21 ماي, 2016 - 06:27:00 "ستقدم الجماهير الطلابية على محاكمة فتاة جماهيريا وفق أعراف الإتحاد الوطني لطلبة المغرب" بهذه الجملة، نفذ مجموعة من الطلبة القاعديين في الحي الجامعي بمدينة مكناس فعلتهم في حق الفتاة (شيماء) التي تعمل نادلة بمقصف الحي الجامعي والبالغة من العمر 23 سنة، هذه المحاكمة الصورية التي نفذها مجموعة من الطلبة خلصت إلى حلق شعر الفتاة بالكامل وحاجبها وتعصيب عينيها وتكبيل يديها مع توجيه ضربات في مختلف أنحاء جسمها وتهديدها ببتر يديها، كما تروي شيماء في إحدى تصريحاتها. " البرنامج المرحلي.. من أين جاؤوا؟ " بالعودة إلى سنة 1962 وأثناء المؤتمر التأسيسي ل "الاتحاد العام لطلبة المغرب"، الذي كان أول جسم ينشق عن "الاتحاد الوطني لطلبة المغرب", نقرأ في أدبيات الفصيل "الإستقلالي" (نسبة إلى حزب الإستقلال)، أن سبب أول انشقاق داخل أول وأكبر منظمة طلابية مغربية يعود إلى ما سمته وثائق "الاتحاد العام لطلبة المغرب" "الانحراف الكلي لهذه المنظمة (أوط م) وخروج قيادتها عن المبادئ الأساسية لضمان الوحدة الطلابية... وكان لابد من إيجاد البديل لإنهاء حالة الزيف التي اعترضت الحياة الطلابية، وكان هذا البديل هو: الاتحاد العام لطلبة المغرب" . ظن الكثير أنداك أن رحلة البحث نحو إيجاد تيار ينبذ العنف ويؤمن بالتعدد والديمقراطية قد شقت طريقها نحو الأمام غير أن انشقاقات واتهامات بالخيانة أفرزت بعد سنوات ما يسمى ب" البرنامج المرحلي". حدث ذلك سنة 1986، وظهر هذا التيار بعد صدور وثيقة داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب تحمل عنوان "من اجل تجذير الوعي الطلابي" أطلق على أصاحبها لقب "التحريفيين" باعتبارها وثيقة لا تخدم الروح الحقيقية للحزب الماركسي الحقيقي وإنما هي تحريف لأدبيات هذا التيار، وفق المراجع التي أطلع عليها موقع "لكم". من هم البرنامج المرحلي.. وأين يتواجدون؟ كانت فترة الثمانينات لحظة البروز، حيث أطلق عنوان "البرنامج المرحلي" والذي هو عنوان عريض لبرنامج صاغه جزء من الطلبة القاعديين في الجامعة منتصف ثمانينات القرن الماضي، بثلاثة نقاط وهناك من يقول أربع نقاط وهما" رفع الحظر العملي عن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب "اوطم" و مواجهة البيروقراطية وكذا مواجهة ما يمكن مواجهته من "الإصلاح الرسمي" أو "الإصلاحيون" الذين تبنون خطابات رسمية. ينبع فكر طلبة "البرنامج المرحلي" إديولوجيا من التراث الحركة الماركسية اللينينية المغربية وعرف انقسامات كثيرة منذ منتصف التسعينات إلى أن انقسم في العشر سنين الأخيرة لمجموعات لا جامع بينها. تسيطر كل واحدة من مجموعات فصائل "البرنامج المرحلي" المنقسمة، على موقع جامعي معين، مع اختلافات كثيرة بينهم، واشتراكهم في تبني منظور حلقي وعصبوي للنضال الطلابي والسياسي بشكل عام، انعكس على شعاراتهم المرفوعة هنا أو هناك، نظير "المجانية" أو "الاستشهاد" إلى "إحراق الذات". وفقا لمصادر جيدة الاطلاع، أن طلبة البرنامج المرحلي يتواجدون في جامعات مغربية معينة، بينما يعملون جديا على بسط سيطرتهم عليها وكثيرا ما يؤدي تعصبهم إلى اصطدامات مع الطلبة الآخرين، وهذه الجامعات متواجدة بمدن : " فاسومكناس ومراكش واكادير ووجدة والراشيدية وتازة". معارضة للجميع.. الكثير من الفصائل الطلابية الأخرى، غير منسجمة مع فصيل "البرنامج المرحلي" وهو الذي لا ينخرط معهم بأي شكل ولا يوافقهم توجهاتهم، وقد بدأ ذلك جليا منذ أن قررت 5 مكونات طلابية في سنة 2010 إطلاق ندوة 23 مارس التي سعت إلى نبذ العنف الجامعي وتبني أرضية مشتركة ضمنهم فصيل النهج القاعدي بمراكش، وبحسب معطيات ذات صلة، فإن هذا التيار كان قد أعلن سابقا تبنيه للفكر الماوي. ذات المعطيات تفيد، أن بمنظور حلقي وعصبوي للنضال السياسي والطلابي، عارضوا تجربة 23 مارس ورفضوا الانسجام مع الأرضية المشتركة بين باقي الفصائل الطلابية. العنف عند فصيل "البرنامج المرحلي" في سنة 2014، وعلى اثر مقتل الطالب عبد الرحيم الحسناوي في مدينة فاس، طالب فصيل طلابي "إسلامي" لأول مرة بإدراج فصيل " النهج الديمقراطي القاعدي" في قائمة الإرهاب، مشيرا إلى أن هذا الفصيل يتشبث بخيار العنف، غير أن متابعين للحركة الطلابية في المغرب يعتبرون أن خيار العنف ليس قاعدة تنظيمية لدى هذا التيار، ويرى الصحافي والناشط صمد عياش، أن فصيل البرنامج المرحلي يتكون من عدة فصائل تعتبر نفسها امتدادا لتجربة " الطلبة القاعديين" . ما وقع للفتاة "شيماء" يسمى في أدبيات فصيل البرنامج المرحلي، بالمحاكمة الشعبية، وهي نوع من المحاكمات التي يقوم بها أبناء هذا التيار في حق كل من ثبت فيهم الخيانة أو أي إجراء يناقض أدبيات التنظيم، ويتم تنفيذ قرارات المحاكمة التي تتم، في ساحة الجامعة وبحضور مئات الطلاب عبر حلقية كبيرة، هذا التيار يعتبر ذلك إحكاما للتنظيم وتدبير صارم لمواجهة " الاختراق" و"التفكيك". أطلق علي الشعباني، أستاذ علم الاجتماع وصف "الفوضى الجماعية" في تصريح لموقع "لكم" على ما يتبناه الطلبة القاعديين باسم "المحاكمات الشعبية" باعتبارها، حسب الشعباني، تنم عن الفوضى وعدم الإعتراف بالمؤسسات، وتناقض صارخ، للطالب الجامعي الذي يعول عليه في قيادة مستقبل البلاد". وفي هذا الصدد يقول علي الشعباني، إن هذه الممارسات ليست وليدة اللحظة، وإنما هي امتداد منذ سنوات السبعينيات، مشيرا إلى أن ظاهرة العنف داخل الجامعة المغربية عرفت تطورا كبيرا حيث انتقلت من المواجهة بين الطلبة اليساريين والطلبة الإسلاميين، إلى المواجهات متعددة الأطراف، شملت الطلبة الأمازيغ والصحراويين. مؤكدا، أن الخلاف وصل إلى صراعات عرقية وإديولوجية وسياسية، وانتقلت من الصراع الفكري والتناظري إلى الصراع بالضرب والجرح والقتل.