لم تعد المواعيد البروتوكولية والاحتفالية في أجندة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، خصوصا بعد تعرّضه إلى الوعكة الصحية، بحيث لم يعد يسجل حضوره فيها لا بالتواجد الشخصي ولا بإرسال رسائل إلى المشرفين عليها مثلما دأب على ذلك، وهو مؤشر على أن صحة الرئيس لم تعد تسمح له بمثل هذا الظهور . بغيابه عن مراسم الاحتفال بليلة القدر، يكون الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد حطّم الرقم القياسي في عدد المواعيد الرسمية والبروتوكولية التي يتغيب عنها، سواء قبل المرض أو بعده. لقد قاطع الرئيس مراسم افتتاح السنة القضائية التي لم تفتتح رسميا لأول مرة، وهو نفس مصير السنة الجامعية التي لم يفتتحها الرئيس لأسباب غير معروفة، بالرغم من أن عبد العزيز بوتفليقة لم يكن يومها مريضا. وتزامن هذا الانسحاب للرئيس من الواجهة الأولى لبوابة النشاط الرسمي، مع عزوف رئيس الجمهورية أيضا وعدم حضوره الملتقيات الكبرى والندوات الدولية والإقليمية التي تجري تحت رعاية "فخامته"، وذلك لأسباب كانت على صلة بعدم قدرته تحمّل مثل هذا الكم من النشاطات السياسية. كما تراجع النشاط الرئاسي لرئيس الجمهورية، واختصر في استقبالات لكبرى الوفود الرسمية التي تزور الجزائر وتأخير مراسم استقبال وتوديع السفراء الجدد أو المغادرين إلى الحد الأدنى الممكن. حدث هذا الانعزال قبل تعرّض الرئيس بوتفليقة إلى "جلطة دماغية"، يوم 27 أفريل الماضي، والتي كانت وراء خضوعه لفترة علاج ونقاهة بمستشفى "فال دوغراس" و"ليزانفاليد" جاوزت ال82 يوما بباريس، وتتواصل منذ 16 جويلية الفارط إلى غاية اليوم، بالجزائر دون تحديد آجال لذلك . وأدى المرض بالرئيس بوتفليقة إلى عدم المشاركة في احتفالات نهائي كأس الجمهورية يوم 1 ماي الماضي، حيث تكلف الوزير الأول بمنح الكأس، ثم كرر ذلك في احتفالات تخرج الدفعات من أكاديمية شرشال العسكرية التي تولى فيها المهمة قائد الأركان في غياب قائد القوات المسلحة وزير الدفاع الوطني الذي كان يعالج في الخارج. ورغم تأكيد الخطاب الرسمي أن الرئيس يتعافى، استمر غيابه عن الشأن العام، بحيث جرت مراسم ترقية وتقليد الرتب للضباط السامين بوزارة الدفاع الوطني يوم 4 جويلية الفارط، من دون حضور رئيس الجمهورية، الذي لم يلحق بأرض الوطن سوى يوم 16 جويلية وعلى كرسي متحرك . ورغم التحاقه بأرض الوطن ودخوله في مرحلة "نقاهة" تحسبا لعودته لممارسة مهامه، مثلما جاء في بيان لرئاسة الجمهورية يوم 12 جوان الفارط، من خلال ترأس مجلس الوزراء، إلا أن غياب الرئيس عن المشهد العام استمر وبشكل جعله يغيب عن مواعيد احتفالية تكتسي رمزية خاصة، على غرار إحياء ليلة القدر، وبعدها صلاة العيد، وهي مواعيد يؤشر الغياب فيها أن الرئيس ليس في أحسن حال، ما يطرح علامة استفهام كبيرة: هل بمقدور عبد العزيز بوتفليقة، بعد رحلة فال دوغراس، ممارسة الحكم لما تبقّى من عهدته الرئاسية؟ مهما يكن من أمر، فإن الرئيس بوتفليقة الذي حطم الرقم القياسي في البقاء في الحكم مقارنة بكل الرؤساء الذين حكموا الجزائر، حطم أيضا الرقم القياسي في غيابه سنة 2013 عن أكبر المواعيد الاحتفالية والرسمية المسجلة في مواعيد الاحتفالات للدولة الجزائرية، وفي ذلك مؤشر على نهاية مرحلة.