في تطور خطير للأحداث، كسر الطوق المضروب على العقيد الليبي معمر القذافي من قبل معارضيه والمحتجين على حكمه على طول البلاد وعرضها. وأفادت تقارير إخبارية بأن القوات الموالية للعقيد معمَّر القذافي بدأت زحفها باتجاه المناطق الشرقية من البلاد، والتي يسيطر عليها المتمردون على سلطته، إذ تمكنت من إعادة بسط سيطرتها على بلدة بريقة شرق ليبيا. وقال مراسل هيئة الإذاعة البريطانية في أجدابيا شرقا إنه يُتوقع وصول قافلة مكونة من 100 عربة عسكرية باتجاه المدينة التي قصفت فيها القوات الموالية للقذافي مستودعا كبيرا للذخيرة. وأضاف المراسل قائلا إن المدافعين عن المدينة بدوا في حالة قصوى من الجيشان والاستنفار تحسبا للهجوم المتوقع على مدينتهم. وذكر أن المحتجين مصممون على القتال دفاعا عن أجدابيا، وإن كان من غير الواضح بعد ما إذا كان ذلك سيُترجم إلى دفاع منظَّم عن المدينة أم لا. من جهة أخرى، هبت مجموعة من المتمردين المسلحين بأسلحة خفيفة للدفاع عن البلدة في وجه القوات الموالية للقذافي. إلا أن أجدابيا تُعتبر هدفا أكثر أهمية، إذ يوجد في المدينة مستودع كبير للذخيرة كانت القوات الموالية للقذافي قد قصفته مرات عدة خلال الأيام الماضية. وذكر المدافعون عن أجدابيا أن القوات الموالية للقذافي أصبحت على بعد بضع كيلومترات فقط عن المدينة. وكانت سفن حربية أمريكية قد تحركت، في وقت سابق، في اتجاه السواحل الليبية، فيما ذكر وزير الدفاع الأمريكي، روبرت غيتس، أن الولاياتالمتحدة تنظر في خيارات مختلفة بشأن هذا البلد. وقال غيتس للصحفين إن وزارة الدفاع «البنتاغون» تنقل سفينتي إنزال برمائي ومئات من مشاة البحرية إلى البحر المتوسط، إذ قد يساعدون في الإجلاء والإغاثة الإنسانية إذا دعت الضرورة. وأضاف أن الولاياتالمتحدة تنظر في خيارات مختلفة بشأن ليبيا، مشيرا إلى أن واشنطن لم تتخذ قرارات بعد، مع أنها تكثف الضغط على العقيد الليبي معمر القذافي كي يتنحى. كما قال مسؤول مصري إن سفينتي إنزال أمريكيتين، هما «كيرسارج» التي تحمل ألفين من مشاة البحرية و«بونس»، كان من المقرر أن تعبرا قناة السويس صباح أمس الأربعاء. الناتو يتململ وحول موقف حلف شمال الأطلسي «الناتو»، قال غيتس إنه ليس هناك في الوقت الحاضر إجماع في الحلف على تدخل عسكري في ليبيا، وإن إقامة منطقة حظر جوي فوق هذا البلد ستكون أمرا على قدر «استثنائي» من التعقيد. وكان وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه قال إن تدخلا عسكريا للناتو في ليبيا أمر ينبغي دراسته بإمعان، محذرا من أنه قد يأتي بنتائج عكسية تماما لدى الرأي العام العربي. ومن ناحية أخرى، أعلن مسؤولون في المعارضة الليبية في شرق البلاد أنهم لا يستبعدون الطلب من دول أجنبية توجيه ضربات جوية إلى القوات الموالية للعقيد معمر القذافي في حال ما إذا وجدوا أنفسهم عاجزين بمفردهم عن إسقاط نظامه. والتقى مسؤولون من المعارضة في بنغازي، الواقعة على بعد 1000 كلم شرق طرابلس، لمناقشة الإجراءات الواجب اتخاذها بعد الإعلان عن قيام مجلس عسكري. وأعلنت سلوى بوجايجي، العضو في ائتلاف يضم محامين وناشطين، في تصريح صحفي، إن القوات الحكومية في غرب البلاد تشكل خطرا كبيرا على المعارضة. وأضافت: «لا يوجد