وجدة: محمد بلبشير يترقب سكان المناطق الحدودية على مستوى الجهة الشرقية من نفوذ المملكة، وخاصة بنفوذ عمالة وجدة _ أنكاد، أحفير، السعيدية، وإقليم جرادة، إعادة فتح الحدود بين القطرين الشقيقين المغرب والجزائر.. ويحدو سكان الجهة الشرقية الأمل في تصفية الأجواء بعد سحابة صيف كان لابد أن تنقشع.. وللعلم، فإن الحدود المغربية الجزائرية سبق أن تم فتحها خلال سنة 1988 بعد مجهودات محمودة إلى غاية سنة 1994، ليتم إغلاقها من جديد.. وقد استنتجت من خلال هذه العملية أن هناك ترقبا جد قوي لإعادة فتح هذه الحدود، وذلك لعدة عوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية، فاقتصاديا تساهم في تنشيط الاقتصاد بالجهتين غرب الجزائر وشرق المغرب، واجتماعيا تعيد تواصل العلاقة العائلية بين الشعبين وربط أواصر الدم بعد أن فرقتها أحداث فندق «أسنى» سنة 1994.. وقد ارتأت «العلم» استطلاع أراء بعض فعاليات المجتمع المدني والتجار بالخصوص حول أجواء الترقب السائدة، حيث يقول سائق سيارة أجرة في هذا الإطار «بعد قرار الإغلاق أصبحنا نعيش حربا مع مصاريف رخصة النقل وأوراق السيارة، بحيث قلت رحلات النقل من وجدة إلى المركز الحدودي، ذلك أن هذه الرحلات اقتصرت على سكان المنطقة بجماعة أهل أنكاد وبالأمس كانت تتعدى عدد الرحلات 10 مرات في اليوم ..» وردا عن سؤال قال مسئول بالمركز الحدودي إن عدد الوافدين إلى المغرب من الشقيقة الجزائر بلغ خلال بعض أيام هر غشت من سنوات 1992 و1993 قرابة 37 ألف مواطن جزائري في يوم واحد، أما خلال الأيام العادية أي أثناء السنة الدراسية فقد كان يبلغ عدد الوافدين ما بين 10 آلاف و12 ألف مواطن جزائري يوميا، ويقابله نفس العدد تقريبا من المغاربة الذين كانوا يغادرون التراب الوطني قصد زيارة أهاليهم بالجزائر. وفي اتصال هاتفي بمواطنة مغربية مقيمة بالجزائر منذ 23 سنة بالضبط بمدينة وهران : ع. الكاملة (38 سنة) قالت : إننا هنا بوطننا الثاني الجزائر، نحن المغاربة نعد الأيام ونعتبرها أيام العد العكسي لفتح الحدود بين البلدين، لقد أصبح صعبا علينا وعلى أشقائنا الجزائريين قطع أسلاك الحدود بدون تأشيرة، لأن رصاص الجيش الجزائري لا يرحم، وكيف لنا أن نغامر بحياتنا والحالة هاته؟» ويرى الدكتور ميمون شوارق أخصائي الأمراض الجلدية والحساسية والأمراض التناسلية بوجدة أنه من الطبيعي أن نحبذ فكرة فتح الحدود بين البلدين على اعتبار العلاقات الأخوية التي تربط تاريخيا بين شعبيهما.. ولا شك أن إعادة فتح الحدود سيعود بالخير العميم على سكان المنطقة الشرقية بالمغرب وسكان المنطقة الغربيةبالجزائر على السواء.. ويقول إدريس بوشنتوف نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بوجدة، أن الحدود بين جارين توحدهما العروبة والإسلام ويوحدهما التاريخ، مغلوقة لا ربح فيها لأحد، وفي دراسة أعدها عدد من الخبراء الاقتصاديين تشير إلى أن إغلاق الحدود بين هذين البلدين نتج عنه خسارة مادية ضخمة قد تساوي عشرة ملايير من الدولارات ثمن المبادلات التي كان بالإمكان استثمارها لفائدة البلدين وبلدان المغرب العربي.. ويضيف أنه يعتقد ان الحدود المغربية الجزائرية أصبحت من بين الاهتمامات الثانوية، أمام ما تعيشه بلادنا من حركة دائبة في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية ممثلة في الأوراش الكبرى التي أنجزت وتنجز خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهكذا يمكن القول أن فكرة فتح الحدود بالنسبة لنا تأتي في الدرجة الثانية، لكونها ستكون عملا إنسانيا أكثر من اقتصاديا، وستكون خيرا للشعبين، لأنها ستقضي على عدد من المظاهر التي تنخر اقتصاديات المنطقة، كالتهريب والهجرة وغيرها.. وأكيد، إذا كانت هناك نية حقيقية لفتح الحدود بين البلدين فطبعا سيكون هناك رواج بين الشعبين، إلا أننا لا يمكن لنا أن ننتظر هذا الرواج ونحن نعيش حركة اقتصادية تنموية صاعدة ومتفائلة جدا.. ولا يفوتنا هنا أن نطالب في حالة إعادة فتح الحدود بتوفير الأمن من الجانبين.. كما أننا نستغرب لكون الحدود البرية مغلقة وعدم وجود التأشيرة وهذا درس جديد في العلوم الإنسانية والعلاقات الدولية التي لا يفهمها إلا بعض الساسة العباقرة بالجزائر، والضحية طبعا هم العائلات المرابطة بضفتي الحدود بين البلدين..!» أما عبد العالي