من أب ذي أصول جزائرية وأم مغربية، ولد النصف الأول من الأبناء في المغرب، وولد النصف الثاني في الجزائر، وبعد أن كانت العائلة دون اسم تقريبا صار لها اسمان مختلفان، واحد لمولودي المغرب ،وآخر لمولودي الجزائر; لكن لا الاسم الأول ولا الثاني منح لحامليه الحق في حياة طبيعية، فطبعت حياة الجميع بالحرمان والفقر. بين الجزائر والمغرب، تبعثرت هوية أفراد عائلة ساحلي، وصارت عائلة باسمين مختلفين، فلا هي جزائرية كاملة رغم جزائرية الوالد ولا هي مغربية كاملة رغم مغربية الأم.ومنذ 1992، تاريخ عبورها الحدود بين البلدين، ضاع الأبناء في مسلسل التناقض بين وهم الوالد المغربي وحقيقته الجزائرية. ما كانت عائلة سايح أو الصالح سابقا، لتقع في دوامة الجري وراء وثائق الهوية، لو لم يعثر الوالد من خلال حصة ''وكل شيء ممكن'' على عائلته الحقيقية، بعدما قضى بدايات حياته كلها في المغرب معتقدا أن لا أصول له، ليكتشف أنه ابن مجاهد جزائري غادر في 1950 لاجئا إلى المغرب، وتزوج هناك بعقد عرفي، وأنجب ابنا مثبتا بالسجلات المدنية الجزائرية باسم عبد الكريم، تعرفت عليه عائلة سايح من خلال الحصة واحتضنته، وتحصل إثرها على الجنسية الجزائرية. وقرر في 1992 الدخول إلى الجزائر ولو بطريقة غير شرعية، فعبر رفقة زوجته والطفلتين فاطمة وحنان مدينة وجدة إلى مغنية مشيا على الأقدام، رحلة انسلخ بعدها الأب عن اسم ''الصالح'' واستعاد اسمه الحقيقي، بينما احتفظت البنتان به ولم تحظيا باسم العائلة الحقيقي، لأنهما لم تولدا بالجزائر، فكانت حياتهما مسيرة مثابرة دون ثمار، أما الأتعس في القضية كلها فهما من سيولدان بعد ذلك ولن يحصلا على اسم بالمطلق. فطيمة خريجة معهد بوزريعة لم تحصل بعد على وظيفة، بسبب مشكل الجنسية، وقد رفضت كل من تقدم لخطبتها لحد الآن، تحاشيا لمعاناة جديدة مع مشكل الوثائق، وعلى خطى شقيقتها، لا تنتظر حنان الطالبة بجامعة باب الزوار، مصيرا أحسن من مصير فطيمة. أما وحيد وليلى، فينتظران الحصول على وثائق انتسابهما للعائلة، إذ يتهدد وحيد، المتخلف في صفه الدراسي لسوء حالته النفسية، الطرد من المدرسة في حال لم يسو وثائقه المدنية، أو هذا على الأقل ما أخبره به مؤخرا مدير المتوسطة ''والذي لم يعد بإمكانه المساعدة أكثر''، كون التلميذ لا يملك أكثر من بطاقة تعريف مدرسية، لا تمنحه الحق في اجتياز امتحان شهادة المتوسط. وحيد صاحب السبعة عشر ربيعا، وليلى ذات الثمانية أعوام، سجلا على أنهما لقيطين ولم يحصلا على وثائق هويتهما إلى اليوم، لأن الدفتر العائلي الذي بحوزة الوالدين لا يتضمن الاسم الحالي للوالد، فلا هما انتسبا إلى لقب الصالح المغربي الوهمي، ولا هما انتسبا إلى لقب السايح الحقيقي. أما الوالد الذي لم يهنأ بالعثور على أصوله، فقد استسلم لما أصبح يراه قضاء وقدر، ولن يتمكن على حد تعبيره من ''مواجهة مصاريف التقاضي".