وقعت أحزاب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري، أمس السبت بطنجة، ميثاق الحكامة الجيدة الرامي إلى ضمان تنسيق أفضل بين هذه الأحزاب في المدن والجماعات التي تشرف على تسييرها. ويعتبر هذا الميثاق، الذي وقع عليه كل من الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة السيد محمد الشيخ بيد الله ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار السيد صلاح الدين مزوار والأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري السيد محمد أبيض، أن تحسين حكامة المجالس الجماعية يمر عبر انخراط هذه الأخيرة، وبشكل فعلي، في مسلسل بناء مدينة الغد المتسمة بالتنمية المستدامة والتضامن الاجتماعي عملا بالتوجهات الملكية السامية. واعتبر الميثاق أن هذه المبادرة تجسد إرادة الأطراف في الدفع بنظام الحكامة المحلية نحو مرحلة جديدة، والانتقال من المقاربة القطاعية فوق تراب الجماعات إلى المقاربة التعاقدية والتشاورية حول مشاريع مندمجة، كما يفعل طموح إحلال ممارسة جماعية جديدة تنبني على توافق النخب السياسية المحلية المشكلة للمجالس المنتخبة في وضع التصورات التنموية. كما ينص الاتفاق على وضع مخطط تنمية حضرية مستدامة بشراكة بين مجالس المقاطعات والفاعلين المحليين، واعتماد سياسة سكنية تضامنية مستدامة، وجعل الثقافة في صلب مشروع المدينة، وجعل المدينة فضاء للعيش وتحسين خدمات مرافقها. وبالنظر لكون التخطيط الجماعي يعتبر عنصرا أساسيا في تكريس دور الجماعة ضمن المنظومة المؤسساتية للمغرب، فإن أطراف الميثاق تلتزم بتحديد التوجهات الاستراتيجية وأهداف تنمية الجماعة، والسهر على تكافؤ الفرص في الاستفادة من إنجاز المخطط، والمساواة في ولوج الخدمات والمرافق العمومية، وضمان الانسجام بين جميع التدخلات داخل تراب الجماعة. وترى الأحزاب الموقعة على الميثاق أن الوصول إلى تفعيل أدوات التخطيط والتدخل لن يتأتى إلا بإعداد الميزانية على أساس برمجة تمتد على مدى ثلاث سنوات لموارد وتحملات الجماعة، وذلك من أجل ربط الأهداف الاستراتيجية المسطرة في المخطط الجماعي للتنمية بالميزانية السنوية، والرفع من مستوى فعالية توظيف الموارد المالية. ولبلوغ هذه الأهداف، نصت الوثيقة على أن مكونات التحالف ستعمل على إيلاء العناية الكاملة للبعد الاقتصادي والاجتماعي للميزانية، وتعبئة الموارد الذاتية، وتفعيل مبدأ شمولية الاعتمادات، ونهج أساليب التدقيق والافتحاص، والعمل على احترام الالتزامات المالية الناجمة عن الاتفاقيات والعقود المبرمة، وذلك لإرساء مناخ الثقة بين الجماعة وشركائها. ولضمان التنفيذ الأمثل لمقتضيات الميثاق، فإن مكونات التحالف تلتزم بتشكيل لجنة وطنية تتكون من أعضاء يعينهم الأمناء العامون للأحزاب، موكول لها مهام تقييم تنفيذ كل طرف لبنود الاتفاق، وتجتمع مرتين في السنة، أو متى دعت الضرورة لذلك، مع إمكانية تكليف جهاز محايد بمهمة التقييم. وعلى مستوى تسيير مدينة طنجة، نص الميثاق على تقوية التواصل بين الجهاز التنفيذي للمجلس والجهاز التداولي، والالتزام بواجب حضور دورات المجلس، وتوسيع فضاء النقاش عبر إشراك جميع الفعاليات السياسية المكونة للمجلس. كما تضمن الميثاق دعوة لتفعيل دور اللجان بشكل يسمح لها بأن تكون قوة اقتراحية، والالتزام بصيانة الملك الجماعي وحسن تدبيره، وتكريس ثقافة التشاور بين رئيس المجلس الجماعي ورؤساء المقاطعات، واحترام وتفعيل القرارات المتفق عليها في ندوة الرؤساء، والعمل مع سلطة الوصاية بمنطق الشريك وفقا للمقتضيات القانونية المنظمة، لما فيه مصلحة المدينة وساكنتها. واعتبر عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة السيد فؤاد عالي الهمة، الذي أشرف شخصيا على وضع الميثاق، أن هذه المبادرة تعتبر "مدخلا حقيقيا لإصلاح الممارسة السياسية والحزبية بالمغرب، وتترجم التنسيق والتوافق التام بين أطراف الميثاق على المستويين المركزي والجهوي". وأشار إلى أن "هذه المبادرة الجديدة ستكون اللبنة الأولى لعمل جدي سيشمل عدة مجالس وجهات بالمغرب في سبيل بناء المشروع المجتمعي الذي تنادي به الأحزاب الموقعة على الميثاق"، معتبرا أن "الميثاق لا يهدف فقط إلى تشكيل الأغلبية في المجالس، بل إلى الاتفاق على أرضية عمل مشتركة وتحديد المسؤوليات في التسيير الجماعي". وأضاف أن "الميثاق، الذي يعتبر مبادرة سياسية غير مسبوقة، يروم جمع الطاقات المشتتة، ولا يستهدف أي جهة بعينها بقدر ما يساهم في بناء المشروع المجتمعي"، معتبرا أن "اختيار مدينة طنجة للإعلان عن التوقيع على هذا الميثاق يعكس مكانة المدينة في المشهد الاقتصادي والسياسي بالمغرب". بدوره، اعتبر السيد محمد الشيخ بيد الله أن هذا "الميثاق ينطلق من مرجعيات مختلفة ويتميز بالتأني والعمق والتوازن"، مشيرا إلى أنه يشكل الخطوة الأولى نحو إعادة النظر في مفهوم الحكامة الجهوية الحقيقية التي تدافع عنها الأحزاب الموقعة على الميثاق. ويرى السيد صلاح الدين مزوار، من جانبه، أن هذه المبادرة تعتبر استمرارا لبناء مشروع متكامل ينطلق من الواقع المحلي لمواجهة تحديات التنمية الجهوية، استجابة لانتظارات السكان والمدينة ومواصلة البناء الديموقراطي. وأكد على أن التجمع الوطني للأحرار يسعى إلى تعزيز تحالفاته الاستراتيجية مع الأحزاب الموقعة على الميثاق للمساهمة في تحول الأداء السياسي والحزبي، مؤكدا على أن "المستشارين الجماعيين سيعلمون بانضباط وفعالية والتزام لتحقيق أهداف الميثاق بهدف استرجاع المصداقية قي العمل السياسي". من جهته، أبرز السيد محمد أبيض أنه سيتم إحداث لجنة بين قيادات الأحزاب لتتبع أجرأة الميثاق وتتبع أداء المجالس التي تشرف على تسييرها، معتبرا أن الغرض من هذا التحالف يتمثل في التغلب على المشاكل التي تعوق الأداء الحزبي. وتجدر الإشارة إلى أن قيادة حزب الأصالة والمعاصرة عقدت، أمس السبت، لقاء مع أعضاء الكتابة الإقليمية للحزب بعمالة طنجة-أصيلة والمستشارين الجماعيين بالجماعة الحضرية لمدينة طنجة، لتدارس وضعية التسيير الجماعي بالمدينة.