أصدرت جمعية الشعلة للتربية والثقافة (فرع بوجدور)،مؤخرا،كتابا جديدا تحت عنوان "الصحراء: فضاء للحضارة والفكر والإبداع". والكتاب (300 صفحة من الحجم المتوسط) هو تجميع لمداخلات المشاركين في "الملتقى الأول للفكر في الصحراء المغربية" الذي نظمته الجمعية يومي 23 و24 يناير الماضي. ويتضمن الكتاب عشرين بحثا،وقصائد تنشر لأول مرة لشعراء من بوجدور،شيوخا وشبابا،وصورا توثق لهذا الملتقى الذي نظم بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبتعاون مع مندوبية الثقافة ببوجدور. وقسم الكتاب إلى خمسة محاور متنوعة توزعت عليها الأبحاث،إذ خصص المحور الأول،وهو نظري،لمسألة "السؤال المنهجي في الفكر الحساني" تباحث فيه المشاركون قضايا "أولويات البحث في الثقافة الشعبية الحسانية" و" مكانة الرواية الشفهية في البحث السوسيولوجي حول المجتمع الصحراوي" و"الثقافة الحسانية في المعرفة الكولونيالية". أما المحور الثاني (ثقافي علمي)،والذي وسم ب" الثقافة العالمة في الفكر الحساني"،فجاءت عناوينه على الشكل التالي "محمد عبد الرحمان الدرجاوي: من "كراسة مرب"،و"تأملات حول الأدب الفصيح في الصحراء"،و"عرض كتاب (البادية) للشيخ محمد المامي بن البخاري" و"البعد العلمي في الشعر الحساني: الجانب العلمي في شعر الشيخ محمد المامي" و"الخزانات العلمية بالصحراء : خزانة أهل عبد الباقي سيبويه نموذجا". وخصص المحور الثالث والأدبي ل"الفكر الحساني من خلال الأمثال والشعر" وتناول مواضيع "الأمثال الحسانية: قراءة سيميائية" و"شعر البيضان (لغن) نشأته وتسميته" و"مدرسة الشعر الحساني كلون أدبي لدى مجتمع البيضان" و"قراءة في شعر الاستسقاء: ديوان الشعر الحساني للشيخ محمد المامي بن البخاري" و"شذرات لشعراء من بوجدور". أما المحور النظري والاجتماعي (المحور الرابع) والذي اختارت له الجهة التي اصدرت الكتاب إسم "المجتمع الحساني وحياة الصحراء" فتطرق فيه الباحثون والمهتمون لقضايا ذات الصلة بحياة الصحراء ويتعلق الأمر ب"الإبل والماء في الثقافة العربية" و"المكان في الشعر الشعبي الحساني" و"لباس الصحراء: مقاربة تاريخية" و"مقاربة النوع الاجتماعي بالمناطق الجنوبية" و"الموارد المائية بجهة العيون بوجدور الساقية الحمراء". وركز المحور التاريخي والخامس تحت عنون "الفكر الحساني وأعلام من الصحراء" على رموز الصحراء المغربية فجاءت المواضيع على الشكل الآتي: "الشيخ سيدي أحمد العروسي" و"من أعلام المقاومة في الصحراء: سيبويه الصحراء محمد عبد الباقي". وألحقت بالكتاب ملحقات هي عبارة عن ديوان شعري للشاعر محمد مولود الأحمدي الفائز بسباق القوافي لهذه السنة،والتي تنظمها قناة العيون الجهوية. وأعد الكتاب وقدم له الأستاذ محمد البوزيدي وصمم غلافه الفنان حسن لمحيليل. تجدر الإشارة إلى أن هذا الإصدار يعد الأول من نوعه في الأقاليم الصحراوية المغربية بهذا الكيف والكم من المداخلات وحجم الباحثين المشاركين فيه والذي ناهز 13 دكتورا وسبعة أساتذة باحثين. وجاء في مقدمة "الصحراء: فضاء للحضارة والفكر والإبداع"،أن تنظيم "ملتقى الفكر في الصحراء المغربية" يستجيب لحاجة الأقاليم الجنوبية إلى مزيد من الأبحاث العلمية الرصينة في مجال الفكر،باعتباره ركيزة وأساس بناء المجتمع من خلال فهم الماضي وتحليل الحاضر واستشراف آفاق المستقبل. كما أن اختيار شعار "من أجل تعميق البحث في التراث الحساني كرافد من روافد الهوية الوطنية" لهذا الملتقى يأتي انطلاقا من أن الفكر في الصحراء شكل وسيبقى جزءا جوهريا من الهوية الوطنية،يتفاعل مع أجزاء جوهرية أخرى لتشكل كلا منسجما غنيا بكل روافده الشمالية والجنوبية. وتتوخى جمعية الشعلة للتربية والثقافة من خلال تنظيم هذا الملتقى الذي ضمته بين دفتي هذا المؤلف أن يكون لبنة أولى ضمن مسار مستقبلي،"تأمل منه تكريس عرف ثقافي سنوي يساهم فيه الجميع على اعتبار أن الفكر نتاج الإنسان".