لشهر رمضان بالأقاليم الجنوبية للمملكة طقوس دينية وعادات اجتماعية متوارثة ضاربة في القدم ولا تزال راسخة على الرغم من التطور الذي شمل مختلف مجالات الحياة اليومية لأبناء هذه الأقاليم. وتبدأ هذه الطقوس مع الشروع في ترقب مشاهدة هلال شهر رمضان في29 من شعبان. ومن العادات الاجتماعية التي تميز هذا الشهر, إلى جانب التردد على المساجد والزوايا لأداء الصلوات وتلاوة القرآن, زيارة الأهل والأقارب وقضاء وقت معهم في جو يسوده المرح ويقوي أواصر التآلف والعلاقات العائلية وينمي روح التكافل والتضامن. وتتسم اللقاءات العائلية بالأقاليم الجنوبية للمملكة, خلال هذا الشهر المبارك, بعقد جلسات حميمية بعد صلاة التراويح تمتد إلى وقت متأخر من الليل يتم خلالها إعداد الشاي على الطريقة الصحراوية الأصيلة وما يتخلل ذلك من تبادل أطراف الحديث إلى جانب مزاولة بعض الألعاب الشعبية ك»»»»السيك»»»» الذي يعتبر اللعبة المفضلة خلال شهر رمضان, وهو لعبة يمارسها النساء والرجال والشباب قصد التسلية والترفيه والترويح عن النفس. وتتطلب هذه اللعبة الجماعية, بالإضافة إلى رقعة رملية تسمى «»»» لبْر «»»» ترسم عليها خطوط متوازية, ثمانية أعواد يبلغ طول كل واحد منها ما بين35 و40 سنتمترا وتصنع عادة من القصب أو الخشب, ويسمى كل عود منها «»»»سيكة»»»» ولها وجهان داخلي بلون معين وآخر خارجي مزخرف. وتمارس هذه اللعبة الشعبية, التي تتطلب أيضا مجموعة من البيادق التي تتخذ عادة من الحصى أو الأعواد الصغيرة, وفق قواعد محددة ومضبوطة تمكن من يستطيع تصفية بيادق خصمه من الفوز في نهاية المطاف. وتفضل أسر أخرى السمر خارج البيوت من أجل الاستمتاع بهدوء الليل وسحر جو الصحراء الممتع, أو التجوال بشوارع المدينة التي تعج بالحركية, أو قضاء بعض المآرب واقتناء بعض الحاجيات. ويقسم سكان الأقاليم الجنوبية شهر رمضان إلى ثلاث مراحل يسمون الأولى منها بعشراية التركة (الأطفال) أو عشراية ركاب الخيل حيث تكون للإنسان قدرة على تحمل الصيام وتسمى الثانية بعشراية أفكاريش, أو عشراية ركاب لبل (الإبل) وهي مرحلة تتطلب صبرا إضافيا فيما تسمى المرحلة الثالثة بعشراية لعزايز (المسنات) أو ركاب الحمير للدلالة على مرور الوقت ببطء والإحساس بالتعب.(يتبع).