نبه تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية حول تقييم الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة إلى أن هذه الأخيرة تعاني من العديد من الاعطاب البنيوية التي لم تستطع كافة الإجراءات والتدخلات التي تم اعتمادها طيلة السنوات الماضية التغلب عليها. وتوقف التقرير البرلماني على مشكل التمركز الإداري، فبالرغم من التدخلات الإصلاحية السابقة التي اهتمت بموضوع اللاتمركز الإداري إلا أن واقع الأمر يبرز أن الإدارة العمومية ما زالت تعاني من مركزية مفرطة، مما فوت على النغرب فرصا مهمة للتغيير والإصلاح وتقريب الإدارة من المواطنين. وتكمن أبرز تمظهرات هذا التمركز، حسب التقرير، في غياب التوازن بين اختصاصات السلطات المركزية والمصالح اللاممركزة، حيث إن معظم الاختصاصات تم الإبقاء عليها في المركز دون إعطاء المصالح الخارجية صلاحيات واختصاصات ذات قيمة تقريرية، مما كان يحتم على المواطنين التنقل غالبا إلى المركز لقضاء أغراضهم الإدارية، ويطرح تساؤلات حول جدوى المصالح الخارجية. كما أبرز التقرير إشكال تركيز الموارد المالية والبشرية في المصالح المركزية لاسيما الأطر العليا والكفاءات في مقابل المصالح الخارجية التي عانت دائما من قلة الموارد البشرية والاعتمادات المالية، مما حد من تأثيرها وتدخلها. ورصد ذات المصدر ضعف الخدمات المقدمة للجالية المغربية المقيمة بالخارج، التي لطالما اشتكت من تردي الخدمات الإدارية للقنصليات المغربية. كما أن من العناوين البارزة للإدارة العمومية بالمغرب، أنها إدارة معرقلة للاستثمار ومفتقرة للإنتاج، حيث يسود التأخر في معاجلة ملفات مشاريع الاستثمار، وغياب التفاعل مع الاستفسارات والشكايات والمشاكل التي تعترض المستثمرين، فضلا عن تعقد المساطر الإدارية. وسجل التقرير أن نظام الوظيفة العمومية كلاسيكي، إذ يعاني من عدة نقائص تزداد حجما وكلفة مع مرور الزمن، حيث اتسم هذا النظام بالضعف في الاعتماد على مبادئ الكفاءة والاستحقاق وتكافؤ الفرص في الولوج إلى الوظيفة العمومية، فضلا عن قصورها في الجانب المتعلق بمنظومة تنقيط الموظف، حيث إن عددًا كبيرًا منهم يعتبر الوظيفة العمومية وسيلة تضمن لهم أجرا قارا دون الاخذ بعين الاعتبار مردوديتهم وإنتاجيتهم، مما يؤثر سلبا على أداء الإدارة العمومية ويضعف العلاقة بين الإدارة والمواطن. ومن جملة إشكاليات الإدارة العمومية بالمغرب تضخم الأجهزة الإدارية، إذ تتسم المنظومة الإدارية بتضخم هذا الجهاز من خلال كثرة القطاعات الوزارية ومصالحها الخارجية بل وحتى المؤسسات العمومية، كما أن الموارد البشرية تعرف بدورها ارتفاعا كبيرا وغير موظفة بشكل يتلاءم مع تكويناتهم أو تجربتهم، مما يجعلهم في غالب الأحيان عبئا على الإدارة بدلا من أن يكونوا آلية من آليات التدبير، وذلك بسبب اعتماد التعيينات على دوافع غير مهنية، ولاسيما الدوافع السياسية والتي تقصي معيار الكفاءة والأهلية المهنية. ورصد ذات المصدر ارتفاع مؤشرات الفساد الإداري، حيث تعاني الإدارة المغربية من بعض مظاهر الفساد داخل عَدَدٍ من هياكلها، مما يضرب مبادئ الإنصاف والمساواة وتكافؤ الفرص، ويحد من فعالية وإنتاجية الإدارة، ويؤثر سلبا على علاقتها بالمرتفق، وأصبحت تشكل عائقا أمام خدمة المواطنين وأمام الاستثمار والتنمية.