سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجزائر لا تريد حلا لموضوع الحدود وتتبجح بحقوق الإنسان في الملتقيات الدولية وتنتهكها في المنطقة لاعلاقة لنا بالسياسة، لها رجالاتها ولغتها ... قضيتنا إنسانية محضة
أجرى الحوار: ادريس الزهري أدى إغلاق الحدود من جانب الجزائر إلى قطع أواصر أسر تجمع بينها علاقات القرابة والمصاهرة، وشجع هذا الإغلاق شبكات متخصصة في تهريب البشر للاغتناء من هذه الوضعية الإنسانية للتهريب غير القانوني للبشر عبر مسالك وعرة . وبرأي فتيحة الداودي رئيسة جمعية رياج كوم فلو فتحت الحدود لكلفت الرحلة ما بين وجدة ومغنية الجزائرية ( حوالي 20 كلم ) أقل من نصف ساعة بحوالي 20 درهماً عوض 50 درهماً مشيا على الأقدام أو 400 درهم عبر سيارة للتهريب. بالإضافة الى مخاطر متعددة في مقدمتها اعتقال كل مواطن حاول زيارة عائلته في مدينة مغنية والزج به في السجون الجزائرية.... الحوار التالي مع فتيحة الداودي رئيسة جمعية رياج كوم يقربنا من قضية إنسانية لم يجد سكان المنطقة الشرقية حلا لها... إنها معاناتهم مع إصرار الجزائر غلق الحدود ... س: ارتبط اسم جمعية رياج كوم بدفاعها المستميت لإعادة جمع شمل شتات الأسر التي تعاني من أثر إغلاق الحدود على أهالي وسكان المنطقة الشرقية، الذين يربطهم الجوار والرحم، ماهي أهم المحطات التي خاضتها الجمعية للمطالبة بربط الأسر ؟ ج: قمنا بعدة إجراءات لايصال صوتنا إلى الرأي العام المحلي، بعيدا عن أي مرجعية سياسية، بل انسانية، وراسلنا وزارة الداخلية لمساندتنا في هذه القضية، في الجزائر هناك رأي يفيد بأن لهم أحقية فتح أو إغلاق الحدود والغريب في الموقف الجزائري أنه ينادي بالدفاع عن الشعوب لكنه لايراعي الظروف الانسانية لسكان الجوار الموجودين في الحدود الجزائرية المغربية. تاريخيا، تم إغلاق الحدود سنة 1994، وكان سكان الحدود أسرة واحدة تجمعهم أواصر الدم، والجيرة، والأخوة، والنسب ولم يكن أي تمييز لهذا جزائري وذاك مغربي، وإذا ما أجري إحصاء لسكان المنطقة ستكون أولى نتائجه أن جميع السكان تربطهم علاقة دم، ونسب. وعلى سبيل المثال زوج أختي جزائري، أولادها جزائريون، وقفت عند حالات بعض العائلات لم تستطع الحضور في جنازة أعز الناس إليها (أب، أم ، أخ....) ما الحل إذن لهؤلاء الأشخاص الذين أغلقت الحدود في وجههم؟ ومثال آخر.. أم توجد في مدينة وجدة وأبناؤها في مدينة مغنية الجزائرية... والمسافة ما بين المدينتين لاتتعدى 20 كلم كأبعد تقدير، ومدة الوصول الى مغنية في حدود 30 دقيقة، لكن الواقع الحالي يتطلب من الأم أن تنتقل الى مدينة الدارالبيضاء (رحلة يوم بكامله على متن القطار) ثم عبر الطائرة الى الجزائر العاصمة أووهران، ومنها الى مغنية!!! والعكس صحيح بالنسبة للمواطن الجزائري الموجود في مغنية، وأمام تعب الرحلة هناك تكاليف ليس باستطاعة الجميع تحملها . والوسيلة المعتمدة حاليا لفك هذا الحصار من طرف الجزائري هو ما يسمى (شراء الطريق) أو طريق الوحدة، وهو أشبه بالهجرة السرية، حيث يعرض «المهاجر السري» حياته الى مخاطر متعددة في مقدمتها الاعتقال والزج به في السجون الجزائرية.... الحدود لم تغلق