مركز يديره عبد الله ساعف يوقف الشراكة مع مؤسسة ألمانية بسبب تداعيات الحرب على غزة    قمة متكافئة بين سطاد المغربي ويوسفية برشيد المنبعث    الفيضانات تتسبب في إلغاء جائزة فالنسيا الكبرى للموتو جي بي    "تسريب وثائق حماس".. الكشف عن مشتبه به و"تورط" محتمل لنتيناهو    الحكومة تقترح 14 مليار درهم لتنزيل خارطة التشغيل ضمن مشروع قانون المالية    تحسين أجور الموظفين والأجراء في صلب مناقشة تفصيلية لمشروع قانون المالية        قرار مجلس الأمن 2756.. تأكيد للزخم الدولي المتزايد الداعم لمغربية الصحراء وكشف لتناقضات الجزائر وعزلتها    مناخ الأعمال في الصناعة يعتبر "عاديا" بالنسبة ل72% من المقاولات (بنك المغرب)    نُشطاء يربطون حل إشكالية "الحريك" بإنهاء الوضع الاستعماري لسبتة ومليلية    "البذلة السوداء" تغيب عن المحاكم.. التصعيد يشل الجلسات وصناديق الأداء    عبد المومني يُشيد بتطور "ما قبل المحاكمة".. ومصدر أمني يستعرِض الضمانات    الرياضة المدرسية المغربية تتألق بالبحرين …    حزب أخنوش يفشل في استعادة رئاسة جماعة مكناس وينهزم أمام الأحزاب الصغيرة    رئيس الحكومة يشرف بجهة سوس ماسة على انطلاق خدمات 32 مؤسسة صحية    الأميرة للا حسناء تدشن بقطر الجناح المغربي "دار المغرب"    غيبوبة نظام الكابرانات تكشف مهازل استعراضات القوة غير الضاربة    "كلنا نغني": عرض فني يعيد الزمن الجميل إلى المسرح البلدي بالعاصمة التونسية    مسؤول أمريكي: المغرب دعامة حقيقية للأمن والاستقرار في إفريقيا    فؤاد عبد المومني في أول تصريح له بعد إطلاق سراحه: ما تعرضت له هو اختطاف (فيديو)    ارتفاع عدد قتلى الفيضانات في إسبانيا إلى 205 على الأقل    الملاكم المغربي عثمان شدغور يحرز الميدالية البرونزية في بطولة العالم للشبان    صدور عدد جديد من مجلة القوات المسلحة الملكية    البيضاء تحيي سهرة تكريمية للمرحوم الحسن مكري    المغاربة ينفقون 22.31 مليار درهم في السفر وتحويلات الجالية تفوق 91 مليارا    البطولة: أولمبيك آسفي يتنفس الصعداء بعد الانتصار على شباب السوالم    ارتفاع حجم الساكنة السجنية في المغرب بما يزيد عن الثلثين خلال 15 سنة الأخيرة    منْ كَازا لمَرْسَايْ ! (من رواية لم تبدأ ولم تكتمل)    حصيلة القتلى الإسرائيليين في غزة ولبنان    عالمي: المغرب يحقق أعلى معدل لاستقطاب السياح        مجلة إسبانية: المغرب "فاعل استراتيجي" في قطاع ترحيل الخدمات    ارتفاع حصيلة القتلى في فيضانات إسبانيا لأزيد من 200 ضحية    الدار البيضاء.. ثلاث رصاصات لتوقيف شخص واجه الشرطة بمقاومة عنيفة    اختتام الدورة الخريفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي النسخة 45    مقتل 47 فلسطينيا وإصابة العشرات إثر غارات إسرائيلية على وسط غزة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا فى إسبانيا    اشتباك دموي في مدينة فرنسية يخلف 5 ضحايا بينها طفل أصيب برصاصة في رأسه    عمر هلال: الجزائر ودي ميستورا يغفلان أن المغاربة أقسموا على عدم التفريط في صحرائهم    إحباط عملية لتهريب أزيد من 63 ألف قرص مهلوس بمعبر بني انصار    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    الأشعري يناقش الأدب والتغيير في الدرس الافتتاحي لصالون