن أنصار" حزب ليكود" المتدينين يحاربون العرب , ولكن ليس لكونهم عرب بل لكونهم مسلمون , ويخوفهم زحف المسلمين نحو القدس,باعتبارها القبلة الأولى للمسلمين , وتستعمل "كتلة ليكود " هذه الحفيظة الدينية لتضخيم الخوف من العرب والدعوة ,باعتبارها القبلة الأولى للمسلمين , وتستعمل "كتلة ليكود " هذه الحفيظة الدينية لتضخيم الخوف من العرب والدعوة لى التكتل ضد هذا " الخطر" أما شامير نفسه (= زعيم كتلة ليكود) , ولكنه صهيونيا إرهابيا فليس همه في المقدسات اليهودية بل همه الارهاب والتوسع لزيادة ترسيخ أقدام "إسرائيل" كجسر للصهيونية الدولية نحو الشرق العربي . ونحن حينما نوضح الأيديولوجية الصهيونية ودورها التوسعي , لايعني أننا نؤيد "حزب العمل بزعامة شمعون بيريز (+ بعض العرب يؤيدون "حزب العمل هذا باعتباره غير متطرف وخصوصا أيام مبارك, فكلما سقط "حزب العمل "في الانتخابات "الاسرائيلية ,تم اعتبالر ذلك نكسة للسلام ) فالهدف واحد هوهو خلق قنطرة للصهيونية الدولية إلى الشرق العربي . ولكن الفرق ينهما هو أن يهود خزب العمل وجلهم من اللأشكناز (=يهود الغرب)يدركون بشكل أو بآخر ,أن فكرة أرض الميعاد ما هي إلا أسطورة , ولقد وجد على حائط دورة مياه للرجال في الجامعة العبرية , عدة مقالات استهزائية ,منها"ليذهب السفارد إلى إسبانيا والإشكناز إلى أوروبا , والعرب إلى الصحراء لنرجع البلد (=أرض فلسطين ) إاى الله فقد منحنا من المتاعب الكفاية حينما وعد بها الجنيع "(16), والهدف من إيراد هذه الطرافة أن اليهود الأشكناز أنفسهم , أدركوا خطر الصهيونية وراحوا ينسجون نكة حول أيديولوجيتها الدينية ,(17). فالصهيونية الدولية تدرك تماما فضل اليهدود واليهودية عليها في ترسيخ قواعد جسرها إلى الشرق العربي دون اسس حقيقية . 3 الامبريالية في خدمة " إسرائيل" : لقد أشرت سابقا إلى أن إسرائيل لها تاريخان : تاريخ تكونها وهو تاريخ ما قبل 1947 وتاريخ تطورها وهو ما بعد 1947 والمنطق الذي حكم تاريخ التكون ليس هو المنطق الذي حكم ولا يزال يحكم تاريخ التطور, ولكن بدون أن أعني أن هناك انفصالا بينهما بل أقصد أن زمن تكون إسرائيل انحسر في الاستعطاف في الظاهر وفي الارهاب في السر , كانت تبكي أمام الراي العام العالمي , وتظهر وكأنها تدافع عن نفسها أمام "الجالوت العربي", وبعد ذلك أي بعد قيامه ككيان قوي أظهرت قوة السلاح , وصارت تعربد في الأراضي الفلسطيني بل والعربية كما تريد . وتاريخ التطور الذي أشرت إليه هو الذي عزز "العلاقة البنيوية بين الدولولة الصهيونية والامبريالية العالمية (18) . علاقة بنيوية, لأن تطور الامبريالية رهين بوجود عميل كدركي يرعى مصالحها في منطقة حساسة من العالم وهي منطقة النفط, وتطور الدولة الصهيوني رهين بوجود عميل , يعمل وفق مصالحها الاستعمارية وهو " اليهود ي المتدين " العنصري المحارب من أجل الله , وتشابكت المصالح بين الهيونية العالمية واليهود . فتطور الامبريالية إذن كان في حاجة إلى يد تساعدها فكانت "إسرائيل" وهذا أدخل إسرائيل في حركة ضرورية لإيجاد أيديولوجية لها فكانت اليهودية , وطرح معادلة :"أرض بلا شعب وشعب بلا أرض" (19). ........إمبريالية بلا أيديولوجية , وايديولوجة (=اليهودية) بلا أرضية (= الامبريالية) , لأن اليهودية في صيغتها التلموذية تقاربها مبادئ الصهيونية العنصرية , فإن العلاقة البنوية مزدوجة , وقل على صعيدين : صعيد التنظير والتأسيس من جهة ,وصعيد التطور من جهة أخرى , وبين الصعيدين علاقة بنيوية هي هي العلاقة المتواجدة بين التنظير والتطور , فلا تنظير بدون تطور للصهيونية فلا تنظير بدون ممارسة وتطبيق , ولا تطور بدون سابق تنظير . وهكذا نستنتج أن "إسرائيل" هي النتيجة التاريخية لتطور الامبريالية و والامبريالية هي الضرورة التاريخية لتكون إسرائيل , وهذه الضورورة التاربخية أملتها على الامبريالية صيغة بنيتها التطورية التي تربطها بالدول الاستعمارية التي