27 أبريل, 2018 - 07:25:00 عندما يحتج المواطنون والمواطنات سلميا في الأنظمة الديمقراطية، المسئولون الحكوميون ومسئولي الشركات يحترمون المواطنين والمواطنات بالعمل على الاستجابة لمطالبهم ولتحسين أوضاعهم الاجتماعية والثقافية ولتقليص الفوارق الطبقية وبتوفير الشغل. أما عندما يحتج مواطنون ومواطنات في المغرب فإن السلطة وأعضاء من الحكومة والمسئولين وغالبية أرباب العمل لا يترددون في ممارسة احتقار هؤلاء مواطنين ومواطنات، وفي عدد من الحالات يتكفل المخزن بقمعهم ومحاكمتهم. محمد بوسعيد، وزيرالاقتصاد والمالية يصف، في مجلس المستشارين، المشاركين في حملة مقاطعة منتوجات "سنطرال"، و"سيدي علي"، و"إفريقيا غاز"، ب"المداويخ". مسؤول في شركة "سنطرال" يعتبر مقاطعة إنتاجات الشركة خيانة للمنتوجات الوطنية المغربية. وصف وزير الاقتصاد و المالية بوسعيد في البرلمان بوصف مواطنين ومواطنات ب"المداويخ" لأنهم نادوا بمقاطعة محطات بنزين وغازوال "إفريقيا" وحليب "سنطرال" و ماء "سيدي علي"، يوضح عقلية التحقير العلني، وفي البرلمان، للمواطنين وللمواطنات لأنهم يريدون ممارسة حقهم في عدم شراء هذه المواد... إنهم "مداويخ" لأنهم شاركوا في الانتخابات كي يكون حزبكم في الحكومة. وزير الاقتصاد والمالية يعبر عن كراهيته للفئات الكادحة والمحرومة من الشعب ولمعاناتهم مع غلاء المعيشة.. الوزير الذي يخطط له المخزن مشاريع قوانين المالية لضرب القطاعات العمومية ولدعم البرجوازية الكبيرة لأن الوزير يعتبر أن هذه البرجوازية ومقاولاتها هي التي تخلق الثروة. والعكس هو الحقيقة: العمال و العاملات بعملهم هم من يخلقون الثروة التي تستولي عليها برجوازية البلاد والشركات الرأسمالية الفرنسية والأجنبية. أما المسئول ومدير مشتريات إنتاج حليب سنطرال دانون المدعو عدنان بنكيران فإنه يتهم المقاطعين لحليب شركته ومواد استهلاكية بكونهم يمارسون خيانة الوطن.. عن أي وطن يتحدث هذا المسئول؟ عن وطن فرنسا الذي يخدم السيد عدنان بنكيران رأسمالييها؟ المغاربة النبهاء يعرفون أن الرئيس المدير العام لشركة "دانون المغرب" هو الفرنسي ديديي لانبلان ( Didier Lamblin) الذي يسير في المغرب فرع الشركة الأم الفرنسية، لأن اقتصادينا لا زال مستعمرا من طرف الشركات الفرنسية (750 شركة) سنة 2016 والإسبانية (حوالي 600 شركة)...و الشركات الأمريكية حوالي 150 شركة وغيرها. وتستفيد هذه الشركات من امتيازات ضريبية إذ لا تؤدي سوى 5 % لمدة ال 5 سنوات الأولى، ثم بعد ذلك 12 % لمدة 20 سنة ولها حق إخراج جميع أرباحها ورساميلها متى شاءت. ومن المؤسف والبئيس أن الحكومة تتبجح بكونها تقدم تسهيلات وامتيازات كبيرة للشركات الرأسمالية الفرنسية و الأروبية: مناطق صناعية بأبخس الأثمان ، إعفاءات ضريبية ، نهب ثروات البلاد وتشغيل العمال والعاملات المغاربة بربع أجر العمال في فرنسا و أروبا ! إنها عجرفة وازدراء المسئولين الحكوميين ومسئول من شركة "دانون" و التي أدت بمواطنين وبمواطنات إلى الغضب الذي ما فتئ يزداد وقد يتطور إلى احتجاج وطني ضد السياسية الاجتماعية السائدة التي يقررها المخزن وتمارسها الحكومة. وإذا افتحصنا رقم معاملات شركة "مجموعة دانون المغرب" لإنتاج وترويج الحليب ومنتجاته نجد أنه يعادل 6.74 مليار درهم لمجموعة دانون المغرب وصلت نتيجة 53 مليون درهم، بحلول عام 2015. وارتفع نصيب الناتج الصافي لشركة "مجموعة دانون المغرب" 94.3 في المائة ليصل إلى 115 مليون درهم في نهاية عام 2017، بفضل انخفاض كبير في نفقات الاستغلال. إنتاج هذه الشركة يصل إلى 631 626 طن من الحليب ومشتقاته ، و حصتها في السوق تصل إلى 65 %. شركات تصنيع الحليب ومشتقاته تشتري اللتر الواحد من التعاونيات بثمن 3 دراهم وعندما تحدد هذه الشركات عدم جودة الحليب أو خلطه بالماء لا يتجاوز الثمن ال2.5 دراهم. وبالتالي فإن أرباح هذه الشركات كبيرة إذا استحضرنا