النبوغ المغربي بطنجة    الفتح يعلن إستقبال الوداد بمدينة المحمدية    بعثة تسبق المنتخب المغربي إلى الغابون للاطلاع على مقر الإقامة وملاعب التداريب    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    مالك صحيفة "هآريتس" العبرية يصف الفلسطينيين ب"مقاتلي الحرية" ويدعو إلى فرض عقوبات على إسرائيل    موسم أصيلة يحتفي بمحمد الأشعري، سيرة قلم لأديب بأوجه متعددة    "ماكدونالدز" تواجه أزمة صحية .. شرائح البصل وراء حالات التسمم    دراسة: الفئران الأفريقية تستخدم في مكافحة تهريب الحيوانات    متحف قطر الوطني يعرض "الأزياء النسائية المنحوتة" للمغربي بنشلال    دراسة: اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إكرام عبدي "أخبار اليوم": وماذا عن المرأة القروية والخادمة والعاملة في يومها العالمي؟
نشر في مغارب كم يوم 08 - 03 - 2012

بتؤدة ونظرات ملأى بالشجن، تتسلل من هاته الاحتفالية باليوم العالمي للمرأة، ومن كل الخطابات والشعارات التي ستصدح بها الحناجر في هذا اليوم الاحتفالي، وتنسحب بهدوء من هاته الزوبعة والضجة التي أقيمت حول المرأة المغربية وحقوقها وحول مدونة الأسرة...، وتستأنف عملها كالعادة، سواء كعاملة في الحقول والضيعات أو المعامل أو كخادمة في البيوت أو نادلة في المقاهي أو عاملة في وسائل النقل العمومي.. تتمترس وراء صمتها تارة ووراء انكسارها وقلة حيلتها تارة أخرى، موؤودة في قبور التنحية والتهميش والإقصاء، تقتات بعض الحقوق من موائد المناضلات والسياسيات والمثقفات والموظفات، لا تعرف مدونة الأسرة، بل فقط سمعت عنها في شاشات التلفاز أو جهاز الراديو، تتهجى أبجدياتها، لتخلص أن الأمر مسل في النهاية، ربما سيسهل عملية تطليقها أو ربما رفع سن الزواج إلى الثامنة عشرة، ومنع التعدد إلا لضرورات قاهرة وبضوابط صارمة، وسهل عملية الزواج من دون وصي، لكنه في الأخير لن يغير حالها بأي حال من الأحوال، بل سيراكم من حجم معاناتها بشكل أكبر من أكوام التبن تلك المتراكمة حول المرأة القروية، وأكثر من أكوام الأزبال تلك التي تحاصر امرأة دور الصفيح، وأكثر من الأشغال المنزلية تلك التي تنتظر الفتاة الخادمة اليائسة، وهن اللائي يجاهدن للم شمل الأسرة حتى ولو كانت الطريق إلى ذلك مأهولة بأشواك الذل والمهانة والمعاناة، وهن اللائي لا يطبلن أو يهللن كثيرا لمراكز الاستماع لضحايا العنف الأسري خوفا من انتهاك قداسة الأسرة وسريتها. وهن اللائي يطمحن أولا وأخيرا، إلى ما يغير ظروف عيشهن ويؤمن حياة أبنائهن ويمتعهن بأبسط حقوقهن ويعترف بإنسانيتهن.
ستظل المرأة القروية المغربية، تلك القابعة والمتجذرة في أغوارنا، وتلك التي يحن إليها كل رجل عربي، ويحلم أن تتوفر في زوجته مهما بلغت درجة ثقافته وتحضره، تلك المرأة المطيعة، المهادنة المناضلة، والتي لا تجيد تلك اللاءات المحظورة عنده. ينوء صدرها بالهموم ولا تشتكي ولا تتذمر، أو تلك التي نسيها قاسم أمين، في زحمة المدنية والتحضر والبورجوازية، قد نجد شبيهتها في حياتنا المدنية، بسعة صدرها وصبرها اللامتناهي، وخاصة إن لم تجد بديلا لحياة الاستكانة والخنوع والخضوع، لكن ليس كمثل المرأة القروية التي عهدناها دائما صبورة، عاملة من دون مقابل في حقول الزوج أو الأب أو الملكية العائلية المشتركة، ذليلة.
