(من مبعوث الوكالة: إبراهيم الجملي) أكد المتدخلون خلال ندوة علمية نظمت، اليوم الثلاثاء بأزمور، حول موضوع "تاريخ التصوف بدكالة، زاوية مولاي بوشعيب السارية تراث صوفي زاخر"، أن الزاوية الشعيبية اضطلعت منذ تأسيسها بدور محوري وطلائعي في نشر العقيدة الصحيحة القائمة على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، عملا منها على تحصين الأمة وصونها من مختلف أوجه الانحراف. وأوضح المتدخلون خلال هذه الندوة، المنظمة في إطار فعاليات الملتقى الوطني الأول للسماع الصوفي، المنظم تزامنا مع انعقاد موسم الولي الصالح مولاي بوشعيب السارية، أن منطقة دكالة أنجبت العديد من أقطاب التصوف الذين سطعت إشراقاتهم لتنير المشرق كما أنارت المغرب، وذلك خلال المحطات الحاسمة من تاريخ انتشار الدين الإسلامي الحنيف. وأشاروا خلال هذا اللقاء الذي عرف مشاركة ثلة من الأساتذة الباحثين والمهتمين بمجال التصوف، إلى أن الزوايا العديدة الموجودة بالمنطقة، لاسيما الزاوية الشعيبية الكائنة بمدينة أزمور، لعبت دورا أساسيا في محاربة الاحتلال البرتغالي وما أعقبه من محاولات التوغل الاستعماري. ومن جهة أخرى، اعتبر المتدخلون أن مولاي بوشعيب، المزداد في قرية أيير بمنطقة عبدة، حرص طيلة حياته الحافلة بالترحال في طلب العلم ونشره، على الدعوة إلى الدين القويم الذي ينبذ كل مظاهر الانحراف والتطرف العقائدي. وفي هذا الصدد، قال الأستاذ الجامعي محمد الشوفاني، في مداخلة عنوانها "مولاي بوشعيب بين المشهود والمحجب"، إن هذا القطب الواصل لم يكن بأي حال من الأحوال مبتعدا عن الحياة المادية أو منعزلا عنها، على اعتبار أنه شارك بكيفية فعالة في توجيه العامة وإرشادهم إلى جادة الصواب، كما أنه قام خلال مدة طويلة بتعليم الصبيان قبل الانقطاع للعبادة. وأكد السيد الشوفاني أن مولاي بوشعيب الذي توفي عن عمر يناهز 99 سنة، بذل الغالي والنفيس في سبيل الحفاظ على الوحدة المذهبية للمغرب، من خلال مواجهته لدعاة التفرقة والتشرذم، علما أنه كان أحد أبرز أقطاب الصوفية المناصرين للدولة الموحدية. ومن جهته، أوضح أستاذ التاريخ السيد محمد المغراوي، أن مدينة أزمور عرفت في عهد مولاي بوشعيب السارية إشعاعا دينيا هاما، على اعتبار أن أخبار كراماته وفضائله تجاوزت منطقة دكالة لتطال معظم أرجاء البلاد، مشيرا إلى أن تنقله في طلب العلم بكل من فاس وأغمات وأوريكة وإشبيلية وقرطبة أكسبه صيتا منقطع النظير. وأضاف أن المغرب أصبح في عهده يصدر التصوف السني القائم على الوسطية والاعتدال، على اعتبار أن العصر الذي عاش فيه تميز بعدد من مظاهر الشذوذ الديني والخروج عن المنهج الديني القويم. ومن جانبه، أبرز رئيس المجلس العلمي بسلا، السيد محمد بوطربوش، أوجه التشابه العديدة التي تجمع بين مدينتي سلا وأزمور، من خلال مقارنته بين تاريخهما وموقعهما الجغرافي، وتسليطه الضوء على حياة القطبين الصوفيين بالمدينتين، سيدي عبد الله بن حسون ومولاي بوشعيب السارية. ويذكر أن فعاليات الملتقى المنظم أيام 11 و12 و13 أكتوبر الجاري، من طرف الشرفاء الشوفانيين والجمعية الشعيبية للأعمال الاجتماعية بأزمور، بتعاون مع النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة والمجلس البلدي بأزمور والجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية بالجديدة، سيختتم يوم غد الأربعاء، بتنظيم سهرة فنية دينية يحييها عدد من الفنانين المغاربة.