24 يوليوز, 2018 - 10:14:00 أثار اقتناء المغرب عدد من الأسلحة المتطورة مؤخرا بينها مروحيات أباتشي ودبابات "أبرامز"، تساؤلات حول دلالات استمرار الرباط في تحديث ترسانتها العسكرية على نحو واسع في هذا التوقيت. وقال ثلاثة خبراء مغاربة إن اقتناء المملكة لتلك الأسلحة تمليه التحديات الأمنية سواء الداخلية أو الخارجية التي تواجه المغرب، لاسيما المتعلقة بتأمين الحدود في ظل استمرار غياب الاستقرار في دول مجاورة، فضلا عن مواجهة الإرهاب، والتصدي للمحاولات الانفصالية التي تقودها جبهة "البوليساريو". وبحسب تقارير إعلامية محلية، فإن المغرب اقتنى مؤخرا، عددا من الأسلحة المتطورة، ويتعلق الأمر بمدرعات من نوع "فاب" (VAB) فرنسية الصنع، ويتفاوض للحصول على مروحيات متطورة من نوع "أباتشي" أمريكية الصنع، بالإضافة إلى حصوله على الدبابات "أبرامز" أمريكية، في انتظار وصول صواريخ متقدمة يتم تركيبها على مقاتلات "إف 16". سباق تسلح لكن لا يمكن النظر لتطوير المغرب أسلحته، دون الأخذ في الحسبان سباق التسلح مع الجزائر أكبر مستورد للسلاح في إفريقيا، وهو السباق الذي يغذيه استمرار التوتر بشأن الصحراء بين الجارتين، وفقا لما قاله خالد الشيات المحلل السياسي. وأكد الشيات أن المملكة تسعى إلى الحفاظ على توازن القوى مع الجزائر، حيث يسعى البلدين إلى اقتناء أسلحة متطورة، وذلك في إطار استمرار قضية الصحراء، مضيفا أن الجزائر تدعم جبهة "البوليساريو" ولا يمكن للمملكة أن تنظر إلى الأمر بشكل عادي. ودعا المحلل السياسي البلدين إلى الإنفاق على التنمية في عدد من المجالات، بدلا من الاستمرار في التسلح، إلا أنه شكك في إمكانية حدوث ذلك في الأفق القريب. وغير بعيد عما قاله الشيات، يقف الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية، عبد الرحمن المكاوي، مؤكدا أن ما وصفه بمحاربة الانفصال في إشارة لجبهة "البوليساريو"، تقف على رأس المساعي المغربية لتطوير ترسانة الأسلحة. الإرهاب وتأمين الحدود ويؤكد مكاوي أن لتأمين الحدود ومكافحة الإرهاب نصيب كبير في دفع الرباط إلى تحديث ترسانتها العسكرية، لتكون على أعلى درجات الاستعداد، خاصة مع استمرار الاضطرابات الأمنية في دول مجاورة. وأوضح مكاوي أن المملكة مهددة من أكثر من جهة ، خصوصا أن "السلطات مستمرة في تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية التي لها علاقة بداعش". كان وزير الخارجية، ناصر بوريطة، صرح في 26 من يونيو الماضي، أن" عدد الاعتداءات الإرهابية بإفريقيا تفوق نظيرتها بأوروبا ب22 مرة"، لافتا إلى أن القارة السمراء "شهدت نحو 343 اعتداء إرهابيا عام 2017، خلفت 2600 ضحية". وأضاف أن "القارة الإفريقية تضم 6000 مقاتل إرهابي ينتمون إلى تنظيم 'القاعدة' الإرهابي، 3500 مقاتل منهم يوجدون في غرب إفريقيا". وأشار الوزير إلى أن "عدد الأشخاص المرتبطين بتنظيم داعش الإرهابي كبير في شمال إفريقيا"، دون تقديم رقم دقيق في ذلك، متوقّعا ارتفاع هذا العدد "بسبب عودة المقاتلين الإرهابيين من العراق وسوريا". وتراهن السلطات المغربية على الحفاظ على سلامة البيت الداخلي، حيث تعلن وزارة الداخلية من وقت لآخر عن تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية. وفي أبريل الماضي قال عبد الحق الخيام مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (المخابرات)، خلال لقاء