تلك المرأة الكادحة الخاضعة لجشع واستغلال الملاكين الكبار وأصحاب المعامل، وكذا للهيب شمس ضارية في حقول الملاكين ب50 درهما فقط من شروق الشمس إلى غروبها، منذورة للعمل والإنجاب حتى تنطفئ وتعجز أن تستقبل أجنة جديدة أو يقضى نحبها يوما. ولن تجد من يؤبنها أو يقول كلمة صدق في حقها، اللهم تسريع الزوج للزواج من فتاة في الخامسة عشرة، لم تكمل السن القانوني للزواج كما حددتها مدونة الأسرة في 18 سنة، فتاة تغتصب طفولتها ويتم الزج بها في سجن الزواج بشهادة الشهود، بدون إثبات ذلك بعقد زواج رسمي، بل سيتم التحايل على القانون بجهلهم وتسرعهم الأرعن، في انتظار وصولها إلى السن القانوني للزواج، ويجب سترها خوفا من الإتيان بفاحشة أو الذهاب للعمل كخادمة في المدن، بينما الفاحشة ستكون أكبر، حين سيتخلى عنها الزوج بدون عقد زواج، ليتركها عرضة للضياع والإهمال وبدون أي دليل يثبت أبوة حملها.
تكابد المرأة القروية معاناة مركبة، اغتصاب طفولتها، حرمانها من حق التمدرس من جهة، وإن سمح لها بذلك، فالطريق الطويلة والشاقة إلى المدرسة قد تلفظ من أحشائها، وبين الفينة والأخرى، وحوشا ضارية، يسلبونها أعز ما تملك، فالاستغلال يطاردها أينما حلت وارتحلت، في الطريق إلى المدرسة، في بيتها من طرف الأب أو الزوج، أو في الحقول أو المعامل أو في المدن للعمل كخادمة في البيوت، وفي سن مبكرة، فقد سبق لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» أن أكدت في تقريرها الصادر في غضون سنة 2007 وجود ما يقدر ب66 ألف خادمة في المغرب دون السن القانونية، خادمات أغلبهن متحدرات من البوادي، يعملن في سن صغيرة، لكن سرعان ما ستزهر طفولتهن الغضة، رماد الحزن واليأس والمرارة، ويعلو حياتهن جفاف وقحط عاطفي أشبه بذاك الذي هدد قريتهن يوما ما، وفرض عليهن ضرورة العمل لتجنيب العائلة الفاقة والحاجة، حتى وإن جعلهن ذلك يتمرغن في عار الذل والاستغلال، لكن يجب ألا ننكر دور الدولة من خلال مؤسسة محمد الخامس للتضامن كمؤسسة تضامنية اجتماعية وطنية، تأخذ على عاتقها الدعم الاجتماعي والخيري والإنساني. للطبقات المعوزة في المجتمع المغربي وكذا ترسيخ قيم التضامن والتكافل، وكذا دور وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، فبعد صيحات متعددة للحركات النسوية وللمنظمات المغربية غير الحكومية ، تمت المصادقة يوم 12 أكتوبر 2011 على مشروع قانون يمنع تشغيل عمال منزليين - وهو إسم جديد يعيد نسبيا الاعتبار الخادمات- إذا كانت أعمارهم تقل عن 15 سنة، ويقرعقوبة زجرية لمن يساهم في عملية تشغيلهم، مع أن هذا القانون سيظل بلا جدوى، إذا ظلت وضعية آبائهم تغرق في وحل الفقر والعوز، ونأمل المزيد من تكثيف الجهود من طرف وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية في الحكومة الحالية للاهتمام بالمرأة الخادمة والعاملة والقروية والفتيات القرويات في طور التمدرس.... ولا ننكر مجهودات المرصد الوطني لحقوق الطفل الذي تترأسه الأميرة للامريم، ناهيك من الدور الفعال للمجتمع المدني بالمغرب للمقاومة العنيفة لكل أشكال استغلال الخادمات في سن مبكرة، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، تجربة جمعية «إنصاف» بالدار البيضاء المغربية للتكفل بالفتيات الخادمات، وإعادة إدماجهن في السلك الدراسي وتقديم معونة شهرية 250 درهما للوالدين، مقابل عدم تشغيل بناتهن. وكذا بعض القروض التي تقدمها بعض الجمعيات ومؤسسة محمد الخامس للتضامن للمرأة القروية قصد استثمارها في مشاريع صغرى تدر عليها دخلا يؤمن مستقبلها ومستقبل أبنائها.
