تبدي السلطات المغربية إصرارا وعزيمة جبارة على المضي في إقامة مهرجانها السنوي "موازين" على الرغم من جملة الانتقادات الواسعة وبرغم أنوف طيف واسع من المغاربة بينما يئن كثير منهم تحت وطأة التهميش والحرمان . وتجدر الإشارة بداية أن هذا المهرجان لا يختلف في قاعدته التي يستند عليها عند المخزن والسلطة من جملة تلك المواسم الاحتفالية التي تقام تحت رعايتها في مختلف أنحاء المغرب خاصة في فصل الصيف حيث يتعطل الناس عن الدراسة وبعض العمل وحيث من المهم جدا تعطيل عقولهم أكثر فأكثر حتى لا تأخذها نسائم الصيف الدافئة لتبعث الحرارة في الأدمغة وتدفعها للتفكير . لاشك أن الإجابة على استفهام الإلحاح على موازين وغيره تكمن في أن الجهات المنظمة والراعية قد تذوقت جراءه حلاوة مالية زادت في أسهمها المرتفعة دوما ولكنه يتعدى ذلك إلى الاندراج في سياسة التثقيف التي دأبت عليها السلطة منذ زمن بعيد وسوقت لها تحت شعارات تهريجية مضحكة مستفزة فتجدها تدعو الى المهرجان وتسوق له تحت شعار" مغرب الثقافات" وان كان لابد من الإشارة أن من يقع على عاتقه إنجاح مثل هذه المهرجانات وإمدادها بالحياة هم أفراد من الشعب بإقبالهم على هذه المادة وبذل مبلغ لا بأس به من اجل تلقيها،إلا أننا نتحدث هنا حول مشاريع السلطة لأجل الشعب سواء على مستوى المشاريع لتثقيفه أو مداواته أو تعليمه أو تشغيله ...لأن السلطة هي المسئولة عن الشعب وهي التي تخط له مساره العام ،وهي التي تعكف على مشاريع نهضته وتطوره أو مشاريع تجهيله واهانته . وقد بلغ استفزازها للشعب في مغرب موازين حد الازدراء ، هذا الموازين الذي لم يدع زنديقا الا واستضافه ليدنس تراب الوطن ولم يترك ساقطة الا ودعاها لتتمايل قليلا وتحمل حقيبتها بملايين الشعب البائس وتمضي، ولم يترك شاذا إلا وفتح له الأبواب . عن أية ثقافة تتحدثون ؟ وتجادلون دون خجل ؟انه لمن المعيب حقا أن تتبنى هذا النشاط الموبوء وزارة الثقافة وعلى رأسها وزير له مكانته الأكاديمية ومن المعيب أن يوافق السيد حميش على مثل هذا الشعار فهو أجدر من يعرف ان ذلك المجون في مهرجان موازين لا يمت بأية صلة للثقافة وأنه على الأقل ليس أولوية في سلم تثقيف الشعب ، وهو أدرى بما يحتاج الشعب المغربي ثقافيا وهو أوعى بما يرفع أسهم الأمم عاليا في مجال الثقافة .فهي لا ترفع بالتأكيد بان نجعل من شعب بأكمله شعبا راقصا لا يفكر. وليتذكر السيد حميش أنه لم يحض برتبة وزير أو قبل ذلك برتبته العلمية وكرسي الأستاذية بجامعة محمد الخامس أو بتحدثه خمس لغات (على حد علمي) لأنه كان يقضي وقته بالتنقل بين مهرجان ماجن وآخر ولا بالرقص على أنغام هذه الساقطة أو ذلك الشاذ . كان الأجدر بالسيد حميش أن يترك هذه الوزارة إكراما لمكانته العلمية وإكراما لمكانته التي كانت في أعيننا على أن يرضى بمجرد تمرير شعار مغرب الثقافات في لوحات السلطة الاشهارية والتي استمرأت السخرية من الشعب وقد مج الشعب ذلك و فاض به الكيل لقد آن الأوان أن تتغير المكاييل والموازين ، ما عاد الزمن يصلح لترجح موازين المخزن عن موازين الشعب دائما ويمرر ما يشاء ويفعل ما يريد ويقضي ما هو قاض ويزيد ما يريد وينقص ما يشاء وينهب كيف يشاء وينظم المهرجان الذي شاء ويرفع شأن من يشاء ويخفض من يشاء . لقد تغير الزمن وحان زمن الذي يجب أن توزن البلاد فيه بموازين الشعب.