خرج عباس الفاسي، الوزير الأول والأمين العام لحزب الاستقلال، عن صمته تجاه حزب الأصالة والمعاصرة، وحملت كلمته الافتتاحية، خلال اجتماع المجلس الوطني لجمعية منتخبي حزبه أمس بالرباط، أكثر من إشارة إلى حزب الهمة وتحركاته، ملمحا إلى أن هذا الحزب يفتقر إلى استقلالية القرار، قائلا: "اليوم نادرا ما نجد أحزابا لها استقلالية القرار.. ونحن في حزب الاستقلال نملك قرارنا، ولا يملي علينا أحد ما يجب أن نفعل". ووسط التصفيقات الحارة من أعضاء جمعية منتخبي الحزب، قال الفاسي إن "مرشحينا للانتخابات اخترناهم نحن، ولا أحد أعطانا لوائح جاهزة لتغطية المغرب كله"، في إشارة واضحة إلى حزب الأصالة والمعاصرة الذي تمكن فجأة من تغطية جميع الدوائر في المغرب. كما هاجم الفاسي ما وصفه بالتحالفات التي يجري الترويج لها قائلا: "نلاحظ أن هناك هرولة في المشهد السياسي نحو التحالفات، وهناك حديث عن ذوبان حزب في حزب آخر"، وعلق قائلا: "أنا أقول إن هذا غير ممكن، لأنه لم يمر سوى عامين ونصف على الانتخابات، والتحالف الموجود حاليا هو تحالف الكتلة والأغلبية الحكومية"، وأضاف: "أن يكون هناك أناس في الأغلبية الحكومية يبحثون عن التحالف مع حزب في المعارضة فهذا لا يوجد في أي ديمقراطية في العالم"، في إشارة إلى تصريحات صلاح الدين مزوار، الرئيس الجديد للتجمع الوطني للأحرار، الذي أعلن، مباشرة بعد انتخابه، عن سعيه للتحالف مع حزب الهمة . وجدد الفاسي تأييده لحميد شباط في قراره منع الخمور بفاس، ضد اعتراض منتخبي الأصالة والمعاصرة، قائلا: " نعبر عن تضامننا مع مجلس فاس وعمدة فاس" ، مشيرا إلى أن حميد شباط، عمدة فاس، ليس سوى استمرارية لإرث حزب الاستقلال، في قضية السعي إلى منع بيع الخمور"، مضيفا: "كنا باستمرار نضع مقترحا في البرلمان لمنع بيع الخمر للمسلمين، والأخ شباط يذهب ضمن هذه الاستمرارية، فهذا إرث حافظ عليه"، وشدد على تضامنه مع شباط قائلا: " تضامننا مطلق مع الأخ شباط " . وفي خلفية الصراع بين حزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة، أفادت مصادر مطلعة بأن عباس الفاسي كان يراقب، منذ مدة، تحركات فؤاد عالي الهمة، وأن أربعة مواقف جعلته يعبر لمقربيه عن غضبه من تحركات تستهدف "العبث بالأغلبية الحكومية"، دون أن يقوم بأي رد فعل علني، قبل أن يقرر الخروج عن صمته. أول هذه المواقف: سحب حزب الهمة لدعمه لحكومة الفاسي في وقت حرج قبيل الانتخابات الجماعية الأخير، وثانيا: سيطرة حزب الأصالة على رئاسة الغرفة الثانية، في سابقة يتمكن فيها حزب معارض من الفوز بأغلبية أصوات أحزاب في الأغلبية، وما يمثله هذا من تهديد للحكومة في الغرفة الثانية. ثالثا: شعور الفاسي بأن حزب الهمة وراء هندسة الانقلاب على حليفه مصطفى المنصوري، الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للأحرار. رابعا: شعوره بالقلق من تصريحات صلاح الدين مزوار، وزير المالية والرئيس الجديد للأحرار، الذي أعلن عن تحالفه مع حزب الأصالة والمعاصرة.. انتظر الفاسي، الوزير الأول، لمدة قبل أن يخرج عن صمته، وذلك بعدما فهم -تقول المصادر- أن هناك إشارات عليا لحزب الهمة بتخفيف سرعته، والتي ترجمها في إعلانه عن عدم الرغبة في قيادة حكومة 2012. الفاسي أعطى إشارات واضحة إلى من يعنيهم الأمر، خلال كلمته، بأن تحالفات حزب الاستقلال تتم داخل الكتلة الديمقراطية، حيث قال: "من مبادئ حزب الاستقلال الالتزام بالكتلة الديمقراطية"، مضيفا: "نعم الكتلة جامدة وعرفت بعض الأخطاء التي تضرر منها حزب الاستقلال، إلا أن هذه الأمور عابرة ولن تؤثر على الكتلة"، وقال: "الكتلة هي الأقرب إلينا، لأن هناك قاسما مشتركا بين أحزابها (مع بعض التفاوت)، وهو استقلالية القرار". وبخصوص الاتصالات التي أجراها مع حزب العدالة والتنمية، قال: "لابد للوزير الأول أن يتصل بالمعارضة لنوضح لها أن بعض مواقفها خاطئة، أو نسجل بعض تحفظاتها"، مشيرا إلى أن الحديث عن تحالفات سياسية معينة في الصحافة "لا أساس له من الصحة " .