لكن مؤخرا، بدأنا نلحظ تزايد شكوى النساء الموظفات المغربيات من قلة الخادمات، اللائي بدأن يفضلن العمل بمعامل النسيج والتلفيف والتصبير.. عوض العمل بالبيوت، فهن يشكلن جيوشا من اليد العاملة الرخيصة من دون حماية، رغم الإجهاز على مكتسباتهن وحقوقهن، وتلقيهن لأقل من الحد الأدنى للأجور مقابل ساعات عمل طويلة، قد يتم تخفيض ساعات عملهن احتراما لقانون الشغل، لكن سيتم في المقابل تخفيض أجورهن وتعويضاتهن، وهو ما ليس في صالح المرأة العاملة. ناهيك عن تعرضهن للتحرش الجنسي ولمعاناة نفسية، وللتهديد بالطرد سواء من طرف أرباب العمل أو من طرف المراقبين. وكذا لانتهاكات جسيمة من طرف وكالات التشغيل والسمسرة التي جعلت النساء، سلعة تباع وتشترى.
وأعترف صراحة، أن ما حرك في أغواري رغبة الكتابة في هذا الموضوع، هو ما أحسسته من تعاطف شديد وبالخصوص مع نادلات المقاهي والعاملات في وسائل النقل العمومي، اللواتي تجدهن بكثرة في مدينة ضاجة رتيبة. ومهما حاولت الهرب، ستظل عيونهن الملأى بأحاسيس الألم والمهانة تطاردك في كل وقت، وجوه تعلوها صفرة فاقعة، وما عليهن سوى توزيع الابتسامات حتى ولو كن منهكات، لا يسلمن أيضا من عيون حيوانية تلتهم أجسادهن بنهم وشراهة، لتضاعف حجم معاناتهن وألمهن، والزبون للأسف دائما على حق، وله كل الأولوية، وهن بين اثنتين، كلتاهما النار، إما الصبر أو الطرد.
فالمرأة الكادحة للأسف، كانت من أهم ضحايا الاستغلال الرأسمالي الجشع، والليبرالية المتوحشة، فإذا كانت النساء المغربيات الموظفات والإداريات والسياسيات.. محميات في عملهن، وحقوقهن مضمونة، ومحميات في بيوتهن، والراتب ملاذهن الأول والأخير، عند أي محاولة لانتهاك إنسانيتهن وإلغاء وجودهن واعتداء عليهن، فالمرأة القروية والخادمة والعاملة ,والنادلة.. لن تجد سوى الشارع ملاذا لها عند أي محاولة للاعتداء على حقوقها، سواء تم ذلك في بيتها أو في مكان عملها. فوضعية هؤلاء النساء مزرية ومؤلمة، والمطلوب مضاعفة حجم المجهودات المبذولة من طرف الدولة والمجتمع المدني، وذلك بتحسين وضعهن الاقتصادي والمادي والفكري، وكذا ضمان أقصى حماية لهن في قانون الشغل، حتى لا تظل كلمة الطلاق والطرد تلك التي يرفعها الرجل سواء الزوج أو رب العمل على المرأة، كلما حادت عن صراط الطاعة المستقيم، فزاعة ترعبها وتفزعها طوال حياتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.