200- واضح يسري نصر الله في صدقه والتزامه الفني وصراحته الجارحة، و"بسيط كاللغة". في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش عرض فيلمه "احكي يا شهرزاد" في المهرجان الدولي التاسع للفيلم بمراكش، يتحدث كما يخرج أفلامه. بحماس وتلقائية، دون طابوهات أو رقابة ذاتية. ويقول عاليا ما يفكر فيه العديدون دون أن يجرؤوا على قوله. في فيلمه "احكي يا شهرزاد"، الذي يصيخ السمع لنبض المجتمع و"القوي جدا" بشهادة العديد من النقاد، يمنح يسري نصر الله الكلمة للمرأة، هذا الكائن الجميل، كي تحكي وتقلب مواجعها، عل شهريار يسمع. "لست منحازا للمرأة أو مناصرا للرجل"، يقول المبدع المصري "أنا أطرح مسألة القهر، وأفضح الاستغلال الذي يتعرض له الإنسان، أيا كان جنسه". ويوضح من يلقب ب"الابن الرهيب للسينما المصرية"، أن "احكي يا شهرزاد" فيلم عن "السطوة الجسدية للرجل، وعن قهر المرأة باعتبارها كائنا ضعيفا قابلا للكسر، وفي حاجة للحماية". "هي حكاية قاسية"، يقول يسري نصر الله. وعن اختياره للممثلة المغربية سناء عكرود، يقول "هي فنانة مقتدرة فعلا، وكان من الممكن أن أمنحها مزيدا من الطول بواسطة حيل الإخراج، لكنني تعمدت تصويرها، والمصرية منى زكي، بشكل يبرز قصر قامتهما، لأبين أن بإمكان امرأة في طولهما التغلب على رجل مهما بلغت قوته الجسدية". "لم أسع قط إلى الإثارة"، يؤكد يسري نصر الله، ف"مشهد الشجار بين فتيات في الفيلم مثلا هو عنف متبادل، لا مجال فنيا فيه لإبراز مشاهد عري كما هو الأمر في أفلام رخيصة". يسعى المخرج المصري، من خلال فيلمه، إلى إدانة "تحويل عملية طبيعية إلى عملية قمعية"، من خلال نظرة ذكورية متخلفة، أو استغلالها في "التهتك والنفاق وتحقيق أجندات أخرى". يسري نصر الله، الابن المدلل لأسرة قبطية أرستقراطية، ينتحر طبقيا. ويغوص في خضم الحركة الطلابية المصرية وحركة الأندية السينمائية في السبعينيات وهو يدرس الاقتصاد، ليحاول فهم العالم والسعي إلى تغييره، "لا يمكن أن تخرج أفلاما أو تؤلف قصصا وأنت لم تتمرغ في وحل الواقع بما فيه الكفاية". ما بين سنتي 1978 و1982، غادر القاهرة إلى بيروت حيث اشتغل ناقدا سينمائيا في جريدة "السفير". وقرأ "باب الشمس" للمبدع اللبناني إلياس خوري. وقرر تحويلها إلى فيلم سينمائي هو ملحمته الرائعة بالاسم ذاته، التي تمتد على أربع ساعات ونصف الساعة، والذي عرض في مهرجان مراكش الدولي الخامس للفيلم. يصحح يسري نصر الله "هي ملحمة عن الفلسطينيين، وليس عن القضية الفلسطينية". ويشدد "ان المدخل هم الناس" و"هؤلاء ناس أحبهم، ومن واجبي أن أنقل قضيتهم إلى العالم على غرار ما يفعل الصهاينة بالنسبة لتهجير اليهود أو الهولوكوست". ويؤكد المخرج المصري أن "المغرب هو البلد الوحيد الذي ساهم في أن ترى هذه الملحمة الفلسطينية النور". تنقل الرواية، التي تحولت إلى فيلم عن "خليل" قوله ل"يونس".."أنت بطل، ليس فقط لأنك مقاتل، وإنما أيضا لأنك عاشق". ويعلق المخرج المصري "نقلت في هذه الملحمة الجانب الإنساني بالدرجة الأولى". وعن روافد تميزه السينمائي، يتحدث يسري نصر الله، بحب، عن الكبير الراحل يوسف شاهين "لقد علمني الكثير، هو رجل بيداغوجيا بامتياز، لديه رؤية واضحة للعمل كتكنيك". اشتغل إلى جانبه في فيلميه "وداعا بونابارت" (1984) وفي "إسكندرية كمان وكمان" (1990) و"القاهرة منورة بناسها" (1991). وبدون أن يفرض عليه يوسف شاهين شيئا، وهو العارف الكبير بتفاصيل صناعة السينما، ودون أن يطلب منه أي تنازلات، وهو رجل مباديء، ترك بصماته واضحة في نفسية يسري نصر الله وفي أفلامه. شجعه يوسف شاهين على إخراج فيلمه "سرقات صيفية". و"لأني كنت لا أتوفر إلا على 50 ألف دولار، قال لي أخرج فيلمك دون ممثلين، وهكذا كان"، فقد صور فيلمه بهواة غير محترفين على شاكلة عبلة كامل ومحمد هنيدي آنذاك، وبعدها اشتغل مع يسرا وزكي عبد الوهاب وآخرين. ينتهي الحوار ولا تنتهي الأسئلة.... واضح يسري نصر الله في صدقه والتزامه الفني وصراحته الجارحة، و"بسيط كاللغة".