أكد المتدخلون خلال ندوة نظمت،اليوم السبت بالرباط،حول موضوع "سؤال الثقافة ورهانات الديمقراطية المحلية"،على ضرورة جعل العنصر الثقافي مقوما أساسيا لقيام صرح منظومة جهوية تتيح تكريس مبدأ التنوع والتعددية في إطار الوحدة الوطنية والتكامل الترابي. واعتبر المتدخلون في هذه الندوة المنظمة على مدى يومين،من طرف مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية واتحاد كتاب المغرب،أن اعتماد نظام جهوي في معزل عن مراعاة خصوصيات الموروث الثقافي لكل منطقة من مناطق المملكة لن يمكن من بلوغ التقدم والتنمية الشاملة والمتوازنة،مشيرين إلى أن التنوع الثقافي يعد أحد المقومات الأساسية الكفيلة بإثراء التجربة المغربية في مجال الجهوية الموسعة. وفي هذا السياق،قالت السيدة خديجة الكور،المكلفة بالمشاريع بمركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية،في معرض مداخلتها حول موضوع "الثقافة والديمقراطية،إشكاليات عامة"،إن إرساء دعائم جهوية مثالية يقتضي تطبيق مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية،مؤكدة على أن مسلسل إنضاج المنظومة الحداثية يجب أن يطال البنية الثقافية للمجتمع،من خلال تآزر أدوار المؤسسات التربوية والأسرة والمجتمع المدني والأحزاب السياسية. وأشارت السيدة الكور،إلى أهمية العمل على إيجاد الآليات الكفيلة بمعالجة الاختلافات الثقافية وتدبيرها في إطار سلمي،داخل نسق التعددية الفكرية والقبول بالاختلاف،بما من شأنه تكريس السلم الاجتماعي والانسجام التام بين مختلف مكونات المجتمع. ومن جهته،أكد السيد أحمد بوكوس،عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية،في عرض حول موضوع " الثقافة والتنمية والديمقراطية،مقاربة مجالية"،على أن استحضار البعد الثقافي في بلورة مشروع الجهوية لا يحيل على خلفية إثنية أو عرقية،معتبرا أن الثقافة رأسمال حضاري يعوض نقص الموارد الذي تعيشه بعض جهات المملكة. وأضاف السيد بوكوس،أن النهوض بالتنمية المحلية يقتضي صياغة استراتيجية ثقافية كفيلة بتثمين الموروث الثقافي وجعله إحدى رافعات التقدم والرقي الاقتصادي والاجتماعي لمختلف مناطق وجهات المغرب. وفي سياق موازي،اعتبر الأستاذ عثمان أشقرا،في حديثه خلال عرض بعنوان "الجهوية الموسعة ومسألة الثقافة والإصلاح الديمقراطي في المغرب الحديث والمعاصر"،أن طرح مسألة الجهوية يعد نقلة نوعية في تاريخ المغرب المعاصر،بعد مرور مرحلة الحراك السياسي النوعي الذي شهدته الممكلة بعيد حصولها على الاستقلال. ومن جانبه،ذكر الأستاذ إدريس الكراوي،بالدور الذي ما فتئ يلعبه المثقف المغربي في الدفع بالمسلسل التنموي وتحديث البنيات الاجتماعية والاقتصادية للبلاد،مشيرا إلى أن رؤى ووجهات نظر الطبقة المثقفة المغربية لم تعد متطابقة بحكم المستجدات التي برزت منذ انطلاق مشروع الانفتاح والتحديث الذي انخرطت فيه المملكة. وقال الأستاذ الكراوي في مداخلة بعنوان "المثقف وسؤال التنمية بالمغرب"،إن المثقف المغربي بمختلف توجهاته الفكرية أضحى في مواجهة جيل جديد من التحديات التي تستلزم انخراطه الكامل والفعلي. وتتناول الندوة خلال جلساتها الأربع محاور تهم "الثقافة والديمقراطية"،و"الهوية الوطنية والخصوصيات الجهوية،التكامل في التعدد والوحدة في التنوع"،و"التنوع الثقافي للجهات،طريق للتحديث والدمقرطة"،و"الجهوي،الوطني،الكوني: جدلية التفاعل والتواصل والإبداع". ويأتي تنظيم الندوة في إطار مواصلة أوراش التفكير المرتبطة بدعم البناء الديمقراطي وتأصيل قيم وممارسات الديمقراطية,كما تشكل مناسبة لتدارس جملة من القضايا المرتبطة بسؤال الثقافة في علاقته بدينامية الإصلاح الديمقراطي.