تجددت المواجهات الطائفية في مدينة غرداية جنوبالجزائر، بعد فشل السلطات وقوات الأمن في وقف أعمال العنف التي اتخذت طابعاً طائفياً بين السكان العرب المنتمين إلى المذهب المالكي والسكان الأمازيغ المنتمين إلى المذهب الإباضي. وخلفت المواجهات عشرات الجرحى في حيي ثنية المخزن والمجاهدين اللذين تسكنهما غالبية من العرب، وفي حي قصر بني الميزاب الذي تسكنه غالبية من الأمازيغ. وقال شهود عيان إن مجموعات شبابية من الطرفين تقوم برمي الزجاجات الحارقة على الأحياء والمساكن المقابلة، وتهاجم المحلات التجارية، إضافة إلى نهبها وتخريب السيارات. ودفعت أعمال العنف عدداً من العائلات المقيمة في أحياء وسط المدينة إلى النزوح لأحياء أخرى أكثر أمناً. كما اضطر عشرات التجار في أحياء متفرقة من مدينة غرداية إلى إخلاء محالهم من البضائع، لحمايتها من عمليات النهب التي تطال المحال التجارية. دعوة للتهدئة والإضراب ونقلت السلطات الجزائرية أكثر من ألفين من رجال الأمن والشرطة إلى المدينة. وذكرت صحيفة "الخبر" الجزائرية أن وزارة الداخلية تدرس إمكانية فرض حظر للتجول في كامل إقليم مدينة غرداية للحد من أعمال العنف، بعد فشل التعزيزات الأمنية في وقفها. ومن جهته، دعا اتحاد التجار والحرفيين في المدينة إلى إضراب عام إلى غاية تمكن السلطات من وقف الهجمات التي تشن على البيوت والمحال التجارية وتوقيف المتورطين ومحاسبتهم. أما مجلس الميزابيين بالمدينة، وهو هيئة روحية عند الأمازيغ، فطالب السكان والعقلاء ب"المساهمة في إطفاء الفتنة حماية للجزائر من أية تدخلات أجنبية". وطالب المجلس الدولة بتكثيف تواجد الشرطة والأمن لحماية الناس والممتلكات، كما دعا إلى إجراء تحقيق "بجدية وعمق" لمعرفة الأسباب والجهات التي تقف وراء هذه الأحداث. الأحداث الأكثر خطورة وفي سياق متصل، حذر الناشط المدني، الشيخ بلحاج نصر الدين، في تصريح ل"العربية.نت" من خطورة الأحداث الأخيرة وتداعياتها على السلم الأهلي، قائلاً: "مرت على غرداية مناوشات وصراعات عرقية عدة، إلا أن الوقائع الأخيرة هي الأكثر خطورة وحدّة، تجعل المنطقة على فوهة بركان". ودعا بلحاج إلى "كشف الأطراف التي تغذي الأحداث الطائفية في منطقة غرداية"، وطالب السلطات بسرعة التدخل" لكبح الخسائر التي تهدد الأرواح والممتلكات". وكانت أحداث طائفية مماثلة قد اندلعت الشهر الماضي بين المجموعتين الدينيتين الإباضية والمالكية، في مدينة القرارة التابعة لولاية غرداية، على خلفية مباراة في كرة القدم جمعت بين فريقين محليين. واعتقلت السلطات الجزائرية في هذه الأحداث 130 شخصاً. ويسكن بلدات منطقة غرداية غالبية من الأمازيغ الذين يتحدثون اللغة الأمازيغية ويتبعون المذهب الإباضي، وأقلية من العرب الذين يتبعون المذهب المالكي. وتشهد المنطقة منذ عام 2008، سلسلة من الأحداث والمواجهات الطائفية والعرقية.