دفاعا عن الرياضة وروح المنافسة وحق الشعوب في تنظيم المباريات والمناسبات الكبرى، ضد الهجمة الشرسة من قبل المنابر الإعلامية الغربية، وكل الأصوات المحسوبة على اليمين المتطرف والمؤسسات الاقتصادية وذوي النوايا السيئة من أصحاب النزعة المركزية الغربية وجمهور التابعين للحملات التشهيرية، ضد الرافضين أن يكون كأس العالم على أرض عربية، مخاوف الغرب متكررة ومبالغ في درجتها، تغذيها الاسلاموفوبيا ونزعة الاستشراق والصورة النمطية الاستعلائية، وذلك التقابل القديم بين الشرق والغرب، لكنها دوافع مثبتة في الخطاب التحريضي عن حقوق الانسان ووضعية العمالة الأجنبية وعدم ترحيب قطر للمثليين أو مايقال أنها مناهضة لمجتمع الميم، المقاطعة هنا مزاجية ومفاجئة تحمل مجموعة من الدوافع في مجملها اقتصادية وسياسية أيديولوجية، حملات ممنهجة من قبل المؤسسات والشركات والقنوات الاعلامية ونفر كبير من الجمهور المروض إعلاميا. فالعقل السياسي الغربي بخطابه واليات عمله لا يندفع بدون نتائج، الاقتصادي والمالي يتوارى ويظهر الثقافي والحقوقي، فمتى كانت هذه الاسباب كلها تلغي تنظيم المناسبات الكبرى؟ إذا كان الامر كذلك يجب التنقيب في الملفات الكبرى للغرب الاستعماري وللحروب المدمرة للغرب في العراق وأفغانستان والنهب الذي يطال إفريقيا في خيراتها الطبيعية ومصادرة حقها في الديمقراطية وبناء أنظمتها وفق قيمها دون طبع عملاتها او السيطرة على مناجمها، المفارقة هنا صارخة بين الرياضة كأداة في التقاء الثقافات والحضارات مقابل الجانب السياسي المحرك للعداء والتشهير، تناقضات الخطاب والفعل إزاء كيانات خارج سياق الغرب وهيمنته في تنظيم المناسبات الرياضية . إن قطر وغيرها من القوى النامية في العالم تستحق تنظيم كأس العالم والالعاب الاولمبية، إنها الحملة المضللة والتشويش المسيس بدافع التقليل من النجاح واعطاء صورة عن الشرق الاوسط وشعوبه، صورة مندسة في الفكر الغربي يغذيها الاعلام التافه الباحث عن الاخبار الجاهزة والمحمل بالعداء، وبالمقابل إعلامنا قليل الدفاع أو يتماهى والاخبار العابرة لأنه مطالب بإبداء الرأي المضاد دفاعا عن مشروعية التنظيم وجاهزية الاستعداد، وإن كانت هناك نواقص في مجالات معينة فالتنبيه مقبولا في المعالجة دون إقحام الرياضة في السياسة وإظهار العداء السافر بناء على تصريحات عدوانية وإلا كيف نفسر هذا العداء المستمر وشرف الاستضافة للمونديال الذي نالته قطر بجدارة واستحقاق؟ السبب يكمن في ملفها المتكامل والأموال المرصودة لذلك . لن أكون موضوعيا في عملية النقد ولا محايدا في التحليل والعرض لأن الامور هنا تتعلق بالهوى الغربي وميولات العقل السياسي والمخيال الاجتماعي التي لازالت تغذيه نزعة الاستقواء والعداء السافر والكامن للاخر النقيض، نزعة الغرب الاستعلائية نابعة من الادعاء الكاذب والمزيف المتعلق بحقوق الانسان والمثلية أو سجل قطر في مجال الحقوق والحريات، الغرب هنا يخرج المكبوت الثقافي ويعبر بصوت عال عن رغبة دفينة في الكراهية والحقد للاخر، صوت الغرب في وسائل الاعلام منتشرة ومعممة حيث يتحول النقاش من الحق المشروع وتعميم الصورة عن البنية التحتية والتجهيزات الى مناقشة الاراء العابرة وأقوال الداعين للمقاطعة، هذا الاعلام الموجه يكرس الصورة النمطية في البرامج الاعلامية، ونقل الاصوات المعبرة والمنددة بقطر وسياستها ضد الحريات الفردية، وأنت تتابع الحملات الاعلامية تدرك حجم العداء من الصحف الغربية التي تدعي الريادة والسبق الاعلامي في مجال الخبر وتنوير