تم اليوم الجمعة بالرباط، إطلاق مدونة المعاملات الجيدة الخاصة بحكامة المؤسسات المالية، التي تضم مجموعة من المبادئ والإجراءات الموجهة للمؤسسات المالية بغية تمكينها من تحسين حكامتها باعتماد القواعد والمعاملات الجيدة. وتعتبر هذه المدونة الثالثة من نوعها التي تصدرها "اللجنة الوطنية لحكامة المقاولة" بعد كل من المدونة العامة للممارسات الجيدة لحكامة المقاولة في مارس 2008 ومدونة الحكامة الخاصة بالمقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات العائلية في دجنبر 2008. وتتمحور هذه المدونة، التي تعتبر امتدادا للإجراءات المتضمنة في توجيهات بنك المغرب للمؤسسات المالية في يوليوز 2007، حول أربعة محاور تهم مسؤوليات أجهزة الحكامة، ونظام الرقابة الداخلية، وتدبير الخلافات المصلحية سواء على مستوى المؤسسة أو المجموعة، والشفافية ونشر المعلومة. وتحث مدونة المعاملات الجيدة الخاصة بحكامة المؤسسات المالية الأبناك على ضرورة وضع استراتيجية واضحة المعالم وترسيخ قيم المقاولة، وتؤكد على أهمية اعتماد تنظيم محكم يسمح بتحديد المسؤوليات بشكل واضح وضرورة التوفر على مدراء مؤهلين ومستقلين في إصدار قراراتهم، ومسيرين غير مرتهنين فقط بتدبير الملفات اليومية، ومفتحصين محايدين يتم الأخذ بعين الاعتبار بتوصياتهم. كما تؤكد هذه المدونة على ضرورة اعتماد سياسة للأجور تلائم وضعية المؤسسة والظرفية الاقتصادية والمالية بشكل عام، وعلى بلورة مساطر لرصد وتدبير الخلافات التي قد تنتج عن تعارض المصالح، وإرساء مستوى كاف من الشفافية، وذلك دون إغفال ضرورة الفهم الجيد للبنية الوظيفية الخاصة بالمجموعات البنكية من أجل خلق محيط ملائم لتشجيع التدبير الجيد لهذه المؤسسات. وفي كلمة بالمناسبة، أكد والي بنك المغرب السيد عبد اللطيف الجواهري أن بنك المغرب يولي اهتماما خاصا لإشكالية حكامة المؤسسات المالية، بالنظر إلى دورها الأساسي في تنمية المغرب. وأبرز أن إطلاق هذه المدونة الجديدة يأتي في وقت يتم فيه تسجيل إصلاحات عميقة على الصعيد الدولي من أجل إعادة تأهيل حكامة النظام المالي بهدف تجنب حدوث أزمات مالية عالمية أخرى، مشيرا إلى أن العديد من الدراسات أبانت بوضوح أن الأزمة المالية العالمية راجعة بالأساس إلى عدم احترام مبادئ الحكامة الجيدة. وبخصوص القطاع المالي المغربي، أكد السيد الجواهري أنه بفضل مجموع الإنجازات التي تم تسجيلها في هذا المجال، حقق المغرب تطورا حقيقيا على صعيد ممارسات حكامة المقاولة، مشددا في المقابل على ضرورة التزام الحيطة والحذر وبذل مجهودات بهدف مواصلة السهر على تطوير هذه الممارسات، من أجل مسايرة أفضل للمعايير المعتمدة..(يتبع) من جهته، قال الوزير المنتدب المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة السيد نزار بركة، إن إصدار هذه المدونة سيساهم لا محالة في الدفع باقتصاد المملكة، التي تعرف بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس إصلاحات طموحة تحتل فيها الحكامة دورا حيويا، وذلك من أجل إنجاح الجهود التنموية على المدى الطويل ومسلسل الاندماج في الاقتصاد العالمي. وأبرز أن الحكومة قامت بإصلاحات جوهرية في مجال الحكامة الجيدة، خاصة على صعيد تسيير القدرات وتحديث الإدارة وتخليق الحياة العامة، مشددا على أن الحكامة الجيدة تفترض تحقيق أهداف واضحة بالنسبة للمقاولة، وسيادة الشفافية في أعمال مسيريها، وتوفر المعلومة وتعميم مبدأ المسؤولية. وأكد الوزير أن مدونة المعاملات الجيدة الخاصة بحكامة المؤسسات المالية، التي تم استلهام مبادئها من أفضل الممارسات الدولية وترتكز على توجيهات بنك المغرب، قابلة للتطور على ضوء التغيرات على الصعيدين الوطني والدولي التي قد يعرفها عالم الأعمال. وبدوره، قال رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب السيد محمد حوراني إن اعتماد المقاولة لنظام حكامة جيدة يمكن من تحسين أدائها وتنافسيتها وقيمتها على المدى البعيد، ويحفز على الولوج إلى التمويل، وتعزيز ثقة المستثمرين والمانحين بفضل الشفافية وجودة المعلومة المالية، ودعم سمعة وجودة العلاقات مع مختلف الأطراف (زبناء، مساهمون، مستخدمون، إدارة...). وأبرز أن إصدار هذه المدونة من قبل اللجنة الوطنية لحكامة المقاولات، التي تترأسها الوزارة والاتحاد العام لمقاولات المغرب وتضم مختلف الفاعلين الأساسيين في ميدان حكامة المقاولات من القطاعين العام والخاص، يأتي من منطلق وعي المغرب بأهمية الرهانات المطروحة في هذا المجال، وانخراطه بعزم في تفعيل إصلاحات في مجال حكامة المقاولة. ومن جهته، اعتبر السيد محمد الكتاني نائب رئيس المجموعة المهنية لأبناك المغرب أن بلورة هذه المدونة تندرج في سياق الإصلاحات التي همت القطاع البنكي والمالي، والتي تم الانخراط فيها منذ عدة سنوات بهدف الدفع بالقطاع البنكي على مستوى الممارسات الجيدة وتسريع اندماج المغرب في مسلسل العولمة. وأكد أن الحكامة الجيدة أصبحت بمثابة شرط أساسي في ممارسة مهنة البنكي، مبرزا أنه في مواجهة الإكراهات الدولية وسياق اقتصادي عالمي يزداد صعوبة يوما بعد آخر، فإن المغرب، وخاصة القطاع البنكي، مدعو أكثر من أي وقت مضى إلى التفعيل الملموس واليومي لقواعد الحكامة الجيدة على كافة مستويات المجتمع.