خلف إقحام الحمير في مسيرة حزب الاستقلال أمس الأحد في شوارع الرباط، جدلا واسعا بين عدد من المواطنين ومستعملي مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد ومنتقد. لقد طغى مشهد الحمير، وهي تساق نحو مقدمة الجموع البشرية، على بقية المشاهد المصاحبة للمسيرة، التي جاءت احتجاجا على غلاء الأسعار، بعد الشروع في نظام المقايسة المرتبط بأسعار المحروقات السائلة. لقد كان الأمر واضحا، ولا يحتاج إلى تفسير، وهو أن المقصود بإدخال الحمير إلى المسيرة، وإلباسها بعض "الاكسسوارات"، كان هو عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، بدليل رفع بعض عباراته المشهورة" فهمتني ولا لا؟" فوق رؤسها. البعض من المواطنين استهجن هذا الأسلوب في التظاهر، ورأى في المسألة تدنيا وهبوطا وسطحيا وابتذالا في مستوى الخطاب السياسي المفروض توجيهه إلى الرأي العام ، خاصة وأن هذه هي أول مرة يلجأ فيها حزب مغربي معارض إلى استعمال الحيوانات لتوصيل رسائله إلى من يعنيهم الأمر. البعض الأخر، حبذ هذه الطريقة " الحميرية" في الاحتجاج،كما سماها، معتبرا إياها " ابتكارا " جديدا يتجاوب ومقتضيات المرحلة التي تلقي بظلالها على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حيث السيادة لخطاب معين ينهل من قاموس الحيوانات مثل التماسيح وغيرها. ومن الملاحظات الأخرى المسجلة عن هذه التظاهرة التي أطلق عليها حزب "الميزان" مسيرة الغضب والكرامة،ضد غلاء الأسعار، أن الفوضى سادتها في العديد من محطاتها،وكانت إحدى سماتها الأساسية، لدرجة أن بعض الصحافيين تعرضوا للدفع والتعنيف، من طرف اللجنة التنظيمية، أثناء قيامهم بواجبهم الإعلامي ، تحت أنظار حميد شباط، الأمين العام للحزب، الذي تدخل أكثر من مرة، مطالبا بفسح المجال لرجال الصحافة للقيام ب" شغلهم"،على حد تعبيره. وكادت صحافية مغربية تعمل لفائدة قناة تلفزيونية أجنبية، أن تتهاوى تحت الأقدام، وتسقط الكاميرا من يدها، جراء حالة الاختناق الشديد التي أصيبت بها، بسبب التدافع، وغياب التنظيم اللازم لتظاهرة في هذا الحجم. وفي هذا السياق،أفاد موقع " العربية نت" اليوم، أن مصور قناة" العربية" في المغرب، بلال الشريف الطريبق، تعرض إلى الاعتداء عليه بالضرب في المسيرة، فيما حاول أحد المتظاهرين تكسير الكاميرا، بينما تعرض مساعد المصور حسن مديح، لتكسير لنظارته الطبية، وشمل الاعتداء مجموعة من المصورين الصحافيين الآخرين، حيث تعرضوا للضرب والدفع خلال المسيرة. إلى ذلك،لم يتمكن الصحافيون من الحصول على رقم رسمي محدد،بخصوص عدد المشاركين في المسيرة، نظرا لتضارب الآراء، فهناك من يقول، وضمنهم عادل بنحمزة،الناطق الرسمي باسم الحزب، إنهم يفوقون الثلاثين ألف، بينما رأت مصادر من جهاز الأمن أن الرقم مبالغ فيه، وأنه قد لايتعدى 6000 من المواطنين، فيما اعتبرها شباط بأنها "مسيرة مليونية"، على حد قوله،وتناقلت ذلك مختلف وسائل الإعلام، ليبقى التساؤل المطروح: من يصدق الصحافيون؟