الرأي العالمي، إعلام أقل ما يمكن القول عنه أنه متحيز وتشوبه النزعة الايديولوجية الغارقة في التقليل والدونية ضد الاخر المخالف والمتمايز، أفكاره غارقة في الاستشراق والانتقاص من الاخر، والاكيد من يرفع لواء هذا النوع من الاعلام المرئي والمكتوب هي الدول الغارقة في الاستعمار ونهب خيرات الشعوب، الخوف الظاهر والكامن أن تنهض شعوبنا وتنظم مثل هذه المناسبات هو ما يشكل هواجس الخوف والترقب من النجاح وتنقلب الصورة عكس مايرغبون، وتقدم قطر نموذجا راقيا في التنظيم وحسن الاستقبال . السياسة وازدواحية المعايير هي من تغذي هذا التحريض والامتناع عن بث المباريات في الفضاءات العمومية، وغالبا ما يوجه السؤال عن المثلية وحقوق العمال وضحايا العمل للمنظمين، وقطر مافتئت تفند ادعاءات الغرب وإعلامه المزيف بالقول أنها على استعداد لاستقبال الكل دون مفاضلة أو تمييز بين اللون والثقافة والدين، تكلفة مونديال 2022 عالية وبجودة ممتازة، حوالي 220 مليار دولار، الأعلى في كل البطولات، اما الرابح هنا فهي السياسة القطرية ورؤية أهلها للمستقبل، وتلك شهادة أخرى من الفيفا والمنظمين، وكل من عاين المكان والمستوى الفني في التنظيم، ستكون هذه النسخة مثالية بكل المقاييس، ولنا في العودة الىى المناسبات السابقة للمقارنة خصوصا في روسياوالبرازيل، ومارافق ذلك من صمت وعدم التشهير بروسيا في حربها وسيطرتها على القرم، وما تبع من كلام عن الهاجس الأمني في البرازيل، دوافع الغرب عنصرية استصالية تخفي علاقة الغرب بالاخر، وهاجس الاحتكار لكل ما هو سياسي ورياضي، فقد خرج علينا رئيس الفيفا السابق بالتصريح الكاذب والمخادع عن ندمه للتصويت لصالح قطر، انتظر هذا الرجل مدة من الزمن للتعبير ومحاباة أمريكا بعد اكتشاف فساده، يريد الأضواء من جديد، ويكشف عن جذور الحقد بعدما كان ممتلئا بالفرح والنشوة في منح فرصة للشرق الاوسط، حيث هناك ثقافة أخرى ودين اخر رغم أن عالم الكرة لا يجب أن يكون مسيسا، ولأن لغة الكرة عالمية مشتركة فروح المنافسة وإبراز قدرة المنتخبات المتنافسة أفضل للتقارب والالتقاء بعيدا عن السياسي والديني، وكلما اقترب الموعد يصاب الغرب بالسعار، ويصب غضبه على اللحظة التي اختارت الدول التصويت لفائدة قطر. لا يمكن للشعوب تغيير قيمها إرضاء للغرب وأهوائه، ولا يمكن للغرب الهيمنة على اللعبة وجعلها أوروبية، ولأن تكلفة المونديال عالية فإن السياسة الرياضية القطرية قدمت نماذج ممتازة من الملاعب، وفنادق الاستقبال وجودة النقل وتأمين السلامة أملا في راحة الجماهير، كما وظفت إمكانيات مادية ومعنوية للترحيب بالقادمين من كل بلاد العالم . فرنسا العلمانية وصاحبة السجل الأسود في نهب الشعوب والسيطرة على خيراتها من الدول الرائدة في الهجمات العنصرية وحملات التضليل وصناعة الكاريكاتير المسيئ للعرب والمسلمين، نحن من يطالبها بالاعتدار وتحسين صورتها من الاخر والكف عن المعايير المزدوجة وعدم الاساءة وتسخير قنواتها الاعلامية ضد حق الشعوب في احتضان المناسبات الرياضية الكبرى، نرغب أن تلعب فرنسا بوجه مكشوف دون قناع الحريات وتخفي لهفتها للمال وخيرات الطبيعة. الغرب يفاوض ويناور بكل الأدوات الديبلوماسية الممكنة، والتهديد أحيانا بالعقوبات عندما يكون هناك مخاطر على مصالحه الحيوية، يتوددون من أجل الغاز المسال وشحن ناقلات البترول والظفر بالخيرات الطبيعة، يلين خطابهم من أجل صفقات السلاح وعقود بيع الطائرات والمسلزمات الصناعية، يبرمون عقودا طويلة المدى، ويرغبون في تحفيز العرب على الاستثمار