عادت الاضطرابات إلى مدينة غرداية الجزائرية أول أمس الأحد بشكل خطير، بين الأطراف المتصارعة التي يحمل كل منها الآخر مسؤولية تدهور الوضع، واجتاحت عمليات تخريب ونهب واسعة عددا من أحياء المدينة التي تعيش على وقع الصراعات المذهبية والاقتتال بين طوائف من سكانها منذ مدة. لتمتد شرارات أعمال العنف إلى مناطق جديدة كانت حتى وقت قريب تعتبر هادئة. وهو ما دفع السلطات الجزائرية ممثلة في ا الوزير الأول عبد المالك سلال، حسب مصادر إعلام محلية إلى دراسة إمكانية فرض قرارات استثنائية للحفاظ على الأمن في مدينة غرداية المضطربة، ومنها شن حملة اعتقالات ومداهمات على نطاق واسع ضد أشخاص تتهمهم السلطات بإثارة الفتنة والنعرات الطائفية، واستغلالها للعنف والتخريب ونهب الممتتلكات. في ذات الساق، أكد شهود عيان من مدينة غرداية سقوط قتيلين في الأحداث التي وقعت في منطقة التوزوز أول أمس الأحد، إضافة إلى مصرع شرطي لفظ أنفاسه الأخيرة في مستشفى بالعاصمة الجزائرية، متأثرا بجراح خطيرة أصيب بها قبل أسبوعين في أعمال العنف الطاحنة. كما أحصت المصالح الاستشفائية في المدينة إصابة أزيد من 50 شخصا بينهم تلاميذ قاصرون، وعناصر من الشرطة والدرك بجروح. من جهتهم دعا أعيان من عرب غرداية وممثلون عن 15 جمعية محلية بالمدينة، إلى مقاطعة الدراسة إلى حين توفير الأمن لتلاميذ المدارس، وطالب أعيان يمثلون الميزابيين الأباظيين بالتحقيق في عمليات اعتداء تعرض لها التلاميذ أول أمس، كما أعلنت لجنة التنسيق والمتابعة المنبثق عن سكان المدينة تمديد إضراب التجار إلى غاية انسحاب وحدات التدخل التابعة للشرطة رية الجزائمن النقاط الساخنة، وطلبت وضع وحدات قوات التدخل التابعة للدرك الوطني في النقاط الساخنة ومناطق التماس بين الطرفين. ونقلت مصالح الأمن على المستوى المحلي تقارير وتوصيات إلى مجلس وزاري خاص اجتمع أول أمس وكان على اتصال مع والي غرداية، ودرس الاجتماع الوزاري الأمني الذي ضم مسؤولي الشرطة والدرك، ووزراء الداخلية والعدل إمكانية فرض بعض الإجراءات الاستثنائية بغرداية للحفاظ على الأمن في المدينة المضطربة، وأهم إجراء تمت التوصية بشأنه هو شن حملة اعتقالات واسعة النطاق في بعض أحياء المدينة بناء على تحريات الشرطة والدرك، ويحتاج مثل هذا الإجراء الذي مكن سنة 2010 من وقف العنف في منطقة "بريان" بعد أن استمر سنة ونصف، لموافقة النيابة العامة ومن ورائها وزارة العدل. كما تقرر على المستوى المحلي تعميق التحقيق مع 30 شخصا متهمين بإثارة الفتنة والكراهية عبر شبكة التواصل الاجتماعي والتحريض على العنف من خلال تجمعات وخطب، بعد تجدد أعمال العنف صباح الست الماضي، في بعض المناطق التي لم تكن ضمن النقاط الساخنة بغرداية، وبدأت في ثانويتين في بلدية بنورة بعد الاعتداء على تلاميذ وتلميذات داخل الثانويتين، وتطورت الأوضاع بسرعة إلى اشتباكات شارك فيها شباب من خارج الثانويتين، وزادت الأوضاع تدهورا بعد إغلاق طرق في عدة مواقع بالمدينة، ثم امتدت المواجهات وعمليات التخريب إلى حي شعبة النيشان ومناطق التماس بين بلديتي غرداية وضاية بن ضحوة. وكان أغلب تلاميذ المدارس قاطعوا الدراسة حتى قبل اندلاع أعمال العنف، كما تعرض عشرات التلاميذ في عدة مؤسسات تربوية للاعتداء من قبل مجهولين، وهو ما استدعى تدخل قوات الأمن، وأعقب هذا اندلاع أعمال العنف في عدة أحياء، كما تعرضت واحات نخيل وممتلكات خاصة ومحلات تجارية ومستودعات للحرق ، ورغم ضخامة تعداد القوات التي خصصت لضبط الأمن في المدينة إلا أنها بدت غير كافية للسيطرة على مدينة يفوق عدد سكانها الإجمالي 200 ألف نسمة في 4 بلديات.