لا يبدو ان الجدل المستمر حول قضية المرأة في تونس التي ينظر اليها على انها من اكثر البلدان العربية تحررا في مجال حقوق المرأة سيتوقف قريبا. المخرج التونسي معز كمون، انضم بدوره الى قافلة الذين يخوضون في هذا الموضوع حين انتقل بعدسته الى احدى قرى تونس النائية ليرصد تناقضات حياة امرأة ريفية تتقاذفها تيارات الحداثة وجمود التقاليد. فيلم "آخر ديسمبر" الذي قدم أمس الثلاثاء في عرض اول للصحافيين سعى الى القاء الضوء على قضية تحرر المرأة التونسية لكنه ركز على انعكاسات هذا التحرر حتى على المرأة الريفية. ولم يكتف المخرج في فيلمه بابراز الفهم الخاطئ لحرية المرأة بل حاول جاهدا ايضا ان يفضح أنانية الرجل الشرقي الذي يرضى ان يعيش حياته بكل مجون مقابل ان يتزوج امرأة يكون هو أول رجل في حياتها. يروي الفيلم الذي يؤدي ادوار البطولة فيه، ظافر العابدين وهند الفاهم ولطفي العبدلي ،قصة فتاة في العشرين من عمرها اسمها عائشة تحلم بحياة افضل من تلك التي تعيشها في قريتها النائية. تحلم عائشة بالهجرة الى اوروبا ولم تتحرج من اقامة علاقات جنسية مع من تحب وحتى الاجهاض بدعوى التحرر رغم انها تعيش في بيئة محافظة. هذه الفتاة الريفية وجدت نفسها محبطة بعد ان رفض خطيبها الزواج بها حينما اكتشف اقامتها لعلاقات غير شرعية فتتحول حياتها الى جحيم لا يطاق ليظهر في حياتها شاب رومانسي حاول ان يغض الطرف على خطاياها وان يكون متسامحا معها باسم الحب. وقال معز كمون، انه اراد من خلال الفيلم "تغيير نظرة المجتمع الى الفتاة الريفية التي لها أماني واحلام مثلها مثل امرأة المدينة". وينظر الى تونس على نطاق واسع على انها من اكثر البلدان العربية تقدما في مجال حرية المرأة لكن بعض المنتقدين يرون ان هذا التحرر افرز العديد من الانعكاسات السلبية في مجتمع اسلامي مثل ارتفاع ظاهرة العنوسة واقامة علاقات جنسية خارج اطار الزواج. وقال ظافر العابدين، الذي يؤدي دور البطولة في الفيلم ل "رويترز" ان قضية المرأة مثيرة للاهتمام في اي عمل سينمائي سواء في تونس او مصر او بريطانيا لان قضايا المرأة بصدد التغيير وقضايا الأمس ليست بالضرورة هي نفسها قضايا اليوم. وأضاف"لكن الفيلم لم يقتصر على الاشارة لهذا الموضوع فقط بل فضح نرجسية رجال يسمحون لأنفسهم بممارسة كل الممنوعات بينما لا يبدون اي تسامح مع أخطاء النساء". وهذا ثاني فيلم من إخراج معز كمون، بعد فيلم "كلمة رجال".