دخلت دوامة العنف الأعمى في غرداية شهرها الثاني بينما تتنازع السلطات التنفيذية والقضائية في غرداية حول من يتولى مواجهة حالة اللاأمن بالمدينة، ويقول مواطنون من غرداية إن أحياء بكاملها باتت خارج سيطرة الدولة، حيث يمنع مرور الغرباء عن الحي ويحتاج الدخول لإذن من الشباب الذي يتولى الحراسة ومرافقة دائمة، لأن تواجد أي غريب في حي من الأحياء يعني المغامرة بالحياة، يقول شباب من لجان اليقظة إنهم يعملون بهذه الطريقة لحماية الأسر والممتلكات من أي هجوم مباغت من الطرف الآخر، وينحصر تواجد قوات الأمن في الطرق الرئيسية وبعض مفترقات الطرق والساحات، بينما ترك أمر تدبير الأمن في كل حي لسكانه. وعاش سكان مدينة بريان ليلة صعبة أعادت ذكريات أحداث عام 2008 بعد الاعتداء على مواطنين وحرق سيارة وتعرض ممتلكات خاصة للتخريب، المثير هو أن أسباب الفتنة تكاد تكون منعدمة في بريان حيث تم الفصل بين الميزابيين والعرب، إذ يقيم كل طرف في جانب من المدينة، كما أن ممثلين عن العرب والميزابيين وقعوا في شهر جويلية عام 2010 اتفاقا تاريخيا لوقف الفتنة التي استمرت لعام ونصف، ورغم هذا اندلع العنف في هذه المنطقة الحساسة واستغرقت قوات مكافحة الشغب عدة ساعات من أجل فرض النظام بالمدينة بعد أن أغلق الطريق الوطني رقم واحد، ولم تتمكن السلطات المحلية ولا المركزية طيلة شهر كامل من إعادة الوضع لما كان عليه قبل منتصف شهر ديسمبر الماضي بسبب عدم فاعلية الحل الأمني. ويقول هنا أحد ضحايا أعمال التخريب في غرداية إن أحد المتورطين في تخريب البيوت والمحلات التجارية تم إيقافه، وإن بعض الضحايا قدموا أسماء لمشتبه فيهم بحرق وتخريب بيوتهم ومحلاتهم التجارية، ورغم هذا لم يوقف المشتبه فيهم بل إن أشخاصا اعتدوا على عناصر الشرطة والدرك يتمتعون بالحرية، وهو ما يثير الكثير من الأسئلة حول مدى جدية السلطات في وضع حد قريب لأعمال العنف، ومن جانب ثان قال مسؤولون كبار في الشرطة والدرك طلبوا عدم ذكر هوياتهم إن الجهاز القضائي في غرداية والنيابة تحديدا لم يمارس دوره الكامل في مكافحة الجريمة، حيث تتشدد كثيرا في مجال إصدار أوامر القبض والتفتيش، وهو ما ساهم في نشر الجريمة بالمدينة في السنوات الأخيرة وساهم الآن في تردي الأوضاع، لأن أي عميلة اعتقال لا بد طبقا للقانون من أن تستند لأمر قضائي تصدره النيابة، وهو ما لا يتوفر في الوقت الحالي إلا بصعوبة شديدة حسب ذات المصادر.