رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    "برلمانيو الأحرار" يترافعون عن الصحراء    فوز صعب ل"الماص" على المحمدية    المنتخب النسوي يفوز وديا على غانا    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    "طلب رشوة" يورط عميد شرطة    حادث سير يصرع شابة في الناظور    "الفوبريل" يدعم حل نزاع الصحراء    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    السلطات المغربية تحدد موقع مدخل نفق لتهريب المخدرات بين سبتة المحتلة والفنيدق    نادي القضاة يصدر بلاغاً ناريا رداً على تصريحات وزير العدل بشأن استقلالية القضاء    المدير السابق للاستخبارات الفرنسية للأمن الخارج: المغرب كان دائما في طليعة مكافحة الإرهاب    طقس السبت .. امطار مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 24,6 في المائة عند متم يناير 2025    أزولاي: البصمة المغربية مرجع دولي لشرعية التنوع واحترام الآخر    اختتام القمة العربية المصغرة في الرياض بشأن غزة من دون إصدار بيان رسمي    صراع مغربي مشتعل على عرش هدافي الدوري الأوروبي    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين تحت شعار: «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع الديمقراطي التنموي»    قرعة دور ال16 لدوري الأبطال .. ريال مدريد في معركة مع "العدو" وباريس يصطدم بليفربول … والبارصا ضد بنفيكا    استقر في المرتبة 50 عالميا.. كيف يبني المغرب "قوة ناعمة" أكثر تأثيرا؟    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    إيفاد أئمة ووعاظ لمواكبة الجالية المغربية بالمهجر في رمضان    الملك محمد السادس يحل بمطار سانية الرمل بتطوان استعدادًا لقضاء شهر رمضان في الشمال    الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء تحدد تعريفة استخدام الشبكات الكهربائية للتوزيع ذات الجهد المتوسط    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    مليلية المحتلة تستقبل أول شاحنة محملة بالأسماك المغربية    نتنياهو يزور طولكرم ويهدد بالتصعيد    المغرب يشارك في الدورة ال58 لمجلس حقوق الإنسان    الرجاء يعلن منع تنقل جماهيره إلى مدينة القنيطرة لحضور مباراة "الكلاسيكو"    المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تكريم استثنائي لرائد إقليمي في الفلاحة الذكية والمستدامة    المندوبية السامية للتخطيط تسجل ارتفاعا في كلفة المعيشة في المغرب    المقاتلات الشبحية F-35.. نقلة نوعية في القوة العسكرية المغربية    حماس: جثة بيباس تحولت إلى أشلاء    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته    إطلاق تقرير"الرقمنة 2025″ في المنتدى السعودي للإعلام    إطلاق أول رحلة جوية بين المغرب وأوروبا باستخدام وقود مستدام    تراجع احتمالات اصطدام كويكب بالأرض في 2032 إلى النصف    فضاء: المسبار الصيني "تيانون-2" سيتم اطلاقه في النصف الأول من 2025 (هيئة)    كيف ستغير تقنية 5G تكنولوجيا المستقبل في عام 2025: آفاق رئيسية    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    أوشلا: الزعيم مطالب بالمكر الكروي لعبور عقبة بيراميدز -فيديو-    "حماس" تنتقد ازدواجية الصليب الأحمر في التعامل مع جثامين الأسرى الإسرائيليين    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    سفيان بوفال وقع على لقاء رائع ضد اياكس امستردام    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأثيرات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على القطاع السياحي في بلدان المغرب العربي الكبير

بدعوة من الجمعية الوطنية للاقتصاديين الجزائريين، حضر الدكتور مصطفى الكتيري بوصفه نائب جمعية الاقتصاديين المغاربة مكلفا بالعلاقات الخارجية وأمين عام اتحاد المغرب العربي للاقتصاديين يومي السبت 19 والاحد 20 دجنبر 2009 الملتقى العلمي الدولي الثامن الذي التئم بتمنراست بالجنوب الشرقي للجزائر لتدارس موضوع تنمية السياحة كمصدر تمويل متجدد لمكافحة الفقر والتخلف في الجزائر وفي بعض البلدان العربية والاسلامية
ومعلوم أن المخطط الأزرق يعد من الرهانات الكبرى للإقتصاد المغربي إلى جانب المخطط الأخضر للتنمية الفلاحية المندمجة ومخطط Emergence في مجال تنمية الصناعات الوطنية الناشئة وإرساء مرتكزاتها ودعائمها من خلال المشروع الكبير لميناء طنجة المتوسطي ومخطط الصناعة التقليدية ومخطط تنمية الصيد البحري والصناعات المرتبطة به وكلها أوراش عمل كبرى تتعزز بمشاريع وبرامج التجهيزات الأساسية والبنى التحتية والارتكازية للطرق السيارة وشبكة المواصلات وبرامج التغطية الكهربائية والمائية.
