كان الثامن من فبراير، يوما صعبا وعصيبا بل مشهودا في حياة الأميرة كريستينا، صغرى بنات العاهل الإسباني، خوان كارلوس، المتهمة هي وزوجها، في مخالفات مالية وتحايل على الضريبة والإضرار بالمالية العامة وتبييض الأموال. صباح يوم السبت، وصلت كريمة الملك، إلى بناية المحكمة في "بالما دي مايوركا". لم تجد في انتظارها واستقبالها حرس الشرف والمكلفين بالبروتوكول الملكي مثلما تعودت في انشطتها الرسمية، بل فرقا أمنية لحمايتها من أي اعتداء او اهانة قد تطالها من العشرات الذين جاءوا ليتابعوا اطوار المسلسل القضائي غير المسبوق في تاريخ التاج الإسباني. وصلت الأميرة، حوالي العاشرة صباحا، على سيارة عادية من طراز فورد "سي ماكس" الموجودة في سوق السيارات بالمغرب، بسعر لا يتجاوز200 250 الف درهم، كسعر مرجعي. الزجاج الخلفي للسيارةذات اللون الأسود، كان داكنا يحجب الرؤية. امتلا المكان بالفضوليين ومندوبي الصحافة الجادة والمثيرة والمصورين، قارب عددهم الأربعمائة، عدا الناشطين السياسيين المناوئين للملكية.وسائل الإعلام أتت من مختلف البلدان والانظمة والمنابر بمن فيها إيران والصين، ما يعني ان الحدث هو سياسي بامتياز، في عمقه، كفيل بأن تكون له تداعيات على مستقبل النظام الملكي في إسبانيا وعلى سلالة "أل بوربون" التي تابعت من قصر لا "ثرثويلا" في مدريد، كسائر المواطنين الإسبان، فصول وملابسات القضية التي اندلعت منذ حوالي سنتين، بتوجيه الاتهام إلي زوج الأميرة " إنياكيأوردانغرين" البطل السابق في رياضة كرة اليد والذي تعلقت به الأميرة الشابة،وأصرت على الاقتران به مع أنه ينتمي إلى اقليم "الباسك" موطن المنظمة الإرهابية "إيطا" وعلى مدى ست ساعات ونصف، اجابت خلالها بما استطاعت عن اسئلة دقيقة ومحرجة، تناولت كل ما له بصلة من قريب او بعيد بنشاطها رفقة زوجها،وفيما له صلة بكيفية تسيير وإدارة شركة "ازوون " التي يتقاسمان ملكيتها بنسبة متساوية. دققت الهيأة القضائية في الفواتير والحسابات والمصاريف، بما فيها وقود السيارات الذي استهلكته الأميرة في تنقلاتها واستعمالها بطاقة السحب البنكية المسجلة باسم الشركة المتهمة "ازوون" كما وجهت إليها أسئلة بخصوص مبلغ مالي حوله لحساب زوجها، والدها الملك خوان كارلوس، ومقداره ملبون ومأتي الف يورو. اوضحت الأميرة المحقق معها أنه قرض من والدها لمساعدة الزوجين في اقتناء سكن عائلي. وحينما سألها القاضي إن كان القرض قد سدد للملك. قالت "كريستينا" بتأثر إنه في النهاية ووالدي وانا موضع ثقته، مؤكدة أنه استعاد 150 الف يورو. ربما قصد القاضي، خوصي كاسترو، الإشارة لشكوك حامت حول الملك، لا سيما، وان أوساطا إعلامية تساءلت في وقت سابق :كيف لا يكون عاهل إسبانيا على غير علم بأنشطة كريمته وصهره زوجها ؟ ومن بين النفقات التي اعترفت الأميرة بصرفها على حساب الشركة شراؤها لمجموعة مؤلفات "هاري بوتر". مصادرمطلعة وصفت أجوبة الأميرة بأنها كانت عامة وفضفاضة بل هروباوغير مقنعة، فقد اكتفت في غالب الأحيان بالقول إنها لا تعرف ولا تعلم عن تفاصيل العمليات التي أنجزت باسم الشركة المتهمة. ودافعت الأميرة عن سمعة زوجها لكن وقوفها إلى جانبه، لم يقنع على ما يبدو الهيأة القضائية المحققة. وبينما وصف معلقون أجوبتها بأنها فتحت ملفات أخرى وبالتالي أصبح وضعها القانوني أكثر تعقيدا من أي وقت مضى قبل مثولها أمام المحققين ؛ دافع آخرون عنها موكدين أنها صرحت بما تعرف ولم تمارس تضليلا أو كذبا على المحكمة أو تهربت من الأسئلة، خاصة وأنها ووجهت في غالب اطوار التحقيق بحجج دامغة. في صورة بيانات محاسباتية ومستندات مصرفية واصول صفقات وهمية. الدفاع الذي تولى المرافعة عن الأميرة، قال إنها خرجت مرفوعة الرأس، فلا شكوك من وجهة نظره، تحوم حولها، موضحا أنه لا يعقل ا، تكون الأميرة على علم بكل المخالفات وهي التي تقوم بحوالي 100 نشاط رسمي خلال السنة وتعمل في مؤسسة بنكية مثل سائر المستخدمين كما أنها ربة أسرة ترعى أربعة أبناء. اما القاضي المكلف بالتحقيق فلم يقل كلمته بعد ، لن ينطق بحكمه إلا بعد استكمال التحقيق، بعده سيقرر توجيه الاتهام رسميا من عدمه. وإلى أن يحين ذلك الموعد الذي قد يأخذ وقتا أطول، فإن تصرفات الأميرة، بقصد منها أوتواطؤ مع زوجها، قد سببت أكبر الضرر لعائلتها وللعرش الإسباني، ما جعل جريدة يمينية مثل يومية "إلموندو" تطالب في افتتاحية قوية، يوم الأحد، الأميرة بالتنازل عن حقوقها الشرعية كابنة لملك إسبانيا، وبينها الحق في إرث الملك وارتقاء العرش في حالات شغور استثنائية يحددها الدستور الإسباني.