أثمان مشتقاته الياغورت واللبن والجبن... الخ أما البنزين والغازوال فإن الدولة ومالكي محطات التوزيع حصلت على أرباح خيالية منذ سنة 2014. سنة 2013 وصل سعر برميل النفط في السوق العالمي 130 دولار، لكنه في سنة 2014 بدأ هذا السعر ينخفض إلى أن وصل في منتصف سنة 2014 إلى 30 و 32 دولار للبرميل، أي نسبة الانخفاض وصلت إلى 75 %. ولنلاحظ تطور أسعار برميل النفط في السوق العالمي: من 2014 إلى 2015 : تأرجح برميل النفط في السوق العالمي بين 40 دولار و 30 دولار. من بداية 2015 إلى 2016 : .............................. .......بين 30 دولار و 58 دولار. من بداية 2016 إلى 2017 : .....................................بين 58 دولار و 66 دولار. ورغم ذلك لم ينخفض سعر البنزين والدييزل في المغرب سوى ب 3 دراهم في أحسن الحالات ليبقى مرتفعا اليوم سعر البنزين بين 9.9 درهم و 10.2 درهم ، وسعر الدييزل بين 8.1 درهم و 9.94 درهم. رغم أن الحكومة السابقة، قبل تحري سعر النفط، كانت تدعي أنها تطبق المقايسة. والواقع لو كانت تطبق هذه المقايسة المزعومة لانخفض سعر البنزين إلى 4 دراهم والدييزل إلى 3 دراهم في أقوى انخفاض نهاية سنة 2014، ويصل سنة 2018 في أقوى ارتفاع إلى 6 دراهم فقط. واليوم، لنقارن كذلك أسعار البنزين والغازوال في المغرب مع أسعارهما في تونس. رغم أن تونس تمر من أزمة الاقتصاد التونسي وتعاني أزمة اجتماعية عميقة، منذ بداية سنة 2011 بعد إسقاط نظام "زين العابدين بن علي" ولم تستطع لحد الآن تجاوزها. مقارنة بين أسعار البنزين والدييزل في المغرب و تونس ، 01 أبريل 2018 في المغرب في تونس : بنزين ممتاز: 11.01 / لتر البنزين الرفيع بدون رصاص 1.85 = بالدرهم المغربي 6.93/ لتر الغازوال (ديزل): 9.69 / لتر الغازوال 50: 1.61 دينار ، 1 دينارتونسي = 6.03 درهم مغربي / لتر * ملحوظة : 1 دينار تونسي = 3.74 درهم أما ماء "سيدي علي" وغير فإنه يدخل في منطق نهب ثروات الشعب المغربي من طرف طبقة المحظوظين الموالين للمخزن الذين يفرضون أسعارا مرتفعة لبيع الماء للشعب المغربي و الحصول على أرباح خيالية. وبالتالي، كان طبيعيا ومشروعا أن يبدأ مواطنون ومواطنات، بعد الرفع المستمر لأسعار مواد الاستهلاك اليومي للشعب المغربي، منذ 20 أبريل بحملة مقاطعة إنتاجات شركات "دانون" (الحليب ومشتقاته) و إفريقيا (بنزين وغازوال) وماء "سيدي علي" ولمناهضة الجمع بين تدبير الشأن العام و الحكومي والمال. وقبل ذلك كان طبيعيا ومشروعا أن ينتفض المواطنين والمواطنات في منطقة الريف وجرادة ضد التهميش الاقتصادي والحكرة. ولأن انتفاض الريف وجرادة يفضح ويضرب مصالح برجوازية الريع التي تسيطر على خيرات الشعب المغربي المنجمية و البحرية والفلاحية، تحركت آلة القمع لتعتقل حوالي 500 من المواطنين والمناضل سياسيين وتحاكمهم بتهم من صنع هذه الآلة القمعية. وبالتالي إن مطلب إطلاق سراح جميع معتقلي الاحتجاج الاجتماعي والمعتقلين السياسيين ومعتقلي حرية التعبير والصحافة مطلب ديمقراطي شعبي لا نفهم سبب تَخَلُّفِ القوى السياسية والنقابية والمدنية التي تُعتبر ديمقراطية عن مهمة النضال المستمر لإطلاق سراح جميع معتقلي الاحتجاج الاجتماعي والمعتقلين السياسيين ومعتقلي حرية التعبير والصحافة. المواطنين والمواطنات الذين يتفاعلون إيجابيا مع مثل هذه المبادرات يطمحون إلى وقف تدهور أوضاعهم الاجتماعية وتغييرها نحو أوضاع حياة أفضل تصون كرامتهم. والطبقة البرجوازية الحاكمة ونخبها السياسية لا يعترفون بهذا الحق للمواطنين وللمواطنات البسطاء. لكن لا يستحيي المسئولون في الحكومة و البرلمان من إغراق الساحة السياسية و الاجتماعية والبرلمان والتلفزة بخطاب "الديمقراطية" و"خدمة مصالح الشعب"، في حين يطبقون سياسية دعم مالي و لوجستيكي وإعفاءات ضريبية... وضمان مصالح البرجوازية الكبرى وشركاتها والشركات الرأسمالية الامبريالية.