وفي تونس، فإن الدراسة الاستراتيجية المنجزة لإستشراف آفاق المستقبل للسياحة التونسية في أفق 2016 تؤكد الأولوية التي يحظى بها القطاع السياحي ومكانته في الاقتصاد التونسي وترسم من بين أهدافها وبرامج عملها التنويع السياحي والرفع من مستوى الأداء والجودة في مواجهة تنامي التنافسية الدولية على السياحة.
وتراهن تونس في سياستها السياحية على استقطاب السواح من بلدان المغرب العربي التي تعتبر أسواقا هامة وواعدة للسياحة التونسية. وسبق للوزير التونسي للسياحة أن أعلن في ندوة صحفية يوم 2 يناير 2009، عن مخطط أعدته وزارته لتنشيط حركة السياحة الموردة من البلدين الجارين ليبيا والجزائر، موضحا أن هذا المخطط السياحي يقر بأن المنتوجات السياحية التونسية تستجيب بالفعل لانتظارات ورغبات السواح المغاربيين ومن تم فهي محفزة للطلب السياحي العام. وقد تقرر في إطار المخطط التونسي رصد استثمارات بمبلغ 80 مليون دينار لتحسين وتجويد طاقة إيوائية فندقية قوامها 520.000 سرير.(4)
ويهدف المخطط السياحي المعلن عنه إلى تسهيل عملية العبور على الحدود البرية التونسية الليبية والتونسية الجزائرية. كما قام المسؤولون في وزارة السياحة بتونس بزيارات ميدانية لبعض نقط العبور بين تونس والجزائر من أجل تدارس إجراءات الدخول والخروج للسواح الجزائريين المتوجهين من وإلى تونس، علما بأنه توجد 10 نقط للعبور بين تونس والجزائر حسبما صرح به المسؤول التونسي.
كما أن ليبيا تتصدر السوق السياحية في تونس بما يناهز مليون ونصف مليون سائح ليبي. وفي الوقت الذي سجلت فيه السياحة التونسية إجمالي 6,7 مليون سائح في سنة 2007، وصلت نسبة الوافدين من بلدان المغرب العربي وخاصة من الجزائر وليبيا نسبة 37% من مجموع السواح الأجانب.
المحور الثاني : الاندماج الاقتصادي إطار لتنمية السياحة المغاربية وبناء الصرح المغاربي
من الواضح أن التنمية السياحية لبلدان المغرب العربي من الرهانات الجديدة والآنية ليس في الإطار المغاربي فحسب بل وفي ظل الفضاء الأورومتوسطي والأوروإفريقي من شأنها أن تسهم في تحقيق إنجازات ملموسة ومشاريع قابلة للإستمرار.
وقد أكد منتدى الأعمال والتنمية بشمال إفريقيا في دورته السادسة التي التئمت مؤخرا ببرشلونة في إطار الأسبوع المتوسطي الثالث للفاعلين الاقتصاديين بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، أن بلدان اتحاد المغرب العربي تتوفر على إمكانات كبرى للإندماج الاقتصادي وأن الإندماج المغاربي قد يجعل من هذه المنطقة أرضية للتنمية في إفريقيا وفاعلا قويا في إطار الفضاء الأورومتوسطي.
