افتتح رسميا أمس الخميس بالرباط مركز يعنى بالدراسات والأبحاث الصحراوية، والذي أحدث بمبادرة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس أكدال والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ووكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية والمكتب الشريف للفوسفاط، وذلك في إطار تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في الجانب الخاص بحفظ الأرشيف والذاكرة والتاريخ، وكذا إعمال مقتضيات الدستور الجديد التي تنص على ترسيخ الهوية الثقافية المتعددة، لاسيما منها ما يتعلق بالمكون الحساني. وأوضح مدير المركز ذ. رحال بوبريك في تصريح لبيان اليوم، أن إحداث هذا المركز وافتتاحه بشكل رسمي بالرباط يعد لبنة هامة في مجال حفظ وتثمين تراث المنطقة، وبنية ستمكن من التنقيب في التاريخ والعمق الثقافي للمنطقة، إذ سيضطلع بالقيام بأبحاث متعددة التخصصات تشمل مجالات المعرفة التاريخية والاجتماعية والثقافية بمفهومها الواسع بالمغرب الصحراوي. وأضاف المتحدث أن المركز يروم انطلاقا من ذلك إلى تشجيع المعرفة العلمية بالأقاليم الجنوبية، قائلا في هذا الصدد «إن هناك قناعة مفادها بأنه لا يمكن لأي مشروع أكان سياسيا، اقتصاديا ، تنمويا أو ثقافيا.. أن يحقق أهدافه بدون توفر المعرفة وتراكم في الأبحاث العلمية. وأبرز بوبريك أن المركز سيعمل على سد الفراغ الموجود على مستوى الأبحاث العلمية التي ترتبط بتاريخ المنطقة والتراث المادي واللامادي بها، خاصة وأن هناك ضعفا كبيرا بل وانعدام التراكم في البحث العلمي على هذا المستوى حتى قبل سنة 1975 حول النظام الاجتماعي بالمنطقة والبنيات التراثية، والتغيرات أو التحولات الجوهرية التي يعرفها المجتمع بالأقاليم الجنوبية بتحوله من مجتمع الترحال إلى مجتمع الاستقرار. وبخصوص مقر مركز الدراسات الصحراوية الذي تحتضنه العاصمة الرباط، وبعض الانتقادات التي تم التعبير عنها بهذا الشأن من طرف عدد من الباحثين والفاعلين، أفاد رحال بوبريك أن الأمر يعود لعدم وجود مؤسسات جامعية بالأقاليم الجنوبية، حيث تم في هذه المرحلة التأسيسية إحداث بنية للبحث العلمي تخص الأقاليم الجنوبية على المستوى المركزي خاصة وأن كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط تتوفر على نواة للدراسات حول الجنوب عبارة عن ماستر متخصص في موضوع «الإنسان ومجال الصحراء». وكشف على أن المركز الذي سيكون حريصا على إنتاج نوع من البحث الرصين، وتكوين باحثين مختصين، سيكون مفتوحا في وجه الباحثين في مختلف التخصصات والقادمين من مختلف مراكز البحث التابعة للجامعات المغربية الموزعة على مختلف مناطق المغرب، كما سيكون حريصا على تنظيم مختلف أنشطته من ندوات علمية وفكرية ودورات ميدانية بمناطق الجنوب، هذا علما أنه سيتم الانتقال في مرحلة لاحقة إلى إحداث فروع للمركز بمدن الجنوب. وعلى هذا الأساس فالمركز سيتيح تشجيع جانب البحث العلمي خدمة للتنمية بتعاون مع فاعلين محليين ودوليين عن طريق تقديم أجوبة لمختلف الأسئلة المطروحة والتي لا ترتبط فقط بالجانب السياسي الذي مافتئ يهيمن على باقي الجوانب كلما تم ذكر الأقاليم الجنوبية، بل كل تلك الأسئلة التي تمتد مما هو اقتصادي واجتماعي بوضع نوع من المسافة أي بشكل موضوعي مع ما يعتمل في الواقع مرورا بما هو ثقافي بتعدد أوجهه في أفق المساهمة في تنمية الأقاليم الجنوبية، حيث سيتم العمل في إطار المركز على إحداث قاعدة معلومات ومركز للتوثيق وإعادة نشر الأطروحات الجامعية التي تتناول المنطقة والتي ستوضع رهن إشارة أصحاب القرار والمختصين والمؤسسات العمومية والخاصة.