جدد المغرب وتونس عزمهما على تعزيز علاقات التعاون الثنائي والارتقاء بها إلى أعلى المستويات، تجسيدا لإرادة وتطلعات قائدي البلدين جلالة الملك محمد السادس والرئيس زين العابدين بن علي، وتحقيقا لأماني وطموحات الشعبين الشقيقين في المزيد من التكامل والاندماج والنماء. جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الخامسة عشرة للجنة الكبرى المشتركة المغربية التونسية مساء الاثنين برئاسة الوزير الأول السيد عباس الفاسي و نظيره التونسي السيد محمد الغنوشي. وأبرز السيد عباس الفاسي في كلمة بالمناسبة عزم المملكة الموصول على تعزيز علاقاتها الثنائية مع تونس، معبرا عن يقينه بأن أشغال هذه الدورة ستشكل إضافة متميزة إلى صرح التعاون المثمر والبناء الذي حرص البلدان على بناءه وتعزيزه وتقوية أسسه في مختلف المجالات. وعبر السيد الفاسي عن تطلعه إلى رفع حجم المبادلات التجارية بين البلدين التي وإن عرفت نموا خلال السنوات الأخيرة، فإنها ماتزال دون مستوى ما يرغب الجانبان في تحقيقه بالنظر للامكانيات الاقتصادية المتوفرة لدى البلدين والخبرات المتراكمة لديهما، مما يستوجب تضافر الجهود لتحقيق الأهداف المنشودة. ولتحقيق هذا الهدف ، دعا الوزير الاول إلى «ابتكار واعتماد أفضل الوسائل والآليات لتطوير هذا التبادل، بما يضمن له الفعالية المتوخاة، في ظل ما تشهده ميادين التجارة والاستثمار والأعمال في العالم من تطورات متسارعة ومتلاحقة فرضتها ظاهرة العولمة وتنامي التكتلات الاقتصادية». وجدد الدعوة للفاعلين الاقتصاديين ورجال الأعمال في البلدين، من أجل بلورة شراكة حقيقية والقيام بالدور المنوط بهم في تنشيط التعاون الاقتصادي، معربا عن استعداد المغرب الدائم لتوفير الظروف الملائمة التي من شأنها أن تساعدهم على تنفيذ مشاريعهم وتكثيف مبادراتهم واستثمار الفرص المتاحة لهم. واعتبر ان التطورات الجيو- استراتيجية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية التي ما فتئ العالم يشهدها في الوقت الحاضر، تدعو أبناء المغرب العربي، إلى التوجه نحو إرساء مزيد من روح التضامن والتآزر بينهم، وتجاوز الخلافات والمعوقات التي تعترض مسيرة بناء صرح الاتحاد المغاربي «الذي يشكل بالنسبة لنا مكسبا تاريخيا، وحلم كل الشعوب المغاربية التواقة إلى التكامل والاندماج». وجدد تمسك المغرب باتحاد المغرب العربي باعتباره«خيارا استراتيجيا لا بديل عنه»، مؤكدا استعداد المملكة الكامل للمساهمة في تنشيط هياكله وتفعيل مؤسساته «في إطار من الشفافية وعلى أسس متينة وسليمة تراعي المصالح المشتركة، في ظل الاحترام التام لسيادة الدول الأعضاء ووحدتها الترابية، كما نصت على ذلك معاهدة مراكش التاريخية». على صعيد آخر، أكد السيد عباس الفاسي تمسك المغرب بإطار مسلسل برشلونة للشراكة الأورو- متوسطية، والحوار المغاربي- الأوروبي 5+5، باعتبارهما منابر إقليمية مهمة للتشاور والحوار من أجل إرساء شراكة قوية ومثمرة بين ضفتي المتوسط مجددا استعداد المملكة للعمل مع شركائها باتجاه دعم مشروع الاتحاد من أجل المتوسط، الذي من شأنه أن يشكل مقاربة متقدمة للشراكة المقترحة ويوفر أسلوبا متجددا للتعامل مع الرهانات المطروحة على مجالنا المتوسطي. ودعا السيد