أكد المشاركون في يوم دراسي حول "الزاوية العياشية .. تاريخ وتراث" اليوم السبت بالرباط، على الدور الطلائعي الذي اضطلعت به هذه المنارة الدينية في نشر العلم وترسيخ قيم التقوى والإيمان، مسلطين الضوء على الجهود المبذولة حاليا لرد الاعتبار لها. وقال وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد أحمد التوفيق، في كلمة تليت بالنيابة خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء، إن "الزاوية العياشية بماضيها العلمي الزاخر وموقعها المتميز ورجالاتها الأعلام نشرت ألوية العلم وقيم الإيمان والتقوى" وخلفت "نتاجات أدبية فكرية رائعة خلدت فترة هامة من العطاء الثر والسخي". وأضاف السيد التوفيق، في هذا اللقاء الذي تنظمه المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، أن "تاريخ الزاوية المشرق لم يكن ليصرف نظر الوزارة عن حاضر الحالة المزرية التي تعيشها خزانتها المعروفة بالخزانة الحمزية الزاخرة بالمصنفات والمصادر الأمهات مما يندر وجوده في غيرها". وأوضح، في هذا السياق، أن الوزارة قاربت أمر العناية بالزاوية من جانبين يتعلق أولهما بالترميم والإنقاذ وذلك من خلال إدراجها في مسلسل برنامج الوزارة الرامي إلى ترميم المساجد والزوايا، فيما يهم الثاني بناء مقر جديد لخزانتها مجهز بوسائل الحفاظ على المخطوطات وصيانتها، وذلك بتكلفة إجمالية بلغت خمسة ملايين و39 ألف درهم وعلى مساحة 608 متر مربع. وأبرز أن هذه الخزانة، التي تم الانتهاء من بنائها بمواصفات تقنية حديثة قبل شهرين، تضم قاعة للمخطوطات وقاعة للمحاضرات وقاعة للمطالعة وقاعة للعرض وقاعة للأرشيف ومجلسا للاستقبال ومرافق أخرى، مذكرا بأن الوزارة أصدرت سنة 2009 فهرسا وصفيا للمخطوطات التي تتوفر عليها. من جهته، أكد مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية السيد إدريس خروز أن هذا اللقاء "يسعى إلى التذكير بالماضي الزاهر للزاوية العياشية وإعادة الاعتبار لتراثها الثقافي باعتباره جزءا من شخصيتنا كمغاربة مسلمين عرب وأمازيغ". كما يشكل هذا اللقاء، يضيف السيد خروز، مناسبة لتعميق النقاش بخصوص ربح رهان بناء ثقافة مغربية مبينة على المخطوط والتراث ومنفتحة على المستقبل، مذكرا بأن المكتبة وقعت اتفاقية مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تهم صيانة ورقمنة مخطوطات الزوايا والمساجد، ومن ضمنها مخطوطات الخزانة الحمزية. من جانبه، اعتبر السيد عبد الرحمان أوباجا حفيد شيخ الزاوية العياشية أن "المقر الجديد للخزانة يستدعي التفكير في ترميم قصر زاوية سيدي حمزة حفاظا على التجانس بين المقر ومحيطه ودرءا للمخاطر التي باتت تشكلها المنازل المحيطة به والآيلة للسقوط خصوصا وأن شبكة الري تعبر من تحت الكثير من هذه الدور المتهالكة". كما دعا إلى التأهيل المعرفي والتقني والثقافي للقائمين على الخزانة بما يمكن من فتح المجال لجميع المهتمين للولوج إلى ذخائرها، وهو الولوج الذي يتطلب "بناء قنطرة على واد الزاوية التي ستشكل دفعة نوعية من شأنها ضخ دماء جديدة في جسم السياحة الثقافية والبيئية بالمنطقة". وتتوزع المداخلات المبرمجة في هذا اليوم الدراسي، الذي ينظم بتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة الثقافة والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وجهة مكناس تافيلالت وعمالة إقليم ميدلت وبلدية عين الشكاك، على محورين أساسيين الأول حول "زاوية أبو سالم العياشي: تاريخ وحضارة" والثاني حول "زاوية سيدي حمزة: تراث وثقافة". وتهم هذه المداخلات "ظروف تأسيس الزاوية الحمزاوية وعلاقتها بالسلطة والزوايا الأخرى"، و"مساهمة شيوخ الزاوية في ترسيخ القيم الحضارية للمغرب" و"الدور الإشعاعي للزاوية العياشية في البلاد المغاربية والمشرق"، و"التراث المخطوط بالزاوية العياشية"، و"مخطوطات التاريخ والجغرافيا والرحلة بخزانة الزاوية العياشية"، و"مميزات الشخصية الفكرية المغربية من خلال محتويات الخزانة الحمزية". وينظم على هامش هذا اللقاء، الذي حضر جلسته الافتتاحية على الخصوص عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية السيد أحمد بوكوس، معرض للمخطوطات. كما يشارك فيه عدد من الأساتذة والباحثين المهتمين، ويختتم بأمسية فنية تتخللها قراءات شعرية.