مالكي أمين بائعي الخضر والفواكه بالأسواق الأسبوعية لوجدة ، فيقول أنه لابد من العودة إلى مرحلة فتح الحدود ما بين سنتي 1988 و1994 وهي الفترة التي شهدت انتعاشا اقتصاديا وتجاريا مثمرا في المناطق الحدودية للبلدين، وقد شهدت وجدة آنذاك ازدهارا ملحوظا من خلال التبادل السياحي والتجاري، وبعد قرار الإغلاق عادت الأزمة من جديد.. ولا شك أن إعادة فتح الحدود سيكون في صالح الجميع بالبلدين من الناحية الإنسانية بالخصوص، ويعود الانتعاش الاقتصادي والسياحي للمنطقة كلها.. كما سيكون لفتح الحدود دور في إيقاف نزيف التهريب بين البلدين، وبخاصة تهريب الخضر والفواكه من المغرب في اتجاه الجزائر، وهذا ما وقفت عليه السلطات الجمركية المغربية التي كانت كل مرة تحجز عشرات الأطنان من البطاطس والبرتقال والزيتون وتوت الأرض وغيرها..» أما محمد عزاوي، التاجر المقيم في مدينة السعيدية، فيقول «المغاربة والجزائريون جيران، تجمعنا جميعا العروبة والإسلام والتاريخ المشترك، نطمع كثيرا إلى إعادة النفس للحدود بين بلدينا بفتحها وإثباب الأمن والسلم فيما بين الجارتين، لأن لنا هناك أهالينا وإخواننا ولهم عندنا أهاليهم وإخوانهم.. كنا سابقا سمعنا الكثير عن توقيع معاهدة تاريخية بين دول المغرب العربي وذلك بجعل أبواب الحدود مفتوحة وموحدة بين هذه البلدان، إلا أن ذلك لم يتحقق.. وها نحن اليوم نناشد مسؤولي البلدين كي يجددا علاقاتهما وتطبيعها مع فتح الحدود بصفة دائمة.. ولعلمك فإن الحدود بالنسبة لنا بمدينة السعيدية توجد على بعد بضعة أمتار قليلة يطلون علينا ونطل عليهم، بل هناك من يتخطى الحدود لصلة الرحم مع أهاليه أما محمد الحوزي، العامل في إحدى المقاهي، فيقول _ بحكم عملي وعلاقاتي مع زبناء المقهى التي أشتغل بها، أستنتج أن كل الأراء تجمع على ضرورة فتح الحدود لإنعاش القطاعين السياحي والتجاري بالبلدين.. ومنطقتنا لا تتوفر على سياحة رفيعة المستوى يمكن أن تدر على المؤسسات الفندقية والمطاعم والمقاهي أرباحا توازي ما تتحمله هذه المرافق الاجتماعية من ضرائب ومصاريف.. وبالأمس القريب كانت فنادق وجدة مفتوحة أما جميع رعايا أقطار المغرب العربي حيث كانت الحدود مفتوحة والرواج بين البلدين على أشده، وكان مدخول الفنادق والمؤسسات الأخرى لا بأس به، لكن تغير الأمر بعد إغلاق الحدود، ونحن في انتظار انقشاع الغيوم وعودة المياه إلى مجاريها لأن في ذلك مصلحة لنا ولأشقائنا الجزائريين جميعا.. ويقول نور الدين، صاحب كشك بوجدة، _ نسمع كثيرا الحديث عن فتح الحدود بين المغرب والجزائر الدولتين الشقيقتين ولكن مرت 14 سنة عن إغلاقها للمرة الثانية في أقل من 20 سنة، وأكيد أن فتح الحدود ستكون مبادرة سياسية هامة لإيقاف نزيف المظاهر اللامشروعة التي تمس الاقتصاد والمجتمع ومن ضمنها نشاط التهريب الذي استفحل خلال السنين الأخيرة بين البلدين، وإيقاف نزيف الهجرة السرية للأشخاص القادمين من دول جنوب الصحراء.. كما أن بادرة إعادة النفس للحدود، ستكون فاتحة خير بالنسبة للشعبين، خاصة على مستوى الشريط الحدودي بالمغرب والشريط الحدودي بالجزائر لكون عدد من الأسر بالجهتين متداخلة في ما بينها إما بالقرابة أو الزواج، وقد أصبحوا محرومين منذ سنة 1994 من زيارة أهاليهم بالمغرب كما بالجزائر والتواصل فيما بينهم.. وترى نورية باب، العاملة في حقل التعليم، أن موضوع إعادة فتح الحدود أصبح يشغل بال جل المواطنين في كل من المغرب والجزائر إن لم نقل في أقطار دول المغرب العربي وشمال إفريقيا وإسبانيا وفرنسا.. وذلك لعدة اعتبارات منها أن عملية الإغلاق عطلت المصالح التجارية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وشلت حركة الاتصال بين الأهل في كلا البلدين، وفي هذا الصدد تقول الأستاذة نورية باب لما كانت الأبواب مفتوحة كانت مدة السفر من وهران إلى وجدة لا تتعدى ساعتين، وبعد الإغلاق أصبحت تتجاوز عشرين ساعة بالسفر على متن الطائرة من وهران إلى الدارالبيضاء ثم إلى وجدة على متن القطار... ويخضع هذا السفر إلى إجراءات إدارية طويلة ومعقدة أضف إلى ذلك أن الحركة التجارية أصابها الشلل بالمنطقتين، بشرق المغرب وغرب الجزائر، وانعدمت الحركة السياحية.. وأمام هذه الوضعية _ تقول نورية بابا - أصبح المواطنون على شريطي البلدين آمالهم على مسؤولي البلدين الشقيقين.