في الرياضة والصناعات، والتودد في فتح الاسواق العربية للشركات الغربية، بالمقابل يقابلونك في الخفاء والعلن بحملات التشويه والتشويه، حملات طالت الثقافة وحملت رواسب الافكار المناهضة للاخر، إنهم يسكتون عن ثقافة اليمين المتطرف، ويعتبرون ذلك حرية فردية، ودفاعا عن الوجود من سيادة الاستبدال، يزرعون الخوف ويبثون نار العنصرية ويتراجعون للوراء، يؤيدون مواقف الرجل الابيض اتجاه الأسيويين والأفارقة، يعتبرون أوروبا حديقة وسط غابة، تتفاجأ بمواقف الكبار من الزعماء السياسيين ومن لاعبيين قدماء وجدد يحملون في أعماقهم وأفكاره عنصرية الرجل الابيض، مواقف هذا الرجل المريض بعصاب إسمه الاخر، هذا التفكير يقوي رغبة العرب والقطريين وكل شعوب العالم الاخر المختلف في ترسيخ صورة مشرفة عن جودة التنظيم وحسن الاستقبال وتأمين الفضاءات، يجب الاحتياط من ردود الأفعال المبالغ فيها، لا نخاطب الغرب بالعواطف والمشاعر النبيلة، أن يكون الخطاب واقعي وعملي عندما يحرص القائمون على تقديم صورة راقية عن الحضارة والانسان . سينبهر الجمهور العالمي بهندسة المكان وروعته، يكتشف الناس ثقافة جديدة، يعود الغرب نحو الشرق منبع الحضارات وأصل الاديان، المكان هنا يعج بالحيوية والهدوء، عالم الصحراء والسخاء، عالم إلتقاء الشرق بالغرب، إنصاف للشرق الاوسط وحقه في تنظيم المناسبات العالمية بعيدا عن القارة العجوز وهيمنة أمريكا، انتصار للروح الرياضة وسمو الرياضة على الحروب والنزاعات، فقد أبدى رئيس الفيفا الحالي "جياني انفانتينو" في كلامه قدرة قطر على تنظيم كأس العالم 2022، وستكون النسخة الأفضل على الاطلاق، لأن الملاعب الثمانية جاهزة وبجودة عالية، والبنية التحتية ممتازة والخدمات كذلك، فهناك جاهزية من الناحية المادية والمعنوية، فلا يهمنا المنتخبات التي ترتدي السواد أو الألوان المنغلقة، ولا رؤى اللاعبين الفاشلين الذين طواهم النسيان، أما الحملات في الصحف الغربية المرئية والمكتوية، وما ينشر على شبكات التواصل، وتلك الاصوات التي تهدد بمقاطعة المباريات ومنعها في الشوارع كلها تنتهي للفشل، الحدث عالمي سيتابعه الملايين من كل بلدان العالم، من عشاق المستديرة في أمريكا اللاتينية ومن أفريقيا واسيا، الفرنسيون والانجليز والألمان والدنماركيون يعرفون أن نسخة قطر ستكون مذهلة بكل المقاييس والمواصفات، والربح الذي يمكن استخلاصه يتعلق بتعديل الأفكار ضد الاخر، واعتراف الغرب بقدرة العرب على تنظيم المونديال، وإذا كانت المدن الفرنسية تمنع مشاهدة المباريات في الساحات العامة تحت مسميات واهية فإن حكومات العالم العربي وبلدان اسيا مطالبة بتنصيب الشاشات العملاقة، وتكون الفرجة بالمجان، سيبقى المكان محفورا في الذاكرة حتى تلتحق باقي الدول العربية وتنال شرف تنظيم المونديال، ومنها المغرب والامارات العربية والسعودية ومصر كذلك، سيكون الأمر جيدا في تحسين المرافق وبناء شبكة الطرق والسكك الحديدية والعناية أكثر بالرأسمال البشري . الغرب كعادته يقلب الافكار وينقلب في مواقفه خصوصا إذا تقلصت المصالح والمنافع يلجأ للاعلام والتشهير وللأقلام المأجورة، ويسعر من لهيب الحرب الإعلامية، فقد تزامنت هذه الهجمة الشرسة في الاونة الاخيرة مع بداية الحرب الروسية الأكرانية، ورغبة زعماء الغرب في اصطفاف العالم ضد روسيا إضافة لرغبتهم في ضخ الدول الخليجية كميات أكبر من مواردها الطبيعية دون مراعاة لمصالحها الحيوية، وغالبا مايتوارى السياسي والاقتصادي وراء حملات التشهير والتشويه أو التنويه والاشادة .