22 ماي, 2016 - 10:18:00 "ستقدم الجماهير الطلابية على محاكمة فتاة جماهيريا وفق أعراف الإتحاد الوطني لطلبة المغرب" بهذه الجملة، نفذ مجموعة من الطلبة القاعديين في الحي الجامعي بمدينة مكناس فعلتهم في حق الفتاة (شيماء) التي تعمل نادلة بمقصف الحي الجامعي والبالغة من العمر 23 سنة، هذه المحاكمة الصورية التي نفذها مجموعة من الطلبة خلصت إلى حلق شعر الفتاة بالكامل وحاجبيها وتعصيب عينيها وتكبيل يديها مع توجيه ضربات إلى مختلف أنحاء جسدها وتهديدها ببتر يديها، كما تروي شيماء في إحدى تصريحاتها. " البرنامج المرحلي.. من أين جاؤوا؟ " بالعودة إلى سنة 1962 وأثناء المؤتمر التأسيسي ل "الاتحاد العام لطلبة المغرب"، الذي كان أول جسم ينشق عن "الاتحاد الوطني لطلبة المغرب", نقرأ في أدبيات الفصيل "الإستقلالي" (نسبة إلى حزب الإستقلال)، أن سبب أول انشقاق داخل أول وأكبر منظمة طلابية مغربية يعود إلى ما سمته وثائق "الاتحاد العام لطلبة المغرب" "الانحراف الكلي لهذه المنظمة (أوط م) وخروج قيادتها عن المبادئ الأساسية لضمان الوحدة الطلابية... وكان لابد من إيجاد البديل لإنهاء حالة الزيف التي اعترضت الحياة الطلابية، وكان هذا البديل هو: الاتحاد العام لطلبة المغرب" . ظن الكثيرون أنداك أن رحلة البحث نحو إيجاد تيار ينبذ العنف ويؤمن بالتعدد والديمقراطية قد شقت طريقها نحو الأمام غير أن انشقاقات واتهامات بالخيانة أفرزت بعد سنوات ما يسمى ب" البرنامج المرحلي". حدث ذلك سنة 1986، وظهر هذا التيار بعد صدور وثيقة داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب تحمل عنوان "من اجل تجذير الوعي الطلابي" أطلق على أصاحبها لقب "التحريفيين" باعتبارها وثيقة لا تخدم الروح الحقيقية للحزب الماركسي الحقيقي وإنما هي تحريف لأدبيات هذا التيار، وفق المراجع التي أطلع عليها موقع "لكم". من هم أصجاب "البرنامج المرحلي".. وأين يتواجدون؟ كانت فترة الثمانينات لحظة بروز العديد من التيارات اليسارية داخل الجامعة المغربية، نتيجة تشتت الحركة اليسارية وبروز منافسين لها داخل الساحات الجامعية. وأمام عدم قدرة الفصائل اليسارية على التوحد تشتت إلى عدة تيارات متناحرة فيما بينها ومع منافسيها من التيارات التي بدأت تتبلور داخل الجامعة آنذاك خاصة الإسلاميين والأمازيغ. في هذا السياق المضطرب ظهر فصيل "البرنامج المرحلي" كتيار بديل عن تيار "الطلبة القاعديين" اليساري، الذي أصبح يٌنظر إليه بأنه انحرف عن الخط النضالي للحركة الطلابية، وهكذا تقدم "قاعديون" بجامعة وجدة عامي 1986 و1987 ببرنامج بديل مشكل من ثلاثة نقط، تضمنت المطالبة برفع الحظر العملي عن إوطم، مواجهة البيروقراطية، مواجهة ما يمكن مواجهته من "إصلاح التعليم"، أسموه "بالبرنامج المرحلي". وابتداء من بداية تسعينات القرن الماضي بدأ هذا الفصيل يتبلور داخل المواقع الجامعية كأحد التيارات القاعدية المتشددة في مواجهة الإسلاميين والأمازيغ وكل من يخالفه الرأي. وحاول احتكاره النطق باسم حركة "الطلبة القاعديين" أحيانا وباسم الحركة الطلابية و"أوط م"، وبدأ يسلك بعض الممارسات العنيفة والدموية تجاه المخالفين لرأيه أو المنشقين عن صفوفه. وطيلة سنوات