نطالب دائماً نحن النساء بمساواتنا مع الرجل، ويعلوا صوتنا وبقوة ونحن ننادي بالمساواة بين الجنسين ، والتي نعتبرها من المقدسات التي يجب الوقوف عندها. وحين ننظر جيداً وبدقه لواقع المرأة وجدنا أن كثيرا جدا خصمها الرئيسي وقبل الرجل هي المرأة وليس الرجل. قد يرى البعض في هذا الكلام تناقضاً واضحاً، فلطالما اعتبرت أن خصمي هو الرجل لأدافع عن بنات جنسي إلا إنني أعيش تجربة من خلال عملي جعلتني أرى الأمور بمنظار آخر نسبيا. لا شك بأن التنشئة الاجتماعية تلعب دوراً في غيرة المرأة من المرأة فالموروث الاجتماعي لديها يجعلها تخاف دائما من المرأة الناجحة وذات الشخصية القوية باعتبارها الأقوى والأكثر عطاءً وذكاءً. ومع دخول المرأة مجال العمل وبقوه أصبحت تسبب القلق من نجاحها لتعمل الكثيرات على اختلاق المشاكل والمعوقات لتحطيم نجاحها حتى لا يشعرن بالدونية تجاهها يؤلمني حقا وبكل معنى الكلمة فبدلاً من أن نقف وندعم بعضنا بعضا نحن النساء، نجد أننا لا نضيع الفرصة لنقتنصها ولنبدأ بقذف تلك المرأة الناجحة ومحاربتها بكل الطرق لمحاولة إحباطها والتقليل من شأنها وتصغير وتحقير نجاحها ودون أن نملك أدنى مبرر فميدان العمل هو أكثر ميدان تحارب به المرأة بنت جنسها - حيث تتفنن النساء بأشكال الحرب نتيجة الغيرة من النجاح ، فقد تكون حرباً كلامية بحق زميلتهما الناجحة في عملها وإلصاق التهم الباطلة بها علها تجد مبرراً يرضي غرورها لنجاحها، أو تلفق الأكاذيب عنها بأشياء غير صحيحة وغير منطقية - فهي حصلت على هذا المنصب لأنها صديقة فلان حسب اعتقادهن وقد تكون زوجة أحد المسئولين، ولكن لا يمكن أن تكون هذه المديرة في نظرهن مجتهدة وتستحق هذا المكان. ويبدأن بحياكة القصص والأقاويل عنها ويعملن جاهدات على إفشالها لنكن جديين في طرحنا المرأة تغار وتغتاظ من المرأة، من قوتها، من استقلاليتها، من نجاحها، أو من جمالها أو من أي صفة تمتاز وتتصف بها، وأحياناً هذه الغيرة هي غيرة على ما تربت عليه من القناعات التي اكتسبتها، وكلما حاولت أي امرأة أن تحسن من وضع المرأة في هذا المجتمع الذكوري، واجهت صعوبة بالغه من المجتمع أولا ومن المرأة ثانيا ، فهي لا تستطيع أن تخطو هذه الخطوة إلا من خلال تحسين نفسها، ومعرفة قدرها، لكنها ما إن تخطو خطوتها الأولى، حتى تجد بمقابل كل رجل يقف في وجهها نساء عديدات يعرقلن مسيرة نجاحها، أطلب من المرأة أن تقف إلى جانب المرأة، بدلا من أن تكون حجر عثرة في طريق نجاحها وترسيخ بناء المجتمع الذكوري والذي نطالب بتغييره ، وأن تنصف المرأة لتنصف نفسها و أرى أن عداوة المرأة للمرأة أشد خطرا من عداوة الرجل للرجل فبعض النساء لا يتوانين عن استخدام كل الأسلحة المتاحة لديهن ضد منافستهن والمرأة تكون أكثر شراسة عندما تشتد المنافسة بينها وبين إحداهن وهي تعمل جاهدة لكسب المعركة لتكون المرأة عدوة المرأة . تظهر صور عداء وظلم المرأة للمرأة في مجتمعنا بأشكال كثيرة منها مثلاً تحاول التشهير بها أو الإساءة إليها ولإمكانياتها أو حتى إلى سمعتها، وقد يصل الأمر إلى الشك وإيعاز نجاح المرأة في عملها أو حياتها العملية مثلا إلى أنها قدمت تنازلات مقابل الوصول إلى موقعها الحالي، وكثير من النساء تصل بهن الغيرة حد الإساءة إلى أخلاق أو شرف نساء أخريات للتقليل من أهميتهن ونجاحهن... وتأتي الغيرة عادة بين النساء نتيجة الفوارق في مستويات الجمال أو العلم أو المستوى الاقتصادي أو المكانة الاجتماعية ، وبسبب فقدان ثقة المرأة بنفسها وإمكانياتها وغيرها - والمرأة في مجتمعنا تقوم بنقل هذه القيم الذكوريه وطريقة التنشئة إلى ابنتها لتعاني هي أيضاً مما عانت منه هي سابقاً وتبقى أسيرة تلك الحلقة المفرغة.. ولا يمكن أن نخرج منها إلا إذا أعدنا النظر نحن النساء الأمهات بطريقة التربية الذكورية التي نتربى عليها ثم ننقلها لبناتنا . أن المرأة التي تعاني من هذه الحالة من الغيرة الزائدة، مطلوب منها أمران - لكي تخرج من هذه الدائرة المغلقة الأمر الأول: أن تتحلى بقدر من الموضوعية، فتعترف بإمكانيات الأخريات اللاتي قد يتفوقن عليها، وتعترف بأن هذه الإمكانات هي عطاء من الله، وأن الله فضل الناس على بعضهم في الرزق والعلم والعقل .. الخ. والأمر الثاني: أن تنظر لنفسها بعين ناقدة لتتعرف على أخطائها، وتركز على أن تصلح من عيوبها، بدلاً من أن تركز في نقد الآخرين. أختي المرأة نجاح أي امرأة هو نجاح لك وإن الاسترسال في أمر الغيرة بهذا الشكل يضر بالمرأة ويقوي فيها نوازع الحسد والكراهية، ويعطل تقدمها الأسري والاجتماعي والمهني عززي ثقتك بنفسك بالثقافة والعلم كوني عونا للمرأة لا عدوا للنجاح .