أبدا في وجه البضائع والسلع إن المتضرر الأكبر هو الجانب الإنساني بالنسبة للفقراء الذين يتحملون مشاق السفر غير القانوني لزيارة أقاربهم، أما الأغنياء فإنهم يسافرون عبر الطائرة. ولا ننسى أن التهريب غير القانوني للبشر يثقل كاهل الساكنة، فلو فتحت الحدود لكلفت الرحلة ما بين وجدة ومغنية حوالي 20 درهماً عوض 50 درهماً مشيا على الأقدام أو 400 درهم عبر سيارة للتهريب. المعادلة الصعبة تتمثل في كون المسؤولين المغاربة يقولون إن الحدود البرية مفتوحة، والجزائريون يقولون إنهم يملكون كامل السيادة على بلدهم، وهم الذين سيقرروا فتح الحدود من عدمها. فلا عقل ولا منطق يقبل أن يسافر مواطن من وجدة إلى الدارالبيضاء، وبعدها إلى وهران، ليصل إلى مدينة مغنية التي تبعد عن مدينة وجدة بحوالي 20 كيلومتر. لا يجب بتاتا ربط ماهو اجتماعي بالسياسية، فالملف مرتبط بحقوق الإنسان بشكل أساسي، لأن هذا الإجراء يحرم الإنسان من حق التجول وحقوق الجوار،. س: أمام هذا الواقع، وأمام تعنت الجزائر لإغلاق الحدود وبحكم أنكم تمثلون المجتمع المدني في المنطقة ما الحل إذن؟ ج : طلبنا منح رخصة مرور «laissez passer» للأشخاص الذين لهم عائلات في القطرين، ولم لا إحصاؤهم وتمتيعهم بأحقية صلة الرحم، وأضعف الايمان تخصيص يوم في الأسبوع لتبادل الزيارات بين الأسر.أو فتح الحدود مؤقتا مرة كل 15 يوما. الواقع يفرض طرح حلول عملية وواقعية لحالات انسانية يصعب وصفها. يقولون إن الحدود مغلقة. إنها مغلقة فقط في وجه السكان، أما السلع والحيوانات و...و.. فهي مفتوحة بدليل المواد الاستهلاكية المهربة، والأدوية والبنزين، والأواني و... و... و... السؤال الذي أعيد طرحه هو كيف تتنقل أطنان السلع بحرية ولا يستطيع فرد محاصر من زيارة أهله في الضفة الأخرى. س: « رياج كوم» جمعية فتية . حركت الموضوع بوسائل متعددة منها بث عريضة احتجاجية عبر شبكة الإنترنت تندد بالوضعية المأساوية لسكان المنطقة، ماهي أولى الردود عن هذه العريضة؟ ج: لم نؤسس الجمعية فقط للدفاع عن هذه القضية، إننا نحرص على أن نكون صلة وصل بين أهالي وسكان الشرق خارج المنطقة، من أجل التنمية البشرية والتعريف بالمؤهلات الثقافية والترابية للمنطقة الشرقية، وبحكم العلاقة القوية التي تربطنا بجميع سكان الشرق نستحضر باستمرار معاناة الأسر التي تواجه يوميا بمنع المرور لزيارة أو عيادة مريض أو تقديم عزاء، نحاول التذكير بهذه القضية التي مد المغرب أكثر من مرة يده للجارة الجزائر لإيجاد حل، لكن ظلت مطالبه صيحة في واد. اليوم، الحديث عن حقوق الإنسان منها الحق في الحياة في التنقل أو العلاج والتمدرس، وهي حقوق عالميا متساوية لا تقبل التجزيء وإذ رفعنا شعار التنمية البشرية فإنها رهينة بتمتيع السكان بالحق في التنقل كما هو موجود حاليا في تجربة الاتحاد الأوروبي. مع الأسف قمنا بالعديد من المبادرات لكن لم نحقق أي شيء يذكر، فقد وزعنا عريضة احتجاجية عبر الانترنيت، وقعت عليها حوالي 60 جمعية مغربية وجزائرية، كما ساندنا مواطنون من مختلف بلدان المغرب العربي، وطلبنا لقاء وزراء مغاربة منهم وزير الداخلية ووزير الشؤون الخارجية والتعاون، ولم يتحقق طلب اللقاء بعد. وضعنا عريضة على شبكة الانترنت وتمت المصادقة عليها من قبل جميع المتعاطفين مع هذه القضية الانسانية وكان التفكير الأولي هو إبلاغ السلطات المغربية بمبادرتنا، ليس فقط بحكم أننا جمعية بل لإخبارها بطلب مساندتها لسكان المنطقة، وتم نشر المبادرة في وسائل الاعلام الوطنية (صحف، مجلات على الانترنت.. ،لكن دون أدنى تجاوب مع السلطات التي كنا ننتظر دعمها ومؤازرتها.. وفي تجربة ثانية قمنا بصياغة ملخص المبادرة وارسلناها إلى وسائل الإعلام للتذكير بها، وأجرينا لقاءات واتصالات، لكسر الصمت المطبق على هذه القضية، وبعثنا رسالة مفتوحة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.. شرحنا الوضع الانساني، بعيداً عن أي فهم أو تأويل أن القضية مرجعية سياسية، هذا هو الخطأ، حين نتحدث عن معاناة سكان الحدود، يحاولون تسييسها.. س : ماهي أولى الردود على رسالتكم المفتوحة للرئيس الجزائري؟ ج حين راسلنا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، كان ليكف عن ترديد قوله إن للجزائر سيادتها، فهو يعرف هذا المشكل جيدا ويعرف انعكاساته الإنسانية لأنه ولد بوجدة وترعرع فيها. نحن نعلم أن أصحاب القرار الجزائريين لا يريدون حلا دائما، رغم أنهم يتبجحون بحقوق الإنسان في الملتقيات الدولية ويغضون الطرف عن انتهاكهم حقوق آلاف المواطنين.. أولى الردود كانت من المجتمع المدني الجزائري، لهم رغبة لايجاد حل فوري لهذا المشكل الإنساني السؤال الآخر الذي يطرح: أخيرا تم فتح الحدود لقافلة انسانية مساندة /غزة. ومما لاشك فيه نحن ندعم جميع المبادرات للمساندة، لكن كيف يعقل ألا تفتح الحدود في وجه سكان العدوتين، نحن أيضا في حاجة إلى حل إنساني. س: ماهو برأيكم السبب في عدم استجابة السلطات المغربية لاقتراحكم؟ ج- كما سبقت الإشارة راسلنا وزير الداخلية، شرحنا له الموضوع، وطلبنا لقاء مع وزير الخارجية والتعاون، واعتبر أن الصمت راجع إلى طبيعة الملف، حيث ينظر إليه دائما من منظور سياسي صرف، ونحن بالمناسبة نستحضر البعد الانساني، أعيد وأكرر، لاعلاقة لنا بالسياسة، لها رجالاتها لها لغتها.. س: كثيرة هي الجمعيات التي تحركت أخيرا لإبلاغ الرأي العام الوطني يمعاناة سكان المنطقة الشرقية مع إغلاق الحدود لم لا يتم التفكير في توحيد الصوت والعمل المشترك؟ ج: العمل المشترك يتجلى في دعم المبادرات، وتمت مراسلة الجمعيات النشيطة في هذا المجال، لكن ما لم يرغب الطرف الآخر/ الجزائر فهمه هو أنه ليس له الحق في غلق الحدود، خصوصا أننا نعيش اليوم في زمن الديموقراطية وحقوق الإنسان. س: ما هي المحطات المقبلة للجمعية بعد هذا النداء؟ ج: من بين الوسائل التي نفكر فيها هي إثارة هذا الملف في الملتقيات الدولية من أجل الضغط على الجزائر، التي تدوس على كل مبادئ الديموقراطية. نحن مستعدون للذهاب بحقوق الإنسان بجنيف لإعلان استنكارنا وسنقوم بطرق جميع الأبواب. المغرب يقول إن حدوده مفتوحة، وهذا عين الصواب، نريد المساعدة لإبلاغ الرأي العام الدولي لهذه القضية المصيرية، فإذا كان معظم المغاربة لا علم لهم بمعاناة سكان المنطقة الشرقية، كيف يمكننا أن نطلب من الرأي العام الدولي مؤازرتنا.