توازن بين القوات التي نملكها وقوات القذافي»، موضحة أن قادة المعارضة منقسمون حول من هم مع «الحل الدولي» ومن هم ضده. وقالت إن الائتلاف الذي تنتمي إليه يطالب بإقامة منطقة حظر جوي لمنع القذافي من تعزيز قواته في طرابلس وسرت بشكل خاص. ومن ناحية أخرى، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالإجماع، تعليق عضوية ليبيا في مجلس حقوق الإنسان، التابع للمنظمة الدولية، بسبب القمع الذي تمارسه قوات الأمن الليبية ضد المحتجين. فرح بالانتصار وعلى الجانب الآخر، احتفل سكان مدينة الزاوية، غربي ليبيا، بصد هجوم القوات الموالية للقذافي ليلة الاثنين الأخير، وقدموا الحلوى والمشروبات إلى المقاتلين، ونظموا مسيرة للنصر. كما نجح المعارضون أيضا في صد هجمات القوات الموالية للقذافي على مصراته، ثالثة كبريات المدن الليبية، والزنتان، وكلتاهما توجدان غربي ليبيا. ويقاتل المعارضون حاليا لتعزيز المواقع التي سيطروا عليها على الأرض غربي ليبيا. وفي غضون ذلك، أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أنها تؤيد إجراء تحقيق جديد حول الدور الذي لعبه الزعيم الليبي معمر القذافي في اعتداء لوكربي الذي أوقع 270 قتيلا في أسكتلندا في عام 1988. وأعلنت كلينتون في الكونغرس الأمريكي أنها ستتابع طلبا برلمانيا بأن تقوم واشنطن بجمع الأدلة وملاحقة القذافي وجميع الذين تآمروا معه في إطار هذا الاعتداء. وقالت كلينتون أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إن رئيسة اللجنة، إيليانا روس لتينن، سلمتها رسالة تقترح فيها فتح تحقيق. وأوضحت كلينتون أن الجزء الأساسي في عمل التحقيق الذي أشير إليه في هذا الطلب سيعود إلى الوكالات الأمريكية المكلفة بالأمن، وأنها ستطلب، على الفور، من مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» روبرت مولر ووزير العدل إريك هولدر وآخرين «دراسة كيفية التقدم في هذا الملف». وأشارت إلى وجود ضرورة ملحة للتحرك لأن «تصريحات عديدة قد صدرت منذ عدة أيام عن أعضاء سابقين في الحكومة الليبية تشير إلى القذافي وتظهر بوضوح أن الأوامر صدرت من القمة». القذافي يعين وزيرين جديدين بدل المنشقين ومن جانبه، عين الزعيم الليبي معمر القذافي وزيرين جديدين للداخلية والعدل خلفا لحاملي هاتين الحقيبتين اللذين انشقا وأعلنا انضمامهما إلى الثورة ضد النظام الليبي، حسبما أفاد به التلفزيون الليبي يوم أمس الأربعاء. وأوضح التلفزيون أن أمانة مؤتمر الشعب، أعلى هيئة في ليبيا، عينت المستشار محمد أحمد القمودي وزيرا للعدل خلفا لمصطفى عبد الجليل، أول وزير ليبي يعلن انشقاقه بعد بدء الانتفاضة الشعبية بليبيا في 15 فبراير المنصرم. كما عين مسعود عبد الحفيظ أحمد وزيرا للأمن العام (الداخلية) خلفا لعبد الفتاح يونس العبيدي الذي أعلن انضمامه إلى الثورة الأسبوع الماضي. كما عينت أمانة مؤتمر الشعب المستشار محمد عريبي المحجوبي نائبا عاما للجماهيرية خلفا لعبد الرحمن العبار الذي انضم إلى المعارضة أيضا. وعلى صعيد آخر، وصف وزير الداخلية السابق معمر القذافي بالشخص «العنيد جدا»، مستبعدا مغادرته ليبيا بمحض إرادته. وقال اللواء الركن عبد الفتاح يونس العبيدي، في مقابلة نشرتها صحيفة «يوسبريدس» (قورينا