بقراره المفاجئ وخطوته المثيرة بالانتقال للعب بصفوف إتحاد جدة السعودي، يكون متوسط ميدان الأسود كريم الأحمدي قد فتح على نفسه جبهة انتقادات واسعة خاصة وأنه وقع على موسم أكثر من رائع رفقة فاينورد بالبطولة الهولندية توجه على إثرها جمهور فريقه بجائزة أفضل لاعب بالموسم. الأحمدي الذي راكم خبرة واسعة بالبطولة الإنجليزية ورضع من ثدي الاحتراف بهولندا لم يستفد من دروس من سبقه و خاصة نور الدين البوخاري الذي انتقل للعب بنفس الفريق قبل أن يصادف صعوبات جمة جعلته ينتهي عاطلا و ينهي مستقبله مع الأسود بسبب غرقه حتى الكاحل في مشاكل مع عميد الكرة السعودية. العودة للإيرديفيزي بعد 3 سنوات قضاها بالبطولة الإنجليزية وانتظم خلالها على مستوى الظهور رسميا وقارع لاعبين كبارا ومن المستوى العالي والعالمي، اختار الأحمدي العودة من جديد للبطولة الهولندية على الرغم من العروض التي كانت على طاولته بعد ترك أسطون فيلا ومنها عرضي سندرلاند ونيوكاسل. قرار ترك الكثير من علامات الدهشة والاستغراب بادية على متتبعي أخبار كريم الأحمدي سيما وأن انطلاقته كانت من هولندا وخيار العودة من جديد لهولندا يبدو غير لائق وهو في قمة النضج والعطاء. وعلى الرغم من ذلك استحسن البعض القرار خاصة وكونه فضله على كثير من العروض الخليجية ومنها عرضين من السعودية وواحد من الإمارات لوجود فوارق لا يصلح معها قياس بين مستويات الكرة بأوروبا وإيقاعها المرتفع والكرة الخليجية. الأفضل بفاينورد خَوض فينورد مسابقة الأوروليغ ومواجهته لفرق كبيرة منها نادي إشبيلية، الفريق المتوج بنسختين على التوالي، وتقديمه مستويات فنية كبيرة، إضافة للأداء الموفق والثبات على نفس المستوى طيلة الموسم جعل أنصار النادي الهولندي يتوجونه بجائزة الأفضل بفريقه على الإطلاق. ما وقع عليه الأحمدي كان لا بد و أن يكافأ عليه داخل المنتخب المغربي الشيء الذي جعل الزاكي بادو يشيد به في كثير من المناسبات و يعتبره واحدا من الثوابت والقطع الأساسية التي لا محيد عنها داخل فريق الأسود. وتوقع الكل أن تكون عودة الأحمدي لأجواء فاينورد واستحواذه على الأفضلية داخل الفريق بمثابة انطلاقة جديدة يعيد من خلالها اللاعب ترتيب أموره من جديد في أفق التوقيع على انطلاقة واعدة أخرى صوب فريق أوروبي كبير قبل أن يحدث العكس ويظهر بالواجهة عرض إتحاد جدة السعودي الذي رحب به اللاعب. إغراء الدولارالتقارير التي أوردتها الصحف السعودية والتي تحدثت عن جوانب الإغراءات المالية في عقد اللاعب والمزايا التي قدمت له والتي لم يسبق وأن تقاضاها طوال مشواره بأوروبا (راتب سنوي بحدود مليار ونصف مليار سنتيم) وجوانب أخرى، حفزت الأحمدي على حسم مواقفه والإقتراب بشكل كبير من إنهاء كافة الترتيبات التي ستجعله واحدا من أفراد عميد الكرة السعودية الموسم القادم.. وكان للحادث الذي طال اللاعب مؤخرا بعدما تعرض بيته للسرقة من أفراد إحدى العصابات بهولندا، وعلى إثره ضاعت عنه وثائق مهمة منها جواز سفره الهولندي ، وهو الأثر الكبير الذي دفع الأحمدي نحو تغيير قناعاته ومواقفه والتفكير في خطوة ومبادرة لم تكن متوقعة حتى الأمس القريب بالاحتراف بالخليج. دولية مهددة صحيح، هو اختيار وقرار يملك فيه الأحمدي مطلق الحرية والصلاحية إلا أنه بالمقابل قرار سيتحمل اللاعب تبعاته وتداعياته خاصة تلك المرتبطة بمصيره رفقة المنتخب المغربي. قناعات الناخب الوطني الصارمة جدا في التعامل والاعتماد على لاعبي هذه المنطقة داخل الأسود والاستثناءات القليلة جدا التي ظل يؤمن بها، وكان آخرها حضور أسامة السعيدي لاعب الأهلي الإماراتي أمام المنتخب الليبي وخوضه نصف جولة، يجعل مصير الأحمدي داخل صفوف المنتخب المغربي غير واضح المعالم ولا تحفه الكثير من الضمانات. ما عاشه لاعبون سبقوا الأحمدي لهذه المغامرة وخروجهم من حسابات الزاكي يجعل من الصعب القبول بكون الأحمدي سيظل احتكاما لمعيار السن أولا، وطبيعة الاختيار ثانيا، تعد من الأسس الصلبة التي تشكل نواة الاختيار داخل صفوف أسود الأطلس في الفترة القادمة. هرماش والبوخاري وآخرون لاعبون دوليون سبق وأن جربوا صعوبة الجمع بين الإحتراف بمنطقة الخليج ومراكمة المال السهل وبين الحفاظ على مكانتهم داخل صفوف المنتخب المغربي. آخر لاعب جسد هذا النموذج كان هو عادل هرماش والذي اختار وعلى نحو مفاجئ وهو صغير السن ترك البطولة الفرنسية وغيرها من العروض الجيدة التي كانت على طاولته بأوروبا ليقرر اللعب بصفوف نادي الهلال ومنها التعريج باتجاه الإمارات العربية المتحدة، والخلاصة أن اللاعب صار مجرد ذكرى وهو صغير السن على مستوى حضوره الرسمي رفقة المنتخب المغربي. نور الدين البوخاري نموذج آخر للاعب قادم من ثقافة مختلفة وتربى تربية مغربية هولندية ليصطدم بواقع الرئيس الشهير للإتحاد البلوي والمحصلة النهائية خلافات وصراعات وغياب عن المباريات ونزاع أمام (الفيفا) ودولية في مهب الريح. وبعدهم مصير اللاعب جواد الزايري والذي لم يكتب له الاندماج والتأقلم مع أجواء البطولة السعودية فتركها سريعا. وبالإنضمام الوشيك للأحمدي ترتفع كوطة الحضور الخاص بلاعبي الأسود بالخليج (الأحمدي والسعيدي وياجور ومتولي) وهو ما سيفرض على الزاكي إعادة ترتيب أموره والبحث عن خيارات بديلة تشغل نفس المراكز والأدوار ليقينه التام والمطلق أن الإعتماد على لاعب يمارس بالخليج فيه الكثير من المخاطر والمغامرة.