شهدت العلاقات المغربية التونسية خلال سنة 2009 دينامية متجددة في أفق مزيد من تطوير وتعميق التعاون بين البلدين، وإرساء الأسس الكفيلة لبناء كيان مغاربي موحد يرتقي الى مستوى تطلعات شعوب المنطقة. وفي هذا الإطار، تميزت هذه السنة، بمواصلة التشاور والتنسيق وتبادل الزيارات بين البلدين بغية تنشيط التعاون في شتى المجالات وإعطائه مضمونا اقتصاديا قويا، يرقى الى مستوى العلاقات السياسية المتميزة التي تجمع بين البلدين بقيادة جلالة الملك محمد السادس والرئيس زين العابدين بن علي. فقد زار تونس ، في منتصف شهر دجنبر الجاري، مبعوث ملكي، هو السيد كريم غلاب وزير التجهيز والنقل، الذي سلم رسالة خطية من جلالة الملك إلى الرئيس التونسي، وجدد له تهانئ جلالته بمناسبة إعادة انتخابه لولاية رئاسية جديدة. وصرح السيد غلاب أنه أبلغ الرئيس بن علي، عزم جلالة الملك المضي قدما في توطيد العلاقات بين البلدين الشقيقين مؤكدا أنه وجد لدى الرئيس التونسي، الذي وصف علاقات بلاده مع المغرب ب"الاستراتيجية"، كل الاستعداد للعمل على تعميق وتمتين أواصر التعاون القائم بين البلدين، حتى ترقى هذه العلاقات الى مستوى طموحات وتطلعات قائدي البلدين والشعبين الشقيقين. على صعيد آخر، شهدت السنة، التي نودعها، مشاركة صاحبة السمو الملكي الأميرة للاسلمى، في قمة المرأة العربية (الاجتماع الرابع للمجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربية) ، حيث أبرزت سموها في كلمة أمام المشتركات أن المغرب، بفضل القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، "جعل من التأهيل الشامل للمرأة عماد بناء مجتمع ديمقراطي يضع الإنسان في صلب عملية التنمية". وشددت سموها على ما حققته المملكة من مكاسب رائدة في مجال ترسيخ المساواة القانونية بين النساء والرجال، وتعزيز مشاركة المرأة في تدبير الشأن العام، ودعم تمثيليتها. على الصعيد الثنائي أيضا، عقدت بالرباط في شهر أبريل الماضي، دورة جديدة للجنة العليا المشتركة برئاسة الوزيرين الأولين في البلدين عباس الفاسي ومحمد الغنوشي. وخلال إقامته بالمغرب، حظي الوزير الأول التونسي باستقبال من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نقل إلى جلالته رسالة مودة وتقدير من أخيه الرئيس زين العابدين بن علي. وقد شكلت هذه الدورة فرصة للجانبين للوقوف على تطور مسيرة التعاون بين البلدين وتكييف الإطار القانوني والفني الذي يحكم آليات العمل المشترك ليتلاءم أكثر مع متطلبات تعميق التعاون بينهما ويتماشى مع التحولات الإقليمية والدولية في هذا المجال . وفي هذا الصدد، اتفق الجانبان على اتخاذ جملة من التدابير الكفيلة بالنهوض بالتعاون في مجالات الاقتصاد والتبادل التجاري والنقل البحري ، فضلا عن المجالات الثقافية والتربوية والقضائية والإعلامية. وأكدا عزمهما العمل على تجاوز الصعوبات التي تحول دون الرفع من حجم المبادلات التجارية، مع الاستفادة أكثر من المزايا والإمكانات التي يوفرها الإطار التفاضلي لاتفاقية أكادير للتبادل الحر، التي تضم إضافة إلى البلدين، كلا من مصر والأردن. وأعربا عن قناعتهما بأن تعميق التعاون وتحقيق التكامل بين البلدين يشكل رافدا أساسيا لدعم مسيرة اتحاد المغرب العربي ويسهم في تعزيز الموقف المغاربي إزاء التجمعات الإقليمية الأخرى وخاصة الفضاء الأورو- متوسطي. وحفلت سنة 2009 أيضا بتبادل الزيارات بين الوفود الحكومية والبرلمانية بين البلدين ، سواء على المستوى الثنائي ، أو في اطار المشاركة في المؤتمرات واللقاءات والتظاهرات التي شهدها البلدان على مدار شهور هذه السنة. ومن هذه الزيارات، زيارة رئيس مجلس النواب، مصطفى المنصوري لتونس ، حيث استقبل من طرف الرئيس بن علي واجتمع مع رئيسي الحكومة والبرلمان التونسيين، وكانت وسائل تعزيز العلاقات بين البلدين في صلب هذه المحدثات. كما قام الوزير المكلف بالجالية المغربية بالخارج محمد عامر بزيارة مماثلة إلى تونس في شهر ماي من هذه السنة، تميزت بالتوقيع مع نظيره التونسي علي الشاوش على مذكرة تفاهم بين المغرب وتونس في مجال العناية بجاليتي البلدين بالخارج وتشجيع التعاون وربط الصلة والشراكة بين الهياكل والجمعيات المغربية والتونسية المهتمة بشؤون وحماية حقوق هذه الجاليات.