سابقا)، إن لدى القذافي خيارين: «إما أن يأمر أحدا بقتله، بحيث لا تكون نهايته انتحارا وبالتالي يفقد الدنيا والآخرة، وإما أن يخرج بسلاح ويواجه المسلحين بصدر عار». وأضاف: «تبقى لكل وضع ظروفه، ولكنني لا أرجح خروج القذافي، وذلك لمعرفتي بأنه إنسان مغرور جدا وعنيد ولا يقبل بالهزيمة». مجلس الشيوخ الأمريكي يطالب بحظر جوي وعلى الجانب الأمريكي مرة أخرى، تبنى مجلس الشيوخ الأمريكي قرارا يطالب الزعيم الليبي معمر القذافي بالتنحّي، إضافة إلى خطوات أخرى جديدة ضده، من بينها إقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا. وتم تبني القرار، الذي رعاه السيناتور الديمقراطي روبرت مانديز، ليل أول أمس الثلاثاء بالتصويت بنداء الأسماء وبالإجماع. ويدعو القرار إلى «الامتناع عن المزيد من العنف والاعتراف بحق المطلب الشعبي بالتغيير الديمقراطي والاستقالة من منصبه والسماح بانتقال سلمي إلى الديمقراطية تقوم على احترام حقوق الإنسان والحقوق المدنية وحق الشعب في اختيار حكومته في انتخابات حرة وعادلة». ويدين القرار العنف الأخير ضد المدنيين في ليبيا ويتبنى إحالة مجلس الأمن ملف الوضع في ليبيا على محكمة الجنايات الدولية. وحيّا القرار «شجاعة الشعب الليبي في وقوفه ضد الديكتاتورية الوحشية لمعمر القذافي ومطالبته بالإصلاحات الديمقراطية والحكم الشفاف واحترام حقوق الإنسان والحقوق المدنية». وتبنى القرار تصويت مجلس الأمن على القرار 1970 الذي يفرض حظرا على تصدير السلاح إلى ليبيا وتجميد أرصدة القذافي وأفراد عائلته ومنعهم من السفر. وحث مجلس الأمن على اتخاذ المزيد من التحركات الضرورية لحماية المدنيين في ليبيا من الهجمات، ومن بينها إمكانية فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا. بريطانيا تستعد للاستيلاء على مخازن الأسلحة الكيماوية أفادت صحيفة «ديلي تليغراف»، الصادرة يوم أمس الأربعاء، بأن القوات الخاصة البريطانية تستعد للاستيلاء على مخازن غاز الخردل وغيرها من الأسلحة الكيماوية التي خزّنها نظام العقيد معمر القذافي في الصحراء الليبية. وقالت الصحيفة إن مصادر أمريكية رجّحت إمكانية تكليف القوات الخاصة البريطانية بتأمين ما يصل إلى 10 أطنان من غاز الخردل والسارين، يُعتقد أن نظام القذافي خزّنها في ثلاثة مواقع منفصلة في ليبيا، حيث توجد وحدات منها منذ عشرة أيام ولعبت دورا قياديا في إنقاذ المئات من عمال النفط. وأضافت أن هناك قلقا دوليا متزايدا بشأن مخزونات الأسلحة الكيماوية التي يُعتقد أن القذافي ما زال يحتفظ بها بعد إعلانه التخلي عن برنامج أسلحة الدمار الشامل، وسط مخاوف من إقدامه على استخدامها لمهاجمة المتظاهرين أو احتمال أن تنتقل إلى الإرهابيين. وأشارت إلى أن مصادر بريطانية قالت إن لندن لم تتلق حتى الآن طلبا محددا من الولاياتالمتحدة لتكليف قواتها الخاصة في أي عملية لتأمين مواقع الأسلحة في ليبيا، غير أن مسؤولين بريطانيين أكدوا أن خططا يجري وضعها لكافة الاحتمالات. ونسبت إلى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، جون ميجور، قوله «إن استخدام القذافي أسلحة كيماوية يمكن أن يؤدي إلى أزمة عسكرية». وكانت تقارير صحيفة أوردت أن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، وزعماء غربيين آخرين اقتربوا من إصدار أوامر باستخدام القوة العسكرية ضد العقيد القذافي وسط مخاوف من احتمال أن يستخدم أسلحة كيماوية ضد شعبه. وقالت إن هذا التطور يأتي بعد الكشف عن كون ليبيا تحتفظ بنحو 14 ألف طن من المواد الكيماوية اللازمة لإنتاج غاز الخردل رغم تعهد نظامها عام 2003 بالتخلي عن أسلحة الدمار الشامل.