ولأهمية الإندماج الاقتصادي في زخم التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، تتبدى حتمية الإندماج القطاعي بالتدرج بين بلدان المغرب العربي الكبير في مجالات عدة كالنجاعة الطاقية والحكامة المائية والثورة الخضراء لحماية التوازن البيئي والإيكولوجي والكفاية الذاتية من الموارد الغذائية وخدمات النقل والتنشيط السياحي.
فمنطقة المغرب العربي الكبير كغيرها من مناطق العالم تواجه تحديات جديدة ومتنامية مرتبطة بتداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية ومدى انعكاساتها على مقتضيات ومتطلبات التنمية الذاتية لهذه البلدان. وقد أظهرت التجليات الأولى لهذه الأزمة التي هزت أركان العالم «المعولم» أن الاقتصادات القطرية المنفردة وغير المجتمعة واللامتكتلة لا يمكنها مواجهة آثار الأزمة والتصدي لها لأن الكيانات الصغرى والهشة ليس في مستطاعها الحفاظ على استقلاليتها وعلى مناعتها ما لم تكن لها القدرة الذاتية الكافية والكفيلة بتأمين استقرارها وأمنها الاقتصادي وتنميتها.
وفي خضم التحولات الاقتصادية الجارية عالميا بكيفية عميقة ومتسارعة، يمكن لواقع الأزمة أن يشكل رافعة قوية للتعبئة والدينامية من أجل بناء مستقبل مغاربي مشترك.
لذلك تتأكد حتمية الإندماج المغاربي الذي لا غنى عنه لمواجهة تحديات التنمية التي تواجهها البلدان المغاربية اليوم أكثر من أي وقت مضى إذ من الضروري والحتمي بناء اندماج اقتصادي إيجابي، في سياق العولمة الجامحة والمتأحجة لتمكين بلدان المغرب العربي الكبير من كسب رهانات الحاضر والمستقبل في التنمية الشاملة والمستدامة لصالح شعوبها.
كثيرة هي الدراسات العلمية الجادة والرصينة التي أثبتت أهمية وجدوى الإندماج ببلدان المغرب العربي التي يتعين عليها مواجهة تحديات عدة لتأهيل هذه المنطقة والارتقاء بها إلى مستوى فاعل قوي ووازن ومتميز في المنطقة الأورومتوسطية. ويقتضي هذا المبتغى إعداد مقاربة منفتحة ومعمقة للإندماج المغاربي الهادف إلى إحداث نموذج اقتصادي في هذا الاتجاه.
ومن المؤكد أن الشروط الذاتية والموضوعية لهذا الإندماج المغاربي متاحة ومتوفرة لإنجاز هذا المشروع وأن العديد من المبادرات الهادفة إلى تمهيد الطريق لتأسيس الإندماج الاقتصادي المغاربي وتعميقه تم اتخاذها بالفعل حيث وجود تقارب في المقاصد والمصالح لتحريك التكامل البيني والعمل المشترك من خلال تطوير مشاريع مشتركة لتحقيق الأهداف الأساسية للإندماج المغاربي بإيجابياته الكبرى والمميزة لبلدان اتحاد المغرب العربي الكبير وكذا لمنطقة البحر الأبيض المتوسط والقارة الإفريقية.
فيجب إيلاء العناية لمفهوم ومضمون التنمية المغاربية المشتركة الملتزمة والمسؤولة ورسم السبل والآليات وأداوت العمل الكفيلة بإقامة علاقات طبيعية وموضوعية بين بلدان المغرب العربي الكبير التي جمعت بينها روابط التبادل والتعاون والتكامل ومقومات رئيسية أكثر مما تفرق بينها اعتبارات ظرفية وتناقضات ثانوية.
إن كل المعطيات والمؤشرات المحفزة لبناء الصرح المغاربي تفيد بلا منازع أن إمكانات التكامل والإندماج بين بلدانه أكبر وأقوى من عناصر التماثل والتنافس.