هي ضرورية لتطور الامبريالية الاستعمارية . من هنا يبدو أن "اسرائيل" تأخذ شكل الوسيط المعبر عنه في التواطؤ مع الاستعمار والامبريالية , وليس ضروريا أن يكونو غير عرب كما انه ليس بالضورورة أ نكونوا يهودا أوروبيين وهكذا تتسع شبكة علاقات تواطؤ بين الصهيونية والامبريالية للعمل على ترسيخ دعامة إسرائيل , ليظهر جليا أن الثورة الفلسطينة واجهت , ولا تزال تواجه , أخطبوطا دوليا استوعب عملاء عبر التاريخ لكي يخط تاريخ تقدم الشعوب , ولوجود اليهود تم التركيز على فلسطين . ف"إسرائيل " إذن ضرورة إستعمارية و" متطلبات الاستعمار هي التي خلقت الصهونية تلك الأداة السياسية المكلفة بزرع(راس الجسر) في الشرق العربي (20) , ونفهم ثالثا أن المعركة مع "إسرائيل " هي معركة مع اللامبريالية الاستعمارية وعملائها , وأن هذه الثورة ليست فلسطينة وحسب بل هي ثورة يستلزم أن تستوعب جميع القوى الثورية في البلدان المعرضة للإستعمار, سابقا , ولا تزال الحكومات تابعة لها , والخوف من مثل هذه الثورات , والتي يعتبر الربيع العربي جزء منها , هي ما يفسر الامدادات السخية والدعم السياسي الذي تقدمه الدول الغربية ل"إسرائيل" ووقوف امريكا إلى جانبها بالفيتو , حتى أن المرأ ليصعب عليه عزل ميزانية أمريكا عن ميزانية "إسرائيل " وموقفها في مجلس الأمن عن موقف إسرائيل وكأننا أمام دولة واحدة , يقول روجي جارودي " إن المعونة الرسمية الأمريكية التي تحصل عليه "إسرائيل " وحدها تعادل 750 دولار للفرد في أمريكا(21) .وهذه المعونة الضخمة لا تدخل في مدفوعات وتبرعات يهود أمريكا ولا تدخل ضمن القروض الأمريكية ل"إسرائيل" التي تتنازل أمريكا على ما يمثل ما قيمته : مليار دولار سنويا, وكل هذا من دافعي الضرائب الأمريكيين يقول : ميشيل بارزوهار " بدأت تنهال على" إسرائيل " كمية هائلة من الأسلحة بموجب اتفاق سري جدا , وهذه الكميات غير معروفة في واشنطن , ولاعند الهيئة المكلفة برقابة تعديل مي القوى في الشرق الأوسط (22) مرزوق الحقوني /الهوامش: 1 روجي جارودي : إسرائيل الصهيونية السياسية / دار الشروق دار الثقافة / الدارالبيضاء 1983 / ص: 20 2 نفس المرجع /ص : 21 3 نفس المرجع / ص: 40 4 نفس المرجع / ص: 35 5 د / عبد الوهاب الميسري / الأيديولوجية الصهيونية دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة / سلسلة : عالم المعرفة يناير 1983 / القسم الثاني / ص: 56 6 د / عبد الوهاب الميسري / الأيديولوجية الصهيونية دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة / سلسلة : عالم المعرفة يناير 1983 / القسم الأول / ص: 140 . 7 كارل بلويس / في الصهيونية الحقيقة والاختلاقات / دار التقدم موسكو 1980 / ص: 177 . 8 د / عبد الوهاب الميسري / الأيديولوجية الصهيونية دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة / سلسلة : عالم المعرفة يناير 1983 / القسم الثاني / ص: 224 9 د / عبد الوهاب الميسري / الأيديولوجية الصهيونية دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة / سلسلة : عالم المعرفة يناير 1983 / القسم الثاني / ص: 150 10 روجي جارودي : إسرائيل الصهيونية السياسية /ص18 11 عبد الوهاب الميسري / الأيديولوجية الصهيونية/ص: 33 34 . 12 عبد الوهاب الميسري / الأيديولوجية الصهيونية /ص:34 . 13 المجلة /عدد : 233 /غشت 1984 . 14 كارل بلويس / في الصهيونية الحقيقة والاختلاقات/ص: 178 . 15 الأيديولوجية الصهيونية / الجزء الثاني / ص: 32 . 16 نفس المرجع /ص:156 . 17 كارل بلويس / في الصهيونية الحقيقة والاختلاقات/ص: 178 18 كارل بلويس / في الصهيونية الحقيقة والاختلاقات/ص113 19 نفس المرجع /ص:98 . 20 هنري بيريزا / ستزول إسرائيل / بقلم 15 كاتبا فرنسيا / ترجمة : ريمون نشاطي / دارالعلوم للملايين / بيروت / مارس 1967 / ص:8 . 21 روجي جارودي : إسرائيل الصهيونية السياسية /ص: 76 . 22 نفس المرجع /ص: 175.