بمدينة مراكش إن "المملكة عملت من خلال سياستها الأمنية الاستباقية منذ مارس 2015 على تفكيك 53 خلية ارهابية منها 48 خلية مرتبطة مباشرة بتنظيم "داعش". ولفت إلى أن "الأراضي الليبية أصبحت مركزا لاستقطاب الارهابيين المنحدرين من المنطقة المغاربية وهو ما يشكل تهديد صريح للمغرب والمنطقة المتوسطية عموما". وتابع "إن انهيار النظام الليبي كان سببا رئيسيا في تقوية مجموعة من الجماعات الارهابية وخلق حالة من الفوضى التي ارخت بظلالها على منطقة المغرب العربي"، لافتا أن المغرب "كثف من جهوده الأمنية من أجل مكافحة تنظيم الدولة (داعش) في ظل بروز منطقة المغرب العربي والساحل كأهم بديل جغرافي لأتباع التنظيم من أجل استمرار أنشطتهم الإرهابية ". وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الأمني "محمد أكضيض" أنه "لا يمكن محاربة الإرهاب، إلا عبر تملك تكنولوجية عسكرية متطورة لرصد أي تحرك محتمل للتنظيمات الإرهابية." المخدرات وشبكات الإتجار بالبشر ويقول أكضيض إن تحديث الترسانة العسكرية للمملكة يهدف أيضا إلى مواجهة شبكات تهريب المخدرات بفاعلية أكبر، وكذلك التصدي لشبكات تهريب البشر خصوصا مع زيادة نشاط هذه الشبكات، حيث تعمل البحرية المغربية على رصد السفن على واجهاتها البحرية. وتجري البحريتان المغربية والإسبانية سلسلة من الاتصالات الثنائية، لتحديد أماكن المهاجرين غير الشرعيين لإنقاذهم أو توقيفهم، وقد سمح التعاون بينهما بدخول مياه البلدين دون حواجز، بغية الوصول للمهاجرين الذين يتدفقون من نقاط مختلفة لعبور مضيق جبل طارق الفاصل بين البلدين. ولقي قرابة 539 مهاجرًا غير شرعي مصرعهم غرقًا، خلال سنة 2017، أثناء محاولاتهم التسلل إلى السواحل الإسبانية، عبر مضيق جبل طارق، وفق منظمة (AETSAS) الإسبانية المعنية بالهجرة غير الشرعية (غير حكومية). وقال وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، في نوفمبر الماضي، إن أجهزة الأمن أوقفت، خلال 2017، أكثر من 50 ألف مهاجر غير شرعي، وفككت 73 شبكة إجرامية تنشط في تهريب البشر. الحاجة للتحديث لكن الخبير الأمني "أكضيض"، أكد أن المغرب يهدف أيضا إلى تحديث ترسانته العسكرية من خلال اقتناء أسلحة جديدة، كحاجة يفرضها واقع تقادم الكثير من الأسلحة، وذلك بغض النظر عن محاربة الإرهاب وشبكات تهريب المخدرات وغيرها من التحديات الأمنية. ويؤيده في الرأي عبد الرحمن مكاوي بقوله إن "الهدف من اقتناء أسلحة متطورة من طرف المغرب، هو تجديد ترسانته العسكرية، خصوصا أنه بعد مرور سنوات تكون الآليات العسكرية في حاجة إلى التجديد والتطوير، خصوصا المتواجدة في المناطق الصحراوية". وكانت صحيفة "المساء"، قد ذكرت في عددها الصادر بتاريخ 10 يوليوز الجاري أن " المغرب حصل، مؤخرا، على مدرعات من نوع "فاب " (VAB)، ويتفاوض للحصول على مروحيات متطورة من نوع "أباتشي (apache) ". وأضافت الصحيفة ، نقلا عن مصادر لم تسمها، أن الجيش المغربي سيحصل على ترسانة جديدة من الطائرات الأمريكية والأسلحة الخاصة بها، خاصة صواريخ جو جو، بعد أن حصل مطلع ماي الماصي على 42 دبابة "أبرامز" في إطار اتفاقية مع الولاياتالمتحدة تقضي بحصوله على 162 دبابة من هذا النوع. وأوضحت أن المدرعات" فاب" وصلت عبر دفعات إلى ميناء الدارالبيضاء، أخرها دفعت وصلت يوليوز الجاري، في انتظار وصول صواريخ متقدمة تركب على مقاتلات "إف 16".