التسعينات من القرن الماضي ستشهد الساحة الطلابية عدة انشقاقات في صفوف "القاعديين"، ولم يسلم تيار "البرنامج المرحلي" نفسه من انشقاقات. ومنذ نشأته اعتمد هذا التيار على تراث الحركة الماركسية اللينينية المغربية لبلورة إيديولوجيته التي ستشهد انقسامات تمخضت عنها تيارات لاجامع بينها سوى أنها انشقت عن نفس الجدع أي تيار الطلبة القاعديين. ووفقا لمصادر طلابية، فإن طلبة "البرنامج المرحلي" يتواجدون في جامعات مغربية معينة، بينما يعملون جديا على بسط سيطرتهم عليها وكثيرا ما يؤدي تعصبهم إلى اصطدامات مع الطلبة الآخرين، وهذه الجامعات متواجدة بمدن: فاسومكناس ومراكش واكادير ووجدة والراشيدية وتازة. معارضة للجميع.. الكثير من الفصائل الطلابية الأخرى، غير منسجمة مع فصيل "البرنامج المرحلي" وهو الذي لا ينخرط معهم بأي شكل من الأشكال في أي نشاط ولا يوافقهم توجهاتهم، وقد بدأ ذلك جليا منذ أن قررت 5 مكونات طلابية سنة 2010 إطلاق ندوة 23 مارس التي سعت إلى نبذ العنف الجامعي وتبني أرضية مشتركة ضمنهم فصيل النهج القاعدي بمراكش، وبحسب معطيات مستقاة من مصادر طلابية، فإن هذا التيار كان قد أعلن سابقا تبنيه للفكر الماوي. ذات المعطيات تفيد، أنهم بمنظور حلقي وعصبوي للنضال السياسي والطلابي، عارضوا تجربة 23 مارس ورفضوا الانسجام مع الأرضية المشتركة بين باقي الفصائل الطلابية. العنف عند فصيل "البرنامج المرحلي" في سنة 2014، وعلى اثر مقتل الطالب عبد الرحيم الحسناوي في مدينة فاس، طالب فصيل طلابي "إسلامي" سترتفع لأول مرة أصوات تطالب بإدراج هذا الفصيل ضمن قائمة المجموعات الإرهابية لتبنيه العنف وتشبثه بخيار العنف، غير أن متابعين للحركة الطلابية في المغرب يعتبرون أن خيار العنف ليس قاعدة تنظيمية لدى هذا التيار، ويرى الصحافي والناشط صمد عياش، أن فصيل البرنامج المرحلي يتكون من عدة فصائل تعتبر نفسها امتدادا لتجربة " الطلبة القاعديين" . ما وقع للفتاة "شيماء" يسمى في أدبيات فصيل "البرنامج المرحلي"، ب "المحاكمة الشعبية"، وهي نوع من المحاكمات التي يقوم بها أبناء هذا التيار في حق كل من ثبت في حقهم الخيانة أو أي إجراء يناقض أدبيات التنظيم، ويتم تنفيذ قرارات المحاكمة التي تتم في ساحة الجامعة وبحضور مئات الطلاب عبر حلقية كبيرة، هذا التيار يعتبر ذلك إحكاما للتنظيم وتدبير صارم لمواجهة "الاختراق" و"التفكيك". هذه "المحاكمات الشعبية"، يطلق علي الشعباني، أستاذ علم الاجتماع وصف "الفوضى الجماعية" باعتبارها، تنم عن الفوضى وعدم الإعتراف بالمؤسسات، وهي تعبير عن تناقض صارخ، للطالب الجامعي الذي يعول عليه في قيادة مستقبل البلاد". وفي هذا الصدد يقول علي الشعباني، في تصريحات خاصة لموقع "لكم" إن هذه الممارسات ليست وليدة اللحظة، وإنما هي امتداد منذ سنوات السبعينيات، مشيرا إلى أن ظاهرة العنف داخل الجامعة المغربية عرفت تطورا كبيرا حيث انتقلت من المواجهة بين الطلبة اليساريين والطلبة الإسلاميين، إلى المواجهات متعددة الأطراف، شملت الطلبة الأمازيغ والصحراويين. ويؤكد الشعباني أن الخلاف وصل إلى صراعات عرقية وإديولوجية وسياسية، انتقلت من الصراع الفكري والتناظري إلى الصراع بالضرب والجرح والقتل.