شكل موضوع «التصوف عند أقطاب الزاوية الشرقاوية» محور ندوة علمية احتضنتها مدينة أبي الجعد على هامش موسم الولي الصالح سيدي أبو عبد الله محمد الشرقي (26-24 شتنبر الجاري) تحت شعار «أبي الجعد الزاوية، معانقة التراث الروحي دعامة للتنمية البشرية». وقام بتنشيط هذه الندوة، التي حضرها والي جهة الشاوية ورديغة السيد محمد اليزيد زلو، وعامل إقليمخريبكة السيد محمد صبري، ثلة من الأساتذة المهتمين بالزاوية الشرقاوية. وبالمناسبة أشار الأستاذ أحمد بوكاري في مداخلة له إلى أن تصوف الزاوية الشرقاوية لا يخرج عن مدرسة التصوف المغربية القائمة على المذهب السني الجنيدي، وفق الفقه المالكي، القائمة على العقيدة الأشعرية، والتي تقوم على الوسطية والتسامح واليسر والابتعاد عن الغلو والتطرف والتعسير سواء فيما يخص العبادات أو العقائد أو المعاملات. وفي معرض حديثه عن الشجرة الصوفية والامتداد الصوفي، قال بوكاري إن الولي الصالح أبا عبد الله محمد الشرقي يعد من كبار تلامذة المدرسة الجزولية بمراكش، إذ تتلمذ على يد كبار مشايخها من بينهم أبو عبد الله سيدي محمد الغزواني وسيدي عبد العزيز التباع، حيث أُذن له بتأسيس الزاوية بالمنطقة التي توجد بها حاليا مع الأخذ بعين الاعتبار ظروف الزمان والمكان. وذكر أن تأسيس الزاوية جاء لتوسيع القاعدة المذهبية والعقائدية والصوفية للمدرسة الشادلية الجنيدية ليصل إلى أن التصوف المغربي أخلاق وعبادات ومعاملات، وبالتالي فلا رهبنة ولا انغلاق ولا انزواء في التصوف. كما أشار إلى الدور الحضاري والتعميري للزاوية الشرقاوية، المتمثل في بناء مدينة أبي الجعد، إضافة إلى مساهمة تلامذة الزاوية في إحداث مدن أخرى كمدينة بنسليمان، والفقيه بن صالح، وسيدي قاسم وتمصلوحت، مما يعكس- في نظره- مدى الإشعاع الروحي والبشري للزاوية الشرقاوية الذي يشمل تقريبا كل وسط المغرب، بل ذهب إلى حد القول بوجود تلامذة وحفدة لأبي عبد الله محمد الشرقي بعمق الصحراء المغربية، مما يؤكد الوحدة الوطنية التاريخية والبشرية والحضارية والروحية. من جهته، تطرق الأستاذ عبد الحليم النوري إلى منهج وفكر الزاوية الشرقاوية وطريقة عملها التي ترتكز على قيم الاعتدال والتسامح والتشبث بمبادئ العقيدة السمحاء، مذكرا بأن الإسلام بعيد كل البعد عن مظاهر التطرف والتشدد التي أضحت تغزو العديد من المجتمعات. وذكر بموقف الزاوية الشرقاوية فيما يخص الحداثة والتطور العلمي والتكنولوجي، مشيرا إلى أنها لا تتعارض مع كل ما يراعى فيه خصوصيات الشخصية الإسلامية التي تحترم الشخص في أبعاده وقيمه الإنسانية. واستحضر، في هذا الصدد، ما تزخر به الزاوية الشرقاوية من نفائس وكنوز فكرية وعلمية من شأنها أن تشكل مواضيع أبحاث ودراسات جامعية كفيلة بإثراء الموروث الحضاري والثقافي. أما الأستاذ أحمد لخليع فأكد أن مدرسة بوعبيد الشرقي تعد من بين المدارس الصوفية التي تجمع بين مفهومي الجلال والجمال، مبرزا أن ذلك يظهر جليا من خلال أحوال أصحاب هذا الشيخ ومريديه وأبنائه وحفدته وأتباعه. واستشهد، في هذا الصدد، بمظاهر الجلال التي عرف بها زمرة من أتباعه وبنيه وغيرهم ممن مروا من هذه الزاوية، كما تطرق إلى إشعاع الزاوية في مجال العرفان والتربية والعلم, مشيرا إلى أنها أسست على التشبث بالكتاب والسنة النبوية.