أصدرت وزارة الثقافة مؤخرا كتابا بعنوان "ثقافة الصحراء ...مدارات الهوية والمعنى"٬ يضم بين دفتيه أشغال الندوة العلمية المتوجة لربيع بوجدور الثقافي السابع المنظم من قبل مندوبية وزارة الثقافة ببوجدور ما بين 11 و13 ماي 2012 ٬ بتعاون مع عمالة الإقليم ومركز الدراسات والأبحاث الحسانية. ويشتمل الكتاب٬ كما جاء في مقدمة الباحث رحال بوبريك٬ على مجموعة من المقالات حول المجتمع الصحراوي قاربت عدة أوجه من حياته الاجتماعية والاقتصادية والدينية والثقافية والسياسية. وشكلت أعمال الندوة المذكورة "لبنة في صرح البحث العلمي الرصين حول الصحراء الذي بدأ يتبلور في العقد الأخير" من منطلق أن هذا البحث " لم يعد ترفا فكريا٬ بل هو ضرورة ملحة ورهان فعلي من أجل معرفة موضوعية لمجتمعنا لرسم معالم أي سياسة تنموية أو غيرها. حيث لا تنمية حقيقية بدون التوفر على معطيات تاريخية وسوسيولوجية وجغرافية وثقافية واقتصادية تساعد على أخذ القرار ورسم سياسات عمومية في كل القطاعات". وأوضح بوبريك أن هذا الكتاب يضم مقالات طلبة سابقين أصبحوا اليوم باحثين بعدما واصلوا تكوينهم العالي٬ وهم اليوم سائرون على الدرب من أجل النهوض بالبحث حول مجال الصحراء٬ مشيرا إلى أن المقالات صادرة عن باحثين من مختلف التخصصات حاول كل واحد منهم مقاربة إشكاليته انطلاقا من تخصصه وانشغالاته العلمية وتساؤلاته٬ مع الالتزام بالرابط المشترك الذي هو المجال المدروس أي الصحراء: الموروث الثقافي ٬ الحياة الاقتصادية والاجتماعية٬ والتحولات الاجتماعية والثقافية٬ والحياة الدينية٬ التنمية المحلية.... وتتمحور مقالات الكتاب حول العديد من القضايا منها على الخصوص "الموروث الثقافي من خلال قراءة في التوجهات العامة ووثائق اليونسكو للباحث عبداتي الشمسدي ٬ الذي قام بمراجعة وتنسيق نشر هذا الكتاب٬ معتبرا أن النهوض بالتراث المحلي ٬ باعتباره آلية تنموية ٬ يتطلب انخراط مختلف المتدخلين من جماعات محلية٬ وهيئات مدنية ٬ ومختلف المؤسسات٬ من خلال تكثيف حملات توعوية بأهمية الموروث الثقافي بشقيه المادي أو غير المادي باعتماد مقاربات تشاركية٬ ومجالية٬ وغيرها من المقاربات التنموية المعروفة. وانطلق الباحث محمد دحمان في دراسته "ثقافة الصحراء ورهان التنمية" من كون "الكثيرين من الساسة والباحثين يعتقدون أن مفتاح التنمية هو استيراد التكنولوجيا للرفع من مستوى الرخاء المادي للسكان٬ متغافلين عن التعدد الثقافي والسلوكي الذي يعتبر إلى حد كبير المبدأ المحرك للنشاط البشري القديم"٬ معتبرا أن الموروث الشفاهي الحساني تحتاجه اليوم مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة ليوظف في البرامج الدراسية وفي إنشاء متاحف جهوية٬ وفي إبداع مسرحيات حسانية ومسابقات أدبية وفنية وإنجاز برامج إذاعية وتلفزية وإقامة مواقع الكترونية٬ تساهم في إدماج الشباب وفي تحقيق التواصل ما بينه وبين الأجيال السابقة. وتضمنت المقالات أيضا "قراءة تاريخية في التراث الاستعماري الاسباني بالصحراء" للباحث محمد سبى ٬ يرصد من خلالها عددا من الكتابات والوثائق الاسبانية التي كتبت خلال الحقبة الاستعمارية حول منطقة الصحراء ومجتمعها٬ متخصصة في الرحلة والجغرافيا والأنثروبولوجيا والإثنولوجيا والتاريخ وغيرها من المجالات المعرفية٬ إضافة إلى مقالات نشرت في دوريات استعمارية أصدرتها جمعيات ومعاهد ومدارس٬ وكذا تقارير الضباط العسكريين ٬ ومخبري الاستعلامات الاستعمارية٬ داعيا إلى المحافظة على هذا الموروث الاستعماري الثقافي الشفوي والمكتوب٬ وكذا المعماري باعتبار ذلك مادة تاريخية مهمة يتوجب جمعها والحفاظ عليها٬ بالرغم من كل ما قد تحمله من صور سلبية أو من ذكريات مأساوية٬ ورغم أنها غير بريئة من حيث حمولاتها السياسية والثقافية. واشتمل الكتاب أيضا على مقالات تنوعت بين "مساهمة صنهاجة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمنطقة الصحراء"٬ للباحث الحسين باتا ٬ و"التحولات الاجتماعية والثقافية بالمجتمع الصحراوي" للباحث إبراهيم حمداوي ٬ و"التقويم الزمني في وادي نون والصحراء" للباحث كماز محجوب٬ و"ظاهرة المديح النبوي بالصحراء المغربية" للباحث محمد المختار المداح٬ و"الموروث الثقافي في خدمة التنمية المحلية" للباحث مراد الريفي٬ و"الحركة الصوفية بالساقية الحمراء في القرن العاشر.. نموذج الشيخ سيدي أحمد لعروسي" للباحث سيدي لعروسي داهي ٬ و"تنمية المجتمع الحضري الصحراوي: حالة مدينة بوجدور" للباحث محمد شرايمي٬ ٬ و"التراث الصوفي مكون أساس في ثقافة الصحراء" للباحث أحمد الشيخي.