أكد عدد من المفكرين في أولى لقاءات فاس الفكرية،ضمن الدورة ال`17 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة،أن جميع الحضارات تعترضها نفس الإكراهات وبالتالي فهي تحتاج إلى الحكمة والمعرفة من أجل مواجهتها. وأوضحوا خلال هذا اللقاء،الذي نظم اليوم السبت بفاس حول موضوع "أية حكم لهذا العصر?" ضمن منتدى فاس المنظم في إطار فعاليات هذه الدورة (من 3 إلى 12يونيو الجاري) تحت شعار "من أجل إضفاء روح على العولمة"،أنه من الضروري البحث في جذور الحكمة لفهم معنى الوجود الإنساني. واعتبروا،في هذا اللقاء الفكري والثقافي،الذي احتضنه متحف البطحاء،أن المشكل الذي يعانيه العالم اليوم لا يتمثل في تنوع وتشعب طرق التفكير،بل في "تلخيص المشاكل وحلولها في الفرد والحكم عليه انطلاقا من واقع معين بناء على تصرفات سلبية مرت في حياته". وأبرزوا في هذا اللقاء،الذي عرف حضورا متميزا لباحثين ومهتمين بالمجال الفكري،أن الحضارات السائدة مرتبطة ببعضها البعض،بل ومرتبطة كذلك بالمعيش اليومي للفرد والمجتمع،مشيرين إلى أنه يمكن التعبير عن الخصوصية الفردية وفي الوقت ذاته العمل ضمن الانتماء الجمعي. ف`"الحكمة تعني في جزء منها أن يكون الإنسان مخالفا ومختلفا"،يؤكد المفكرون،داعين في هذا الصدد إلى تعليم الفرد سلوك الانتماء الحضاري منذ نعومة أظافره لأن من شأن ذلك أن يؤثر على حياته اليومية. وأبرزوا أن كنه الحكمة هو احترام "الآخر" المنتمي لثقافات وديانات مختلفة،مشيرين إلى بعض النظريات التي ظهرت في بعض المراحل والتي ترجع سيادة عدم احترام الآخر إلى الدكتاتورية والهمجية،وأن السبب ما يحدث يكمن في الآخر،في حين - يؤكد هؤلاء المفكرون- فأن كل المجتمعات السياسية بنيت على الحكمة التي قدمت أجوبة عن اسئلة كبرى تواجه هذه المجتمعات. واعتبروا أن هناك عودة،في مجال السياسة،إلى الحكمة من أجل تحديد التحديات الراهنة الخارجية والداخلية،مؤكدين أن الخروج من الهمجية سيمكن من خلق نوع من الحكمة ليس فقط من الناحية السياسية بل كذلك على مستويات أخرى اقتصادية وثقافية واجتماعية. وسيتناول ثاني لقاءات منتدى فاس الفكري،الذي يعقد غدا الأحد بمتحف البطحاء التاريخي،موضوع "أي مستقبل للشرق الأوسط"،وذلك انطلاقا من قراءة لمستقبل هذه المنطقة على ضوء التحولات التاريخية التي يعرفها العالم العربي خاصة في الآونة الأخيرة. وستكمل محاور منتدى فاس الذي ينظم تحت شعار "من أجل إضفاء روح على العولمة"،الجانب الفني والجمالي،وستساهم في تمرير رسالة حضارية قوية،مؤداها أن الحضارة ليست مقتصرة على الماضي فحسب،بل إنها بناء ديناميكي متواصل في الزمان والمكان ومتجه نحو المستقبل،فضلا عن أنها تروم إعطاء معنى ما للفن والثقافة في المجتمع المعاصر. يذكر أن الدورة السابعة عشرة لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة،التي تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس،تنعقد تحت شعار "حِكم الكون".