نظم المعهد المغربي للتنمية المحلية مائدة مستديرة حول موضوع :”الجهوية المتقدمة، أي دور للمجتمع المدني”. وكان ذلك يوم 26/02/2010 بمقر جمعية النخيل بتجزئة الشرف قرب مرجان بمراكش. والهدف من هذا اللقاء هو فتح نقاش عمومي حول الجهوية المتقدمة، والهدف الثاني تواصلي يسعى للتفكير في طرق وسبل مشاركة المواطنين في تدبير الشأن المحلي والجهوي وفق المقاربات الحقوقية والتنموية، والخصوصيات الثقافية والاجتماعية المميزة للمناطق والجهات الوطنية. والهدف الأخير هو ترافعي واستراتجي يسعى لبلورة وثيقة اقتراحية تتضمن تصور جانب من المجتمع المدني للجهوية المتقدمة يؤكد للجن الاستشارية الجهوية بضرورة إشراك المجتمع المدني ٍ عبر كفاءاته وقدراته في بلورة تصور للجهوية المتقدمة، خصوصا في الجوانب المرتبطة بالدور المركزي المنوط به، والهادف إلى الفعل الإيجابي في الإصلاح وإعادة هيكلة الدولة والمجتمع. وقد شارك في هذا اللقاء مجموعة من الأساتذة الجامعيين المختصين في العلوم السياسية، حيث ركز تدخل الأستاذ الحسين العبوشي من جامعة القاضي عياض بعرض حول “السياق العام للجهوية المتقدمة بالمغرب”، أما الأستاذ عبد الرحيم المنار السليمي من كلية الحقوق جامعة محمد الخامس أكدال الرباط، فقد ساهم بعرض حول “النخب المحلية والجهوية المتقدمة: تشخيص وتوقعات”. وأخيرا قدم الأستاذ نادر المومني من جامعة محمد الخامس السويسي بالرباط مشاركة تحت عنوان: “عناصر لبناء عرض اقتراحي حول الجهوية الموسعة باعتبار مقاربة النوع الاجتماعي”. وفي الأخير أشرف الأساتذة عن ورشتين فيما يخص دور الجمعيات في بناء الجهوية المتقدمة. فالورشة الأولى ركزت على دور الجمعيات في المجال الفني والثقافي، بينما الورشة الثانية كانت حول دور الجمعيات في المجال الاقتصادي والاجتماعي. ومن خلال الورشة الأخيرة أدلى كل من الفاعلين الجمعويين والمنتخبين المحليين بتشخيص للدور الجمعوي والعراقيل التي يواجهها. وقد أجمع الكل على أن المعايير غير واضحة فيما يخص المجتمع المدني، وكذلك عدم احترام القانون، وغياب التنسيق لخلق نسيج جمعوي قادر على تحمل المسؤولية كفريق عمل موحد له نفس التوجهات والأهداف، كما أن العمل الجمعوي لازال هشا، حيث يعاني من مشكل الدعم المادي واللجوستيكي وكذلك التسيير الذاتي. كما يعاني من عدم الولوج والحصول على المعلومات، بالإضافة إلى أنه تنقصه الاحترافية والمهنية والخبرة في المجال الذي يشتغل فيه، كما أنه غير واع بدوره كفاعل جمعوي. وتمت الإشارة كذلك إلى سوء التقدير للعمل الجمعوي، وإلى انعدام الثقة والتواصل بين الجمعيات والمنتخبين. ومن خلال ذلك تشكل تصور في أشغال هذه الورشة ينص على تنصيص قوانين، تسعى لخلق كوطا تمثيلية للمساهمة باقتراحات فيما يخص الجهوية المتقدمة. كما طالب الحضور العمل على تحفيز الجمعيات، حتى يصبح لها امتداد جغرافي [فروع] على الصعيد الجهوي للمملكة المغربية. وتم التطرق كذلك إلى الدفع بالجمعيات لخلق شركات لبلورة مجموعة من المشاريع تهم الجهوية. وأخيرا هناك من اقترح بأن تقوم الجمعيات بدور وكالات للتشغيل من خلال تكوين أعضائها في مجال من المجالات وتزويد سوق الشغل بهذه الكفاءات. ولتفعيل ذلك اتفق الكل على أن يكون هناك ميثاق جهوي يحوي مبادئ الجمعيات فيما يخص صيغة الجهة، بالإضافة إلى مذكرة مدعمة بالمقترحات والحجج والملاحظات، لإقناع الشركاء بتحقيق الجهوية المتقدمة. وقد ثم تحديد المدى الزمني في ثلاثة أشهر، انطلاقا من مارس إلى شهر ماي من سنة 2010. أما فيما يخص الأوليات، فقد ثم التركيز على الصيغة القانونية والتمثيلية والى محاور وآليات التدخل من أجل تفعيل المجتمع المدني، للمشاركة في تسريع وثيرة الجهوية المتقدمة. وأخيرا اتفق الكل أن المجتمع المدني يجب أن يكون له شركاء كالجامعة، والإعلام،والمعاهد، والمجالس المنتخبة، والمجالس والغرف المهنية، والمجلس الجهوي للسياحة، وهيئات المحامين و الأطباء، والقطاع الخاص. إلا أن ما يلفت الانتباه، هو أن هذا المشروع يحتاج إلى قواعد وقوانين تنصيصية لبلورة تشريعات تخدم الجهوية في إطار الدولة الموحدة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورا مهما، لبلورة اقتراحات تهم الجهوية المتقدمة، وهو في حد ذاته لازال فتيا على مستوى الساحة السياسية المغربية. كما أنه يعاني من عدة اختلالات، و يحتاج إلى التأطير ليصبح مؤهلا لتحمل المسؤولية خصوصا في القضايا المصيرية. والجانب الآخر هو أن الأحزاب السياسية لها تاريخ وحضور في المشهد السياسي المغربي لا يمكنها أن تسمح للمجتمع المدني بأن ينافسها في اتخاذ مثل هذه القرارات أو حتى الاقتراحات. كما أنها ستقوم بتسييس الجمعيات واختراقها وجعلها في صفها، أو بخلق جمعيات تابعة لقراراتها الحزبية. مما لاشك فيه هو أن الأحزاب السياسية طالت أياديها النقابات والنوادي والمجتمع المدني بل وحتى الندوات. أمام هذه التحديات، كيف يمكن للمجتمع المدني أن يساهم في صنع القرار وبلورة اقتراحاته؟ أم فقط سيقحم اسم المجتمع المدني في هذا المشروع كمشارك، حتى يقال عنا من طرف الأصدقاء، بأننا مجتمع حداثي وديمقراطي. مراكش بريس 2010/ عمر بنباضريف