القذافي محط سخرية الليبيين والعالم تجتاح الآن شرق ليبيا، الذي عانى على مدى 42 سنة من الحكم القمعي للعقيد معمر القذافي، رسوم ساخرة ونكات عنه لمساعدة الناس على التخلص من سطوته الشخصية والخوف الشديد من جهازه الأمني. ففي بنغازي، ثانية كبريات المدن الليبية، يصور رسم ساخر على جدران مبنى حكومي الزعيم الليبي بوصفه (سوبر لص) مرتديا زي سوبرمان الشهير وعلى صدره علامة الدولار بدلا من حرف إس المميز لشخصية سوبرمان، ويصور رسم آخر القذافي داخل سلة قمامة مكتوب عليها (التاريخ). وبعد 42 عاما من السلطة المطلقة في ليبيا، وجد القذافي موجة احتجاجات تنتزع منه السيطرة على شرق ليبيا رغم ظهوره بشكل متحد أكثر من مرة على شاشات التلفزيون في الأسبوع الماضي، بما في ذلك ظهوره داخل سيارة فان ممسكا بمظلة كبيرة. وقال سكان إن سبب انتشار السخرية بشكل كبير في شرق ليبيا هو أن الخوف من حكومة القذافي وقواته الأمنية كان شديدا للغاية، كما أن المعارضة كانت شبه منعدمة. وساعد أسلوب القذافي المراوغ الغريب وميله إلى الأزياء الفضفاضة غير المعتادة وحراسه من النساء على إعطاء الرسامين وغيرهم مادة ثرية للسخرية. ففي بنغازي، وضع شاب شعرا مستعارا يشبه شعر القذافي ونظارة شمسية وأمسك بمظلة، وركب شاحنة مفتوحة تجول بها في الشوارع، مما جعل الحركة المرورية تتوقف تقريبا لأن المواطنين كانوا يتوقفون ليضحكوا، وكان البعض الآخر يطلق أبواق السيارات. وشجع القذافي، المتشبث الآن بالسلطة في مواجهة احتجاجات متزايدة، على عبادة الفرد من خلال التدريس الإجباري في المدارس للكتاب الأخضر الذي ألفه ليوضح فيه فلسفته السياسية. وأطلق على نفسه لقب «ملك الملوك» و«الأخ الزعيم»، فيما يمثل تذكرة بلقب «الزعيم الغالي» المتداول للإشارة إلى زعيم كوريا الشمالية الراحل كيم جونغ إيل. ويقول الليبيون إن الجيران والأزواج والزوجات والآباء والأبناء كانوا يخفون عن بعضهم بعضا المشاعر السلبية التي كانوا يضمرونها للقذافي حتى لا يجري الإبلاغ عنهم للأجهزة الأمنية. ربما كان القذافي، بشاربه الرفيع وولعه بالنوم داخل خيام، مادة للسخرية على الساحة الدولية لكن حكمه اتسم بالوحشية ولم يكن يتقبل وجود معارضة. وفي الأسبوع المنصرم، جاب بعض المحتجين الشوارع حاملين دمية للقذافي تشبه القرد وتحمل مظلة ودمية أخرى له تشبه الجرذ داخل قفص، وذلك بعد أن وصف القذافي معارضيه بالجرذان. وفي مبنى حكومي محترق، يضع نشطاء مناهضون للقذافي رسما ساخرا تلو آخر. وهناك كلام كتب على جدار في محكمة ببنغازي يطالب القذافي بأن يخجل من نفسه وأن يسلم نفسه إلى المجلس الوطني «للحلاقين». هذا وانتشرت عدة أشرطة فيديو على المواقع الاجتماعية، وأبرزها «فايسبوك» و»يوتيوب»، تسخر تارة من ثياب القذافي وتارة من خطاباته وتارة أخرى من حرسه النسائي الذي يرافقه على الدوام.