عباس الفاسي الى إيلاء التعاون جنوب - جنوب العناية الضرورية، وتكريسه كعامل حيوي واستراتيجي لتحقيق التنمية المنشودة لدول الجنوب، وإعطائه محتوى فعالا بما يخدم قيم التضامن ويحقق التنمية المستدامة، مبرزا أن اتحاد المغرب العربي يمكن أن يشكل جسرا حيويا لبلورة شراكة بين القارتين الأوروبية والإفريقية، هدفها تحقيق تنمية مستدامة للقارة الإفريقية وإرساء الاستقرار والأمن فيها. وفي معرض حديثه عن القضايا المصيرية للوطن العربي أكد السيد الفاسي مجددا دعم المغرب المطلق للشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة في إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، مناشدا المجموعة الدولية مواصلة تعبئتها وجهودها من أجل تحقيق سلام شامل وعادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط، على أساس مبادرة السلام العربية وقرارت الشرعية الدولية ذات الصلة، من أجل التوصل إلى حل نهائي يفضي إلى السلام المنشود. من جهته أكد الوزير الأول التونسي السيد محمد الغنوشي أن ما يجمع البلدين من علاقات متميزة وقواسم مشتركة ووشائج متينة نسجها إرثهما الحضاري وانتماؤهما للفضاءات المغاربية والعربية والاسلامية والافريقية والمتوسطية لهو خير سند وأفضل حافز لتكريس مقومات شراكة فعالة وتنمية متضامنة. وبعد ان عبر عن ارتياحه للمستوى الذي بلغته علاقات التعاون بين البلدين في شتى المجالات، شدد السيد الغنوشي على أهمية إحكام توظيف ما يزخر به المغرب وتونس من امكانيات اقتصادية وقدرات بشرية لبلوغ الأهداف المنشودة، داعيا الى تحديد جملة من الأوليات والتوجهات المستقبلية لتعزيز التعاون الثنائي في إطار الحرص المشترك للبلدين على تحقيق التكامل الاقتصادي وتدعيم مصالحهما الحيوية. واعتبر السيد الغنوشي في هذا السياق، أن للقطاع الخاص دور محوري في تعزيز مجالات الشراكة والاستثمار ودعم المبادلات التجارية التي لا ترقى الى التطلعات، داعيا الى الاستفادة من الاطار التفاضلي الذي توفره اتفاقية أكادير والتي تعتبر اطارا ملائما لتوسيع قاعدة التعاون الثنائي والمتعدد الاطراف. وأضاف ان التحديات المطروحة وخاصة في ضوء ما تشهده الساحة العالمية من مستجدات وتطورات تتطلب اكثر من أي وقت مضى تكثيف الجهود وتعبئة الطاقات للنهوض بقطاعات استرايجية منها على الخصوص النقل وتكنولوجيا الاعلام والاتصال و الموارد البشرية والبحث العلمي . واعتبر أن ما حققه المغرب وتونس من خطوات ايجابية على درب التعاون والتكامل على الصعيد الثنائي يشكل عاملا للدفع بمسيرة اتحاد المغرب العربي والذي يمثل خيارا استارتيجيا ثابتا باعتباره الإطار الأمثل لتجسيد تطلعات الشعوب المغاربية الى الاندماج و التضامن والتكامل ومجابهة التحديات. وأبرز ان انخراط المغرب وتونس في الفضاء المتوسطي يتطلب المضي قدما على درب تعميق التشاور وتنسيق المواقف وتبادل الخبرات في سائر المجالات بما يعزز موقع البلدين ويوطد رافع التحديات المتولدة عن انخراط اقتصاديهما في الفضائين الاقليمي و الدولي. تجدر الاشارة الى ان الحجم الاجمالي للمبادلات التجارية بين المغرب وتونس بلغ سنة 2007 ما مجموعه 2312 مليون درهم مسجلا ارتفاعا مقارنة مع سنة 2006 حيث بلغ 1962 مليون درهم.