شكل موضوع "ثقافة الصحراء: ملامح وتجليات" محور ندوة فكرية نظمها، أمس السبت بالعيون، اتحاد كتاب المغرب على هامش تأسيس فرع الاتحاد بهذه المدينة التي تعتبر كبرى حواضر الصحراء. وانصبت الندوة، التي نظمت بدعم من وكالة الجنوب للإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بمشاركة ثلة من الأساتذة والباحثين الأعضاء في اتحاد كتاب المغرب، حول مواضيع مرتبطة بالجوانب الثقافية والسوسيولوجية للمجتمع الصحراوي الحساني انطلاقا من مقاربات مفكرين مغاربة وأجانب. واعتبر المشاركون في هذه الندوة أن الثقافة الصحراوية بكل أطيافها وأشكالها الأدبية والفكرية هي تعبير عن الهوية الجماعية لسكان الصحراء، مشددين على أن هذه الأشكال التعبيرية "جزء لا يتجزأ من الثقافة المغربية الواسعة مع ما تعكسه من صور الحياة البدوية داخل المجتمع الصحراوي". وتم التأكيد على أن الأدب الصحراوي عرف ظهور أجناس أدبية جديدة بعد أن كان الشعر الحساني هو الجنس المهيمن على الثقافة الصحراوية التي يغلب عليها عادة الطابع المحافظ، مبرزين أن الموروث الثقافي الصحراوي هو تراث غني بشتى الألوان التعبيرية وزاخر بعدد مهم من المخطوطات العريقة. وبالرغم من ارتباط القصيدة الصحراوية بالمدرسة الصحراوية في الشعر العام، يضيف المتدخلون، فإن شعر الصحراء لم يكن منعزلا، بل امتد إلى أطراف الوطن لتعزيز التواصل وتكريس التلاحم القوي بين جنوب المغرب وشماله، مشيرين إلى أن الثقافة الصحراوية ثقافة مغربية واعية بإشكالية الذات متشبثة بهويتها ومنفتحة على مختلف المكونات الثقافية. وناقش الباحثون في هذه الندوة، أيضا والتي تم خلالها عرض شريط وثائقي مصور حول "بدو الصحراء: الثقافة، الهوية والمكان"، من إنجاز وتقديم الباحث ابراهيم الحسين، عددا من المواضيع الأخرى التي لامست قضايا أدبية وفلسفية ذات صلة بالموروث الثقافي والحضاري للمنطقة. وتطرق الباحثون إلى الجوانب الثقافية المتضمنة في التقرير الذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول "النموذج الجديد للتنمية بالأقاليم الجنوبية"، والذي يعتبر الثقافة حقا ومحركا للتنمية. يشار إلى أن اتحاد كتاب المغرب دعا، بالمناسبة، إلى صيانة الثقافة الصحراوية الحسانية، كأحد مكونات الهوية المغربية وإسناد خصوصيات هذه الثقافة إلى الجهات المعنية. واعتبر الاتحاد أن صيانة الثقافة الصحراوية الحسانية سيمكنها من التعبير عن مختلف تجلياتها كي تصبح علامة مضيئة في المشهد الثقافي والتربوي والفني بالمملكة.