فالمنتوج السياحي يتميز بغناه وتنوعه وتكامله : سياحة شاطئية تتوزع بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي على امتداد آلاف الكيلومترات على الساحلين المتوسطي والأطلسي، سياحة المدن الداخلية المؤهلة بمآثرها التاريخية ومعالمها الدينية والحضارية والتراثية والثقافية لإفراز منتوج سياحي جذاب ومغري ومشوق للسائح الأجنبي الوافد من أوروبا وأمريكا الشمالية وحتى الجنوبية واليوم من بلدان جنوب شرق آسيا والصين واليابان.
ومن اللافت اليوم بروز المنتوج الجديد للسياحة الصحراوية التي أصبحت تشد أنظار القوافل السياحية المنظمة التي ترتاد المناطق الصحراوية النائية لتتوغل في عمق الصحراء التي تشكل أحزمة من الواحات والفيافي جنوب ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وشمال شرق موريطانيا والتي تمتاز بخصوصية منتوجها السياحي من حيث صفاء السماء ونقاء الهواء وأنسة المشتاق لخلوة الطبيعة وعشاق الحياة وأسرار الكون والوجود.
وتنفرد البلدان المغاربية بمناطق صحراوية شاسعة ومتلاصقة الأطراف والاوصال تشكل فيما بينها فضاء واسعا ورحبا للتواصل السياحي وقطب تنمية جهوية للسياحة الصحراوية الواعدة بمستقبل مشرق ومزدهر على المنطقة المغاربية قاطبة، في ظل استحواذ هذا النوع من السياحة على اهتمام المولعين والشغوفين بها.
وفي هذا السياق، بات من الضروري والبالغ الأهمية التنسيق والتعاون بين البلدان المغاربية في مجال تطوير وتنمية السياحة الصحراوية وإعداد برامج مشتركة للخدمات السياحية والفندقية وخدمات النقل الجوي والبحري والبري، إنتاجا وترويجا وتسويقا من شأنها الدفع بعجلة التنمية السياحية المغاربية في إطار اندماج لقطاع السياحة وخارطة طريقه عموديا وأفقيا.
فيجب وهذه من أهم الاقتراحات لهذا الملتقى العلمي، تأهيل وتطوير السياحة الداخلية الوطنية والمغاربية والتي يمكن أن تشكل بديلا على مستوى الطلب في حال تقلص الطلب الخارجي على السياحة.
ويجدر بلورة وصياغة منتوج سياحي يتسم بمزايا مقارنة تفضيلية كلفة وجودة وبمقاييس جادبية المنتوج وقدرته التنافسية ودرجة حريته الاقتصادية ونوعية آليات وأدوات تدبيره بحرفية، طالما أن النشاط السياحي من مستحدثات ومتطلبات العصر التي تتطلب تقنيات حديثة وجديدة للتدبير العقلاني والحكامة الجيدة.
وتقتضي تهيئة المنتوج السياحي المقاربة الجيدة والراصدة لعناصر وعوامل العرض السياحي بما يستجيب لميولات ومنحنيات الاستهلاك السياحي المتجلية في تثمين ودعم الاستقطاب السياحي والرفع من ولوجية السواح للبلد المستقبل ودرجة تلبية انتظارات ورغبات السواح والحفاظ على درجة وفادتهم ووفائهم وعودتهم للوجهة السياحية المفضلة لديهم. إنه من المحبذ للبلد المستقبل للسواح والمستفيد من حصته من الطلب السياحي العالمي الحفاظ على موقعه ومكانته في السوق السياحية العالمية ومعناه الرفع من قدرته التنافسية إن لم يكن تثمينها وزيادة الاستفادة منها ومعناه تعظيم المكاسب والمنافع والحد من الأضرار والأعباء. إنه الرهان الكبير الذي تسعى الاقتصادات المنفتحة على الأسواق الخارجية ومنها السوق السياحية إلى كسبه وتوسيع آفاقه وأرجائه في ظل التدفقات السياحية العالمية التي تقوم بتصريفها السياحة الدولية في أوضاع الاستقرار والانتعاش التي تشهدها عندما تعصف بها ظرفية الأزمة كالتي يعاني منها العالم منذ أن أطلت الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية في 2008 و2009. ومع ذلك فإن الوجهات السياحية القوية والثابتة المرتكزات والعوامل المحددة والمؤثرة والضابطة للمنتوج السياحي على مستوى العرض والطلب بمقدورها أن تصمد إلى حد ما وبقدر كبير من النسبية للهزات الظرفية كما هو شأن السياحة المغربية والسياحة التونسية من بين السياحات المغاربية.
ومن وجهة نظري فإن الطموح يرقى إلى تأهيل السياحة المغاربية إلى مستوى اندماج سياحي يتجاوز الحدود القائمة بين بلدان القرب والجوار بدءا بفتح الحدود المغربية الجزائرية المعلقة منذ 1995 ضدا .وعنادا على الطبيعة والتاريخ المشترك والمصير المشترك لاستغلال مشترك للخيرات الطبيعية والاقتصادية في مجال السياحة وهي ثاني توصية.
ومن الروافد الأساسية والحاسمة لاقتصاد السياحة، يكتسي القطاع الفرعي للنقل ولاسيما النقل الجوي أهمية بالغة وتأثيرا شديدا على الحركة السياحية المتأتية من البلدان المصدرة للسواح والكثيرة التدفق السياحي. وقد عرف النقل الجوي في السنوات الأخيرة تحولات جذرية وعميقة مع دخوله عهد تحرير القطاع وانفتاحه الواسع والعريض على الخارج منذ سنة 2004 التي دشنت توجه «أبرلة» النقل الجوي ومنذ 2006 التي شهدت التوقيع على اتفاق » OPEN SKY « مع الاتحاد الأوربي. وبموجب هذا التعاقد على تحرير النقل الجوي، انضافت 22 شركة نقل جوي جديدة ليصل عدد الشركات الأجنبية التي تعمل في النقل الجوي بانتظام إلى المغرب 45 شركة نقل جوي وتزايد متوسط نمو النقل الجوي بما نسبته 17% خلال الفترة الممتدة من 2004 إلى 2007. وبالرغم من الأزمة العالمية الراهنة فقد ارتفع هذا المتوسط بنسبة 8,5 % في سنة 2008.
كما أن قطاع النقل الجوي بالمغرب عرف إحداث 4 شركات مغربية للنقل الجوي جديدة منها شركتان فرعيتان للخطوط الجوية الملكية هما ATLAS-BLUE وR.A.M. EXPRESS.
وتضطلع الشركات الوطنية للنقل الجوي بالبلدان المغاربية بمهام وأدوار رائدة وطلائعية في تنمية السياحات الوطنية وفي الدفع بالسياحة المغاربية لتتبوأ مكانتها كإطار ملائم قادر على تطوير وتوسيع القاعدة المادية للرواج السياحي والتدفقات السياحية التي تتجه صوب البلدان المغاربية. ومن شأن الاندماج المغاربي عموديا وأفقيا أن يقوي ويعزز القطاع السياحي ويرقى به إلى مستوى تكثيف وتشبيك النسيج الإنتاجي والخدماتي الخلاق للثروة وللخيرات الاقتصادية والاجتماعية وللتنمية البشرية. فبلدان المغرب العربي بمقدورها أن تشكل أرضية صلبة وشبكة متكاملة للقدرات الاستثمارية والإنتاجية في الصناعة السياحية التي هي مصدر خدمات منتجة موفرة لفرص الشغل، مدرة للدخول ومنشطة للدورة الاقتصادية. وإذا ما تضافرت الجهود وتضاعفت المبادرات لتوسيع الوعاء السياحي وتقعيد هياكل الاستقبال السياحي والإقامة الفندقية بكل أصنافها وتفريعاتها، فمن المحقق أن الآثار المضاعفة للقطاع السياحي على صعيد بلدان المغرب العربي الكبير مجتمعة ستمكن من تأمين فائض دخول وقيم مضافة ترفع من إنتاجية وعائدات السياحة في النواتج الداخلية الإجمالية لاقتصادات البلدان المغاربية.
في هذا الأفق الاستراتيجي، تتأكد ضرورة وحتمية انخراط الاقتصادات السياحية المغاربية ?شأنها شأن كافة القطاعات وفروع الإنتاج والخدمات- في إطار اندماجي يقوم على مشاريع سياحية وفندقية وخدمات موازية مشتركة ومتصلة ببعضها البعض ومجدية لمنتوجات سياحية أشمل وأكثر تكاملا من مجرد منتوج سياحي ينحصر في بلد واحد من البلدان المغاربية.
ومن الجدير بالذكر التعاون الذي يجب تأسيسه وتوطيده بين المهنيين السياحيين والفاعلين في كل مجالات ومكونات المنتوج السياحي من وحدات فندقية وشبكات الفنادق والإقامات الفندقية والسياحية بما فيها الموازية والنقل السياحي ووكالات الأسفار والترويج السياحي ودور ومتاجر وأسواق الصناعة التقليدية والعرض المتحفي وعموم المتدخلين في الأنشطة والعمليات السياحية.
فالواقع أن دور المهنيين في المشهد السياحي وفي تنشيط وتحريك العملية السياحية هو من الأهمية بمكان يقتضي التعامل مع المنتوج السياحي بما يجب من اليقظة والتعبئة والعمل الجاد والدؤوب للرفع من مستوى الأداء والكفاءة في الخدمة السياحية التي تختص بمحددات ذاتية وموضوعية لمشاعر ومواقف السائح من المنتوج السياحي الذي يتأسس ويبنى عليه العرض السياحي المحفز والباعث على الطلب على المنتوج السياحي.
على هذا الأساس، تتجلى أهمية جودة العرض السياحي ومدى تأثيره على الأذواق والميولات واستمالته لإشباع حاجيات السائح في الإقامة والإطعام والتجوال والتنشيط الثقافي والتراثي والترفيهي وكل متطلبات الاستهلاك التي يتطلع إليها السائح الوافد على البلد السياحي للاستمتاع بجماليته ومعالمه ومآثره وحلم استكشافه وسبر أغواره والنفاذ إلى أعماقه. هذه الانتظارات والتطلعات تستوجب بالضرورة قدرا كبيرا من المهنية والاحترافية لدى المهنيين والفاعلين السياحيين لا سيما عندما يتعلق الأمر بمنتوج سياحي مشترك ومركب يتقاسمه بلدان أو أكثر. لذلك فإن ترقية وتأهيل السياحة في بعدها المغاربي لمما يدعو بإلحاح إلى بلورة واعتماد سياسات عمومية واضحة الأهداف ومحددة الوسائل والأدوات يتم تجسيدها في مشاريع سياحية مشتركة وأقطاب تنمية سياحية تستوعب القدرات والإمكانات المتاحة والمتوفرة في مناطق متصلة وحدودية والأمثلة قائمة بين المغرب والجزائر والجزائر وتونس وليبيا وتونس وموريطانيا وكل من المغرب والجزائر على وجود أقطاب جذب سياحي تتسع لمناطق حدودية على خطوط التماس.
وفي تقديري أنه من الضروري إقامة مشاريع سياحية مشتركة لأرباب الفنادق والسفريات ووكلاء الأسفار والنقل الجوي السياحي في أفق وفي سياق تنمية سياحية مغاربية واعدة.
لا مراء في أن السياحة هي بوتقة للاندماج الاقتصادي وانصهار المؤهلات والكوامن التي تزخر بها البلدان المغاربية مجتمعة أكثر منها منفردة كما أثبتتها العديد من الأبحاث والدراسات الميدانية المسحية والتحليلية التي تنتظر تفعيلها وترجمتها على أرض الواقع عندما تتوفر الإرادة السياسية والنوايا الحسنة.
ومن نافلة القول التأكيد على ثوابت مشروع اتحاد المغرب العربي الكبير الذي يعتبر بحق خيارا استراتيجيا لا مندوحة منه لتجاوز حال التجزئة والتشتت والانكفاء على المصالح القطرية الضيقة بدل توظيف الطاقات والمؤهلات المتفرقة في إقامة بنيان مرصوص يشد بعضه بعضا لما فيه خير وتقدم شعوب المنطقة المغاربية التواقة إلى الاندماج الاقتصادي والتوحد السياسي والجيوسياسي في عالم التكتلات الاقتصادية الكبرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.