حصيلة الدورة الخريفية للنواب.. 42 قانونا و3622 سؤالا قطاعيا    ناصر جبور يكشف تفاصيل زلزال ليلة في المغرب والنشاط الزلزالي المعتاد في منطقة الريف    المغرب-ألمانيا: توقيع إعلان نوايا مشترك لتعزيز التعاون الثنائي في مجال الشؤون الدينية    أمن مراكش يوقف بارون مخدرات فرنسي من أصل تونسي    البحرية الملكية تنقذ 41 مهاجرًا غير نظامي قبالة سواحل طانطان    ألطاف إلهية تحف حافلة مدرسية إثر حادث انقلاب بجماعة ملوسة وعامل الإقليم يزور المصابين    المغرب يستعد للمونديال بقانون جديد لتعزيز الأمن في الملاعب    نواب برلمانيون: توصيات المجلس الأعلى للحسابات أرضية لتقوية الرقابة    الطالبي العلمي يتراجع عن وصف انسحاب الاتحاد المغربي للشغل ب"الخيانة" ويطالب بتدخل المحكمة الدستورية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    بسبب أزمة الديون.. لقجع يجتمع برؤساء الأندية    بيان حول مؤشر إدراك الفساد لسنة 2024    وزير الأوقاف يستقبل وزير الحج والعمرة السعودي في سياق تعزيز التعاون بين البلدين    حاسوب خارق يمنح برشلونة الأمل للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا ويصدم ريال مدريد    "قُبلة المونديال" .. روبياليس "متأكد تماما" من موافقة هيرموسو    المجلس الأعلى للحسابات يدعو الموظفين والأعوان لتجديد التصريح بالممتلكات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    منتخبون كبار متابعون بملف "كازينو السعدي" في قبضة الشرطة بمراكش    7 مغاربة يتوّجون بجائزة "ابن بطوطة"    أيقونة مجموعة "إزنزارن" مصطفى الشاطر في ذمة الله    منتج فيلم "روتيني" يلجأ إلى القضاء    احتفاء بالموسيقى المغربية الأندلسية    باحثون يطورون اختبارا جديدا يتنبأ بمرض الزهايمر قبل ظهور الأعراض    نصائح للحفاظ على الصحة العقلية مع التقدم في العمر    الرياضة .. سلاح فعال لمواجهة مشاكل النوم    منظمة الصحة العالمية تطلق برنامجا جديدا للعلاج المجاني لسرطان الأطفال    مراكش .. توقيف مواطن فرنسي من أصول تونسية موضوع أمر دولي    تتويج الشاعر المغربي عبد الوهاب الرامي بجائزة "بول إيلوار 2024"    صندوق النقد الدولي بالمغرب يتوقع نموا بنسبة 3,9 في المائة في سنة 2025    الطرق السيارة بالمغرب: تثبيت جسر الراجلين عند النقطة الكيلومترية "PK1" للطريق السيار الدار البيضاء-برشيد ليلة الأربعاء-الخميس    هيركوليس يعلن عودته لتشجيع فارس البوغاز من المدرجات    أشرف بنشرقي يقوم بلفتة مميزة اتجاه عبد الحق نوري    "النهج" يدين المخطط الأمريكي لتهجير الفلسطينيين ويدعو لتكثيف النضال لإسقاط التطبيع    وزيرة الثقافة الفرنسية تزور مدن الصحراء المغربية لتعزيز التعاون الثقافي بين المغرب وفرنسا    مباحثات مغربية إماراتية لتعزيز التعاون في مجال الطيران المدني    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    "التقدم والاشتراكية" يثير مخاوف بشأن القطيع الوطني ويدعو لاجتماع برلماني عاجل    ارتفاع أسعار السردين في المغرب قبيل شهر رمضان    "صحة الشباب والمراهقين والبحث العلمي" موضوع ملتقى دولي بالرباط    المغرب-المملكة المتحدة: شراكة قوية بآفاق واعدة (سفير)    هبة عبوك تتحدث عن علاقتها بأشرف حكيمي بعد الانفصال    رئيس أولمبيك آسفي ومدربه في لقاء مصالحة لإنهاء الخلافات    ترامب يتوعد حركة حماس ب"الجحيم"    سعيد الناصري يختار درب السلطان لتصوير فيلمه السينمائي "الشلاهبية"    بسمة بوسيل تحت الأضواء مجددا بعد تصريحاتها الجريئة حول طلاقها من تامر حسني    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    "هِمَمْ" تدين اعتقال الناشط المناهض للتطبيع رضوان القسطيط    ترامب: "أوكرانيا قد تصبح روسية يوماً ما"    وزير الخارجية المصري لنظيره الأمريكي: العرب يرفضون خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين    مصرع شخص وإصابة آخرين جراء تصادم طائرتين بأمريكا    مناهضو التمييز يحذرون من وصم الأطفال بسبب "بوحمرون" ويدعون إلى إجراءات شاملة    باحثون صينيون يكشفون عن آلية عمل نظام غذائي يحاكي الصيام لتعزيز المناعة المضادة للورم    "صولير إكسبو": 120 عارضًا و10 آلاف زائر لاستكشاف حلول الطاقات المتجددة    الشراكة الأخلاقية بين الوضعي والروحي في المغرب..    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضان بالأقاليم الجنوبية .. طقوس وعادات في طريقها نحو الزوال

انفرد المجتمع الصحراوي على مر العصور بطقوس دينية وعادات اجتماعية متعددة مرتبطة بشهر رمضان الابرك، منها ما يزال قائما يحيل على الماضي بأصالته وعراقته، ومنها ما هو في طريقه نحو الزوال.
ومن العادات التي تميز هذا الشهر الكريم، بالإضافة الى التردد على المساجد وقضاء معظم الوقت في القيام وقراءة القرآن، والإكثار من صلة الرحم وزيارة الأصدقاء، وإقامة، عند ليلة كل جمعة، جلسات للاستماع الى الابتهالات والامداح النبوية.
وتحرص بعض العائلات، خصوصا التي يتعدد أفرادها، خلال هذا الشهر الفضيل على أداء صلاة التراويح وقيام الليل وتلاوة القرآن في بيوتها لترسيخ المكانة الروحية لهذا الشهر لدى الناشئة.
وتحافظ أسر أخرى على عقد جلسات حميمية بعد صلاة التراويح، يتم خلالها إعداد الشاي على الطريقة الصحراوية ومزاولة بعض الألعاب الشعبية ك`"السيك" التي كانت في الماضي تمارس على نطاق شعبي واسع، خصوصا وقت الظهيرة وبعد صلاة التراويح.
وتقتصر هذه اللعبة، التي يمكن أن تستغرق المباراة الواحدة منها ما بين ساعة وثلاث ساعات، عادة على النساء، وتمارس فوق رقعة من الرمل أو على لوح خشبي يسمى "لبرا" ترسم عليه خطوط متوازية، بواسطة ثمانية أعواد، طول الواحد منها ما بين 20 و25 سنتمترا تسمى "سيكات"، لها وجهان، داخلي بلون معين وآخر خارجي مزخرف، وبيادق من الحصى أو قطع من القصب أو الخشب.
ويمكن للرجال الذين ينتمون لنفس عائلة النساء ان ينضموا الى حلبة التباري التي تتم وفق قواعد محددة، تمكن من يستطيع تصفية بيادق خصمه من كسب نتيجة اللعبة بفضل النقاط التي يتم جمعها بعد كل رمية يتم فيها إسقاط "السيكات".
وتفضل أسر أخرى خلال هذا الشهر الفضيل مواكبة البرامج التلفزية أو التمتع بسحر الليل بالساحات العمومية، أو التجوال بشوارع المدينة، فيما يحرص أشخاص آخرون على تبادل أطراف الحديث بالمقاهي.
ومن الألعاب التي كان تنتشر بالصحراء خلال هذا الشهر هناك "ظامة" المحببة لدى فئة الكهول والمسنين و"ضومنو" ولعبة "مرياس" التي كان الرجال يدمنون على ممارستها بالصحراء، إلا أن جل هذه الألعاب أصبحت في الوقت الراهن تقتصر على فئة قليلة.
وحسب الباحث في التراث الشعبي الحساني السيد إبراهيم الحيسن، فان الصحراويين يقسمون شهر رمضان الى ثلاثة مراحل، يسمون الاولى منها ب"عشراية التركة" أو "عشراية ركوب الخيل"، حيث تكون للصائم القدرة على تحمل الصيام، وتسمى الثانية ب"عشراية افكاريش" أو "عشراية ركاب لبل" (الابل)، وهي مرحلة تتطلب من الصائم مزيدا من الصبر، فيما تسمى الثالثة ب"عشراية لعزايز" (المسنات) للدلالة على بطء مرور الوقت والشعور بالتعب.
وعلى مستوى مائدة الإفطار، يرى السيد الحيسن، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن تحولات كثيرة طرأت على مظاهر وإيقاع العيش بالصحراء، وخصوصا خلال شهر رمضان، حيث اندثرت عادات غذائية وحلت محلها أخرى بسبب التمدن والانخراط في الحياة العصرية.
وأشار الى انخفاض نسبة استهلاك الحساء التقليدي "الحساء الأحمر" المعد أساسا من دقيق الشعير، واستبداله بمواد أخرى كالشربة والحريرة، والإقبال على إعداد أطباق متنوعة تضم الأسماك والحلويات والعجائن والعصائر بمختلف أنواعها.
وفي هذا السياق تؤكد السيدة ليلى ماء العينين، إعلامية من المنطقة، أن المرأة الصحراوية، وان طورت أطباقها ونوعتها، فهي تحرص على تقديم اللبن والتمر والحساء الى جانب الشاي "طبلة اتاي"، خلال مأدبة إفطار رمضان.
وأوضحت في تصريح مماثل، أن المدة الزمنية التي تستغرقها جلسة الشاي التي يتم إعداده بموازاة مع وجبة الإفطار، لا تتجاوز عشرين دقيقة لتعطش الصائم الى احتسائه بسبب الاحجام عن تناوله في أوقاته المعتادة بفعل الصيام، وقالت في هذا السياق باللهجة الحسانية "أتاي لفطور في رمضان مايطرح لو".
وبالنسبة لوجبة العشاء تؤكد السيدة ماء العينين أن هناك من الصحراويين من يكتفون فقط بالوجبة التي تقدم بعد الفطور وهي عبارة عن "قلية" من كبد وقلب الابل أو "التبيخة" (لحوم الإبل المطهاة في الماء) أو الشواء، يرفقونها باللبن وبجلسة ثانية للشاي تستغرق مدة أطول من الاولى، وهو ما يطلق عليه ب" أتاي لمطرح"، بينما يرى السيد الحسين أن أبناء الأقاليم الجنوبية نادرا ما يطبخون وجبة رئيسية في العشاء، نظرا لقضائهم وقتا طويلا في التعبد، إذ يكتفون بإعداد الشاي الذي يستغرق ساعات طوال من الوقت.
أما وجبة السحور فان الكثير من الصحراويين يفضلون، على غرار أجدادهم، تناول "بلغمان" التي تعد من أشهر الاكلات الشعبية لدى الحسانيين، ويتم إعدادها من دقيق الشعير"المكلي" الممزوج بالماء المغلى وقليل من السكر، مع إضافة الدهون والألبان التي تظل من أهم المشروبات الباردة والأكثر استهلاكا بالصحراء.
وإذا كانت البساطة الخاضعة لسلطة الطبيعة والمكان هي السمة التي كانت تطغى على نمط عيش أهل الصحراء، فان تحولات كثيرة طرأت على هذا النمط في الوقت الراهن، وهي تحولات فرضتها حياة التمدن والتحضر والانفتاح على ثقافة الآخر، غير أن الأجواء الروحية ظلت في مجملها كما هي، فهي تشكل الثوابت والمرتكزات التي لا محيد عنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.