طالبت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بمراجعة شاملة لمجموعة القانون الجنائي، تقطع مع منطق التعديلات الجزئية التي شهدتها هذه المجموعة، وتدفع في اتجاه التأسيس لنص قانوني حديث مستجيب لتطلعات الحركة الحقوقية. وقالت المنظمة في مذكرة أصدرتها حول "السياسة الجنائية في أفق إصلاح المدونة الجنائية"، إنه من الضروري فتح نقاش وطني هادئ حول قانون المسطرة الجنائية والسياسة الجنائية، ومشروعي قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي. وأكدت المنظمة على ضرورة إعادة النظر بشكل شمولي في مشروعي مجموعة القانون الجنائي ومدونة المسطرة الجنائية، خاصة أن الاثنين لم يعرفا سوى بعض التعديلات الجزئية التي فرضتها الضرورة، وهذا الوضع أثر بشكل سلبي على المنظومة الجنائية، حيث أفقدها الانسجام من جهة، وعدم الوضوح في السياسة الجنائية المتبعة من جهة ثانية. وشددت المنظمة أن مذكرتها استحضرت بعض الخصائص التي تتميز بها السياسة الجنائية ولزوم تطورها، وتتمثل في الخاصية العلمية التي يجب أن تستند إلى ما تعرفه مختلف العلوم والفلسفات من تطور، كفلسفة القانون وعلوم الإجرام والعلوم الجنائية وعلم الاجتماع، إضافة إلى تطور القواعد الأممية والتي منها قواعد المحاكمة العادلة وضماناتها كما هي مقررة في المواثيق الدولية، وقواعد التجريم والعقاب كماهي مقررة في المواثيق الدولية. ولفتت إلى أن ظاهرة الإجرام ظاهرة اجتماعية والظواهر الاجتماعية متغيرة ومتطورة، مما يلزم المشرع بمتابعة هذا التطور والتغيير، وما الجريمة الإلكترونية إلا واحدة من بين هذه التطورات التي لا تقتصر على البلد الواحد وإنما أصبحت عبر وطنية، لذلك فإن تطور السياسة الجنائية لصيق بتحولات المجتمع وقيمه. وأبرزت أنه من الضروري ملاءمة المدونة الجنائية مع الدستور والمواثيق الدولية، والأخذ بعين الاعتبار التوصيات الصادرة عن الآليات الأممية لحقوق الإنسان وبعض الآليات الدولية في مجال مكافحة الجريمة. وطالبت المنظمة في مذكرتها بإلغاء عقوبة الإعدام من القانون الجنائي المقبل، مستعرضة النصوص التي تحدثت عن الحق في الحياة، داعية أيضا إلى مراجعة جذرية للباب المخصص لجرائم العبادات. كما أكدت على إلزامية إجراء الخبرة الطبية في حالة ادعاء التعرض للتعذيب، واعتبار المحاضر المنجزة باطلة في حالة رفض إجرائها بعد طلبها من طرف المتهم أو دفاعه، مشددة على ضرورة جعل التحقيق إلزاميا في اداعاءات التعذيب، لضمان الحق في محاكمة عادلة. وفي قضايا العنف ضد النساء، أوصت المذكرة بجعل النيابة العامة طرفا في التبليغ عن جرائم العنف والتمييز ضد النساء، وفتح التحقيق في جرائم العنف ضد النساء، بدل جعل مسألة الإثبات على عاتق المرأة، خلافا لتشريعات دولية أخرى أوكلت للنيابة العامة وقضاء التحقيق فتح تحقيق في هذا الشأن.