مع أخبار بأن الرئيس الليبي معمر القذافي لم يلتزم بقرار وقف إطلاق النار الذي أصدره مجلس الأمن أول من أمس، وأن قتالا يدور داخل أو خارج بنغازي، أعرب مسؤولون أميركيون عن قلقهم من أن القذافي ربما سوف يستخدم أسلحة كيماوية من بقايا الأسلحة التي كان قد اعترف بوجودها حسب صفقة دولية سنة 2004، التي وافق على التخلص منها. وأن بقايا غاز الخردل موجودة بالقرب من سرت، مسقط رأسه. وقال مسؤول أميركي كبير - قال إنه على اطلاع بمعلومات استخباراتية - إن حشدا من أقمار التجسس الفضائية الأميركية تحلق فوق ليبيا، وتتابع تحركات قوات القذافي. وأن «هناك تقارير من بعض المناطق بأن القتال مستمر». وقال إن الأقمار الفضائية تركز على مدى الأسابيع القليلة الماضية، على جراج صغير في موقع بعيد في الصحراء الليبية، إلى الجنوب من مدينة سرت. وأن الحكومة الليبية تخزن هناك نحو 10 أطنان من غاز الخردل في ما يقرب من عشرة عبوات كبيرة. وأن القذافي «يقدر على استخدام هذه المادة الكيميائية الفتاكة لقتل أعداد لا تحصى من شعبه». لكن لا يوجد احتمال كبير أن يحدث ذلك لصعوبة التنفيذ. وقال المسؤول الاستخباراتي ل«واشنطن بوست»، مع طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته، إن «مخزون غاز الخردل نوقش في القمة الأوروبية في باريس خلال الأسبوع الماضي، وذلك خوفا من أن يستهدف به القذافي، بنغازي للقضاء على قاعدة الثوار». وكان السفير الليبي السابق لدى الأممالمتحدة، عبد الرحمن محمد شلغم، الذي استقال من نظام القذافي، قد حذر في واشنطن خلال الأسبوع الماضي من أن القذافي يمكن أن ينفذ «هجوما بأسلحة كيماوية على بنغازي إذا وصل القتال إلى هناك». وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد قال في القمة الأوروبية إن القوات الفرنسية، عندما تنفذ قرار مجلس الأمن، سوف «تستهدف» أماكن معينة. وفهم من كلامه أنه يقصد قوات القذافي الخاصة، أو القذافي إذا استخدم القذافي، غاز الخردل أو غيره من الغازات السامة. وكان رئيس منظمة الأممالمتحدة لحظر الأسلحة الكيميائية، ومقرها لاهاي، التي تشرف على تدمير أسلحة ليبيا الكيماوية التي كان القذافي قد بناها، مع جهوده لبناء قنابل نووية، قبل أن يغير رأيه سنة 2004، تحت ضغوط أميركية وبريطانية، قد قال إن المنظمة حصلت يوم 11 مارس (آذار) الحالي على تأكيدات من حكومة ليبيا بأن مخزونات غاز الخردل «لا تزال آمنة ولن يتم استخدامها». وكان سفير ليبيا لدى المنظمة، أحمد حسن أحمد وليد، وهو ضابط في الجيش الليبي تدرب في روسيا وصربيا في مجال حماية الأسلحة الكيميائية، قد قال: «الوضع في ما يتعلق الأسلحة الكيميائية المقرر تدميرها لم يتغير وتحت السيطرة، وقال المسؤول الأميركي إن الأقمار الفضائية تواصل مراقبتها لمخزونات الغاز». وأنه توجد خطة طوارئ لتدمير المخزونات مع مراعاة عدم إحداث أضرار وقال المسؤول: «هناك كثير من الأسباب العقلانية بأن القذافي لن يقرر استخدامها، وذلك لسبب بسيط، وهو عدم وجود طريقة آمنة وموثوق بها لاستخدام الغاز المخزون. ولكن، الأسباب العقلانية ليست دائما السمة المميزة للطغاة. وقال المسؤول إنه حسب جدول التخلص من إمكانيات ليبيا النووية والكيماوية، فمن المقرر أن تتخلص ليبيا من هذا المخزون الكيماوي، في رغاوة، جنوب سرت (حيث ولد القذافي) قبل يوم 15 مايو (أيار). وحسب الجدول، يشكل هذا المخزون نصف ما كانت تملكه ليبيا من أسلحة كيماوية سنة 2004، كما أعلنت وقتها. وقال الخبراء إن الحكومة الليبية أوقفت تنفيذ التخلص من هذه الكيماويات في فبراير (شباط)، قبل وقت قصير من بداية الثورة بسبب ما وصفته بأنه «عطل في نظام التدفئة» داخل مصنع الكيماويات. وأن اثنين من المفتشين الدوليين الذين كانوا في الموقع انسحبوا، حسب البروتوكول الدولي الذي ينص على وجودهم فقط عندما يتم فعلا التخلص من المواد، وذلك «لإغلاق الباب أمام تحايلات من جانب المسؤولين الليبيين». وقال المسؤول الذي شاهد صور المكان، إنه تأسس خاصة للتخلص من الأسلحة الكيماوية، ويحيط به ساتر ترابي وأسلاك شائكة وقوة أمن خفيفة. وأن ليبيا لديها كمية غير كبيرة من «يالو كيك» (كعكة صفراء) التي تستعمل في تخصيب اليورانيوم الذي يمكن استخدامه في الأسلحة النووية. لكن، قال المسؤول إن هذا لا يشكل أي تهديد عسكري، لأن ليبيا لم تعد تملك القدرة على تخصيبه، بعد تدمير إمكانياتها النووية حسب اتفاق سنة 2004. وشملت الإجراءات الدولية في ذلك الوقت صواريخ قادرة على الوصول إلى الكثير من جيران ليبيا، وسلمتها ليبيا إلى الولاياتالمتحدة في عام 2004. وقالت بولا ديستر، مساعدة سابقة لوزير الخارجية، وأشرفت على جهود إدارة الرئيس جورج دبليو بوش في ذلك الوقت بهدف القضاء على أسلحة ليبيا النووية والكيماوية: «لا يمكن القول إن ما تبقى هناك صار مجرد رماد وقمامة، ولكنه قريب جدا من ذلك». وقالت «واشنطن بوست»: هناك بعض الجدل بين المسؤولين الأميركيين إذا كان القذافي لم يعلن كل أسلحة الدمار الشامل التي عنده، بما في ذلك الأسلحة البيولوجية أو التي تؤثر على الأعصاب. وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قد لمحت إلى ذلك خلال الأسبوع الماضي، عندما قالت لأعضاء الكونغرس: «لا يزال القذافي، كما تعلمون، عنده بعض الأسلحة الكيميائية المتبقية، وبعض الأشياء الأخرى القذرة التي نشعر بالقلق إزاءها، وقال خبراء أميركيون في واشنطن إنهم يشكون في أن ليبيا أعلنت حقا كل ما تملكه من الأسلحة الكيميائية، وأن غاز الخردل هو النوع الوحيد. وأن هناك قلقا حول أنواع أخرى من غازات الأعصاب لكن، قلل متحدث باسم وزارة الخارجية من القلق، وقال إن الوزيرة كلينتون كانت تشير فقط إلى غاز الخردل المعلن عنه حسب الاتفاق الدولي مع حكومة ليبيا. وأنها لم تقصد أن تقول إن هناك أنواعا أخرى وقال: «قصدت